قاسم العجرش ـ المركز العراقي للتنمية الأعلامية
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية وأغلاق باب تسجيل الأئتلافات من قبل مفوضية الأنتخابات ظهرت تكتلات جديدة في الطيف السياسي العراقي. وأبرز ما يميز هذه التشكيلات هروبها الى الأمام من التسميات التي تدل على توصيفات طائفية، تلك السمة التي ألتصقت بالكثير من الحركات والقوى والأئتلافات السياسية و التي فرضتها الظروف الاستثنائية وعانى العراق وما زال يعاني منها.ففي المرحلة التي تلت سقوط نظام صدام بعملية قيصرية ، ولأعتبارات مفهومة، كان التأكيد على العباءة الطائفية، التي انضوت في أعطافها غالبية التكتلات السياسية، هدفا سعت لتحقيقه أغلب القوى السياسية المتنافسة في العراق. بيد أنه وبعد أن قطعت العملية شوطا مهما من ترسيخ مفاهيم عمل سياسي جديدة في العراق، يبدو ان هناك تحولا من هذه القوى باتجاه الخروج الى المواطنين بثياب جديدة فيها الكثير من الألوان لمجاراة رغبة الشارع العراقي. وهكذا سرعان ما لبست الكثير من القوى عباءة جديدة تدل على توصيفات جديدة ليس بينها تسميات طائفية أو دينية بل وحتى قومية ، وتقترب تلك التوصيفات كثيرا من الليبرالية والظلال العلمانية..جاء هذا التحول بعد ان أدركت الأحزاب والقوى السياسية ان بقاءها داخل العباءة الطائفية لن يجعلها تفوز او تحظى بمواقع في العملية السياسية في المستقبل.إن تسارع الجميع نحو إنشاء تحالفات سياسية تعتمد ولو ظاهريا على مفردات وثيمات جديدة خلاصتها التمسح بالمشروع الوطني ساهمت، حسب المراقبين، في تفكك الخريطة السياسية الطائفية التي رسمتها الظروف الاستثنائية التي سادت في البلاد في السنوات السابقة. غير ان هذا التغيير الكبير الذي حصل لدى الأحزاب العربية الشيعية والسنية لم يؤثر على التكتل العرقي الذي يحافظ عليه الأكراد، فقد بقوا متماسكين على ما دخلوا العملية السياسية بموجبه منطلقين من قوميتهم قبل أي أعتبار آخر، مع العرض أن بروز تشكلات جديدة في الجانب الكردي يبقى دائما ضمن الأطار القومي.أن السبب الأبرز الذي سارع في حدوث هذا التغيير، هو نشوء مكونات سياسية مدنية وعشائرية، وعت حقيقة أن الطائفية بمعناها السلبي لا يمكن إلا أن تؤدي الى نتائج سلبية مثلها على الواقع الأجتماعي، وسينعكس ذلك بنفس الأتجاه على مستقبل البلد بشكل مأساوي يؤدي في نهاية المطاف الى أن لا وجود لشيء أسمه (عراق) ! أن المكونات الجديدة دفعت الى الخلف بالمشروع الطائفي الذيفعله ورعاه الأحتلال متصورا أنه الوجه الحقيقي للعراق، أو أنه الوسيلة الفاعلة لضمان وجود وبقاء طويل الأمد له في العراق والمنطقة، ويبدو أن هذا بالضبط ما أنتبهت اليه القوى السياسية وجعلها تندفع الى أمام للعمل على تقليص سلطة القرار الطائفي، وهكذا و مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية لجأت القوى السياسية والأئتلافات السياسية وبضمنها الكبيرة منها الى رفع شعار خدمة المواطن العراقي من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب كأولوية قصوى.
ومع أننا لسنا إلا في المرحلة ما قبل الأخيرة من بناء العملية السياسية لما بعد سقوط صنم بغداد البعثي، والتي مرت بخمسة مراحل بدءا من سلطة كارنر العسكرية المباشرة مرورا بمحطة بريمر المدنية ومجلس الحكم الأنتقالي ومن ثم الحكومة المؤقتة وبعدها مرحلة الجمعية الوطنية وتشريع دستور وبرمان منتخب بقائمة مغلقة، ها نحن على أعتاب المرحلة ماقبل الأخيرة ، مرحلة ماقبل الخروج النهائي للقوات الأجنبية ليصار بعدها الى الوصول الى مرحلة أستقرار سياسي بعيد عن التأثير المباشر للغير ولو نظريا على الأقل!
https://telegram.me/buratha