محسن عبد الكريم
كان لقاءاً مميزاً .. امتزجت فيه رائحة التاريخ بعبق التطلع لمستقبل افضل لعراق لا يبدو حاضره اقل مأساوية من ماضيه .تحدث الوزير لابن شقيقة الزعيم عن مرحلة المشروع القاسمي وعن قائد الفقراء والمحرومين وعن حاجة العراق لدولة تقف إلى جانب الفقراء فما خلفه الظلم وسنوات القهر والجوع كان اكبر من اي حلم يداعب المخيلة أو يداهم أصحاب الافكار المخملية عن مشاريع الدولة الحرة !!.
ذكر الوزير بحضرة (الزعيم) ما يمكن أن يكون عليه واقع الدولة العراقية من خلال مساحة الحلم الذي كان عليه مشروع الدولة التي سعى الزعيم لبنائها في واقع الناس . ناقش اعمار العراق والانتخابات النيابية القادمة وعرج على التحديات السياسية والاجتماعية والأمنية وتحدي التنمية البشرية والاستثمار وبناء الدولة وكان (هم) البناء في نفس الوزير اكبر من كل الهموم .. فما نحتاجه دولة بحجم الحلم كما كان يناضل الزعيم ومجتمع بحجم فظرة العراقيين ومحبتهم لوطنهم كما كان يطمح قاسم ذات يوم !!. ورغم ترف المكان ووجود سلطة تتدرج في مسالك المعرفة والديمقراطية وأبهة الدولة لكن باقر الزبيدي بقي اسير زهده وتقواه ورشاقة الثقافة الربانية وحبه للناس وللتاريخ ولم يسع لمغنم هنا و مغرم هنالك ولو أراد لبسط بين يديه مايسيل له لعاب ألا باطرة وليس لعاب الوزراء العادين !!.
الزبيدي في اللقاء لم يكن ألا صورة الوزير الذي يحمل روح الزعيم .. الحريص على مال الناس ومكاسب ثورات المحرومين والمستضعفين من أبناء هذا الشعب ، وحين كان يتحدث عن (التغيير) الذي جرى في 9 نيسان 2003 لم يكن يدور في ذهنه سوى العراق ومستقبل الوطن والناس (الغلابة) وما يمكن أن تؤديه حكومة عمرها (4) سنوات لهم في ظل تحديات أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية ، عربية واقليمية ضاغطة ضدهم . الزعيم في ذهن الوزير واللقاء الذي جرى على هامش استعادة صورة قاسم كان جزءاً من صورة الوطن الذي ضيعته السياسات المجنونة والانظمة الفاسدة والقيادات المتهورة !!.وكان اللقاء فرصة للإطلالة على تاريخ العراق والإفادة من الفسحة الذهبية - التاريخية التي وفرها اعصار إسقاط النظام وان لا تغيب القوى الوطنية الحية في المجتمع العراقي وان يكون العراق الشاهد على نظرية الحياة بعد أن كان لعقود طويلة الشاهد على نظرية الموت !.
هل كان قاسم جزء من تاريخنا ؟.. هل يشكل وجود ضابط وطني باسل شيئا في يوميات السياسة العراقية الحالية .. وهل أن القيادة السياسية الحالية والقوى الوطنية في العراق وفية في علاقاتها بهذا (الباسل) المتفرد في وفائه واخلاصه ووطنيته رغم ما شاب الشخصية وطريقة الحكم وإدارة الدولة والعلاقة مع الأحزاب الوطنية والعرب والعالم من ملاحظات واخطاء ومبادرات صحيحة وأخرى خاطئة ؟. عبد الكريم قاسم شخصية وطنية ، قاتل من اجل الفقراء ودافع عنهم واعتبرهم القضية والرسالة والمشروع والشرعية والاستمرار .. وتلك واحدة من أهم أسباب بقاء الحاكم من زواله !!.
في اللقاء الذي استمر زهاء الساعتين استمع الضيوف القاسميون للزبيدي وهو يتحدث عن رؤيته للتاريخ والناس وبناء الدولة والمشاركة الواسعة المفترضة في الانتخابات التشريعية ومفهومه للفوز والخسارة ورؤيته لفكرة المكونات الرئيسية في الساحة العراقية وضرورة تشكيل برلمان متجانس قادر على رفد الدولة بالتشريعات وغير مخترق من قتلة الزعيم !!.ولاول مرة يندلق الزعيم صباحا بهيجا على لسان الوزير في مساء بغدادي .. ولم ينس الزبيدي الذي استقبل ضيوفه بالبدلة الرسمية من أن يقول لهم شيئا على ذات المائدة المتواضعة البسيطة التي كــــــــــان الزعيم يقدمها لضـــيوفه في وزارة الدفاع .
تذكرت وانا اشاهد الوزير يوزع ارغفة الخبز العراقي (الحار) على نجل شقيقة قاسم ووفد القاسميين .. رغيف خبز عبد الكريم وهو يتوزع على اصابع اطفال مدينة (الثورة) وبقايا أرواح بشرية انهكتها سنوات الظلم قبل ثورة 1958 تسكن خلف السدة وبذات الروح والق الشخصية وبساطة العيش يستعيد قاسم روحه .. ويعود الزعيم هذه المرة طائرا يفرد جناحيه للريح والفقراء فوق سماء العراق وتحت سماءه .. بروح الوزير المتواضع !!.
https://telegram.me/buratha