المقالات

الفضائيات العراقية وشهر رمضان المبارك

1443 17:46:00 2008-10-01

( بقلم : الكاتب والمخرج التلفزيوني الاستاذ صباح رحيمة )

صار تقليد التزمت به كل الفضائيات والارضيات لتقديم الجيد والجديد في ليالي ها الشهر الفضيل لما لهذا الشهر من مقومات ضمان المشاهدة حيث ان لياليه لابد وان تطول بعد تناول الافطار واجتماع العائلة في وقت واحد ولما له من طعم خاص في الاجتماع العائلي واللقاءات بين الاقارب او الجيران والاصدقاء . وهذا بالنتيجة يشجع القائمين على هذه الفضائيات باستغلال هذه التجمعات لتقديم ماهو جميل ومفيد ولكن : هذه اللكن تضعنا امام عدة تساؤلات : ماهو الجميل ؟؟وما هو المفيد ؟؟؟هل الجميل هو الاستعراض لاجساد الحسنوات نصف العاريات او نصف الكاسيات ؟؟وهل هذا الجميل بهرجة في الوان الاضاءة والديكوروفراغ في المضمون ؟؟؟ ام انه الاستديوهات الفارهة التي تكتظ بالجمهور ( الكمبارس ) المصفق ببلادة؟؟وما هو المفيد ؟؟ هل هو القذف والسب والشتم وتوجيه الاتهامات جزافا ؟؟؟ ام هو مجاميع من البشر لاتعي ماتقول ولا تعرف ماذا تعمل ؟؟ اين الجيد وما هو الجديد ؟؟؟ هل ان كل جديد هو جيد ام ان كل جيد هو الجديد وان تقادم عليه الزمن ؟؟؟ اسئلة كثيرة وكبيرة لابد من طرحها لتشكل المعادل الموضوعي لما ينفق من جهد ووقت ومال . وما يقع في حباله الكثير من المشاهدين البسطاء على وجه الخصوص واصحاب النيات الحسنة وبالتالي تتشابك المفاهيم وتختلط التوجهات في اخذ وجذب . منهم من يبرر تلك العروض على انها اعطاء فسحة من الراحة والاسترخاء للمشاهد ولكن هذا التبرير يواجهه سؤال هل ان شهر رمضان المبارك وقت مناسب لعرض تلك الرقصات واستعراض الاجساد في هزالارداف والاكتاف ؟؟؟

وهل ان الخطط الاعلامية لابد وان تاخذ بنظر الاعتبار مقولة بسيطة الا وهي لكل مقام مقال . ام ان التقليد الشائع هو هذا الجديد وليكن مثل ما نريد وليس مثل ما يجب ان يكون . وان الفوازير الرمضانية اصبحت هي القاعدة ولهذا فليتسابق المتسابقون ؟؟؟.فكيف يمكن ان نجمع بين صيام اليوم الكامل وبين النظر الى تلك الاستعراضات التي احكم عملها لاثارة الغريزة من خلال كل مفردات الانتاج وعلى راسها اختيار اللقطات في الحجم والزاوية وحركة الكاميرا ؟؟

اى يمكن استغلال المال والجهد والوقت لتقديم اعمال تحمل المتعة البريئة وكذلك الفائدة واحترام هذا الشهر الفضيل وعقول ومشاعر العائلة بدل الاساءة اليه وتحويله الى مناسبة لعرض اسوء البضائع المرئية .ولماذا تهدر هذه الطاقات في مستنقع القذف والسب والشتم وتوجيه الاتهامات ونحن بامس الحاجة الى من يلملم الجراح ويقول كلمة فيها خير تقرب ولا تبعد في شهر التسامح والتاخي شهر الغفران.

فما معنى ان يطل علينا ابو حقي وهو ابو الباطل بالحقيقة هذا الحرامي منذ الطفولة حيث يسرق (الدعابل ) فرحة زملاءه ويهرب وهو نفسه الذي يكبر ويتسنم موقع في القيادة ويقع باخطاء قاتلة بعقلية بليدة صفيقة وحقد دفين اسود . والسؤال هو (من كان منكم بلا خطيئة فليرجم ) – يعلم الله ليس من باب الدفاع عن كائن من يكون – ولكن الدافع الذي يجعل هذه الفضائيات تتاجر باحلامنا وامالنا والامنا هو الذي يدفعني مثل ما يدفع الكثيرين لعرض وجهة نظره ( وبلا ملايين الدولارات ) لنقول كيف يمكن ان اصدق ما تقدم هذه الفضائية وان اتعاطف معها وهي تسب الناس وتحاول تقديم صور يريدها ان تكون عليها القائمين على هذه الانتاجات ؟؟ وليس عنده البدائل او الحلول ؟؟؟ ولا يعتمد الا الى اثارة النعرات ووضع الصغائر تحت المجهر ويطمر المتحقق ويغبن حقوق الاخرين بهدف وضع المشاهد في متاهة يظهر نفسه انه الحامي والمحامي لحقوق الناس والمدافع الامين لتحقيق احلامهم .

اعمال درامية تنوعت بين قضايا التراث والمعاصرة ... المدينة والريف .. نتاجات تراوحت درجة نجاحاتها في حدود الثقافات المتفاوته والاهداف المتباينة حيث بذلت بعض الكفاءات والطاقة الفنية جل ما لديها لتقديم عمل درامي عراقي متميزجديد وجيد ولكن سقط في غرابة البيئة وخانه الجو العام وفقد النكهة العراقية المكان الذي يشكل المقوم الاساس لنجاح العمل الدرامي واضطر للتعامل مع امكانات متواضعة اثرت سلبيا على درجة نجاحه كما هو في ( الباشا ) واستثمار ذكي ومدروس لقضايا العراق المعاصرة كما هو في (رسائل من رجل ميت ) للمبدعين حامد المالكي كاتبا وحسن حسني مخرجا ولم تنفع الجهود المبذولة للارتقاء بما في جعبة المشاركين الكبار الذي اضطر المجتهد فارس طعمة الى الاكتفاء بمشهد هروب المتظاهرين على سبيل المثال للاكتفاء بزاوية بين جدارين وبعض الاشخاص ( الكمبارس ) ولم نشاهد الا تظاهرة فقيرة في كل شيء . وهذا ينسحب على الكثير من المشاهد التي فقدت مصداقيتها وجاءت فاترة مع حرارة الاحداث التي من المفروض ان تنعكس على الجو العام وبالتالي يؤثر على التعامل مع هذا الاخفاق اخراجيا فتنزوي مقدرة وكفاءة المخرج . ومع هذا فهي تسجل لهم لا عليهم لانهم يجدون ويجتهدون لتقديم ما يمكن تقديمه للتواصل من جهة ولاعلاء صوت العراقي الذي يتحدى ويبدع وفي كل الظروف متعاملين مع هذا الظرف المفروض .

والاعمال التراثية مطلوبة لتسليط الضوء على احداث وشخصيات لها تاثيرها في حركة التاريخ العراقي ونحن احوج على كشف المستور وطرح تلك الشخصيات والتعامل مع تلك الاحداث ليتعرف عليها الجيل ويعرف شيء من تاريخ بلاده وشخصيات هذا البلد التي غطتها الكثير من النوازع والاتجاهات ويعيش خلفيات ذلك المجتمع والظروف التي عاشها المجتمع وكيف تعامل معها للخروج بدرس لابد من ان يكون الفنان هو السباق لتقديمة والكشف عن الكثير من ملابساته والغور في تفاصيله للوصول الى الحقيقة او ما يتمكن من الوصول لشيء منها .

اما الاعمال المعاصرة ( المودرن ) فلا اظنها تميزت بشيء عن الاعمال العادية التي انتجت من حيث الشكل والمضمون مثل ( بيت البنات ) و ( عندما تسرق الاحلام ) . فضلت تدور في ذلك المجتمع البائس الفقير وتلك النزعات التي افرزتها ظروف الفقر والعوز في قصة بسيطة ( ومنها مكررة وبشكل اخر ) ولكنها تحمل نكهة عراقية في قصتها وشخوصها وبيئتها .بالرغم من التعامل البسيط في طريقة تقديمها وعدم اظهار المهارات المتوفرة عند صانعيها بالكامل مع زج بعض الشخصيات زجا مقحما كان من الاجدى التخلص منها ولكنها حيكت لاغراض خاصة اظن انها اثرت سلبا على درجة نجاح العمل وافقد شيء من التعاطف وجعل فجوة في نمو الاحداث وشد المشاهد وقطع متعته كلما ظهرت تلك المشاهد وشخصياتها مثل ( عائلة قحطان وامل ) في (بيت البنات ) . اما الاعمال التي تناولت البيئة الريفية فهي لا تزال تقدم الشخصية الريفية بطريقة كاريكاتيرية وفي تنافس شديد بين تلك الاعمال من ناحية وبين العاملين في العمل الواحد .(السبع خوات ) و ( ماضي ياماضي ) و ( جريش ومريش ) فلا وجود لشخصية سوية حتى الشيخ او المثقف - اذا وجد – فالكل يتبارى في تقديم حركات وطريقة القاء او طبقة صوتية يعتقد انها تضحك المشاهد بغض النظر عن اي شيء ولان المضمون مفقود فكانت مساحة الاجتهاد ايضا مفتوحة للمثلين ولا اعتقد ان هنالك نص مكتوب جلس العاملون في جلسات نقاشية واتقفوا عليه واجتهد المخرج في دراسته وتشكيل فكرة لتنفيذه او لم يقرا اصلا بقدر ما كان هنالك كلمات على انها نص والباقي يتطور حسب الجملة او المفردة التي تخرج من فم هذا الممثل ليجيبه الاخر على اساس انه حوار درامي وبذلك لم يكن هنالك ضابط للكثير من الحوارات ولا اعتقد ان الكاتب قد كتبها فهي كما هو خط المسرح التسعيني . بحيث ان المشهد يبدا ولكن لايعرف المخرج متى ينتهي وهذا واضح للعيان من خلال المعلومة المبتورة او الحوار المقطوع او الذي ليس له تكمله وراح بطي النسيان ولم نعرف له تكملة او جواب .

ولم تمتعنا هذه ( المسلسلات ) باجواء الريف الساحر او تعرض لنا مفردات الحياة الريفية او تقدم لنا نماذج الطيبة والذكاء والحسجة عند اهلنا عدا الكرم وعزة النفس وغيرها مما عرف عن اهل الريف .بل ان الاساءة تكمن في تقديم مثل هذه الاعمال لابناء الريف ولم يرتقي صانعوها الى طرح موضوعة ريفية تتمحور حولها حكاية يمكن ان تقدم بطريقة فنية مدروسة تمتع ناظرنا ومسامعنا وتضعنا وسط احضان الخضرة لكي نشم رائحة البساتين او المزارع ونتعرف على حياة اهلنا في الماضي او في الحاضر يظهر من خلالها ابن الريف القوي الصبور والكريم والشاعر والمطرف الفطري في عشقه للارض وللحياة في حبه لحلاله وهيامه لجمال ابنة العم او الغيرة عليها وغير ذلك بشخوص ابن الريف ( ابن الجنوب في اغلب الاعمال ) بعيدا عن قلب الهرم وتقديمه بصورة البليد والساذج والمثير للسخرية حتى صار هذا مدعاة للتباري بين الكتاب والممثلين .

ويظل مسلسل ( سنوات النار) اوفر حظا من غيره لتوفر عناصر عديدة ساعدت في جعل هذا العمل في مصاف الاعمال التي يمكن ان تناقش على انها اعمال درامية في بيئة ريفية عراقية صميمة حيث كاتبها المتمرس صباح عطوان الصانع الذكي والمتمرس الجاد في تقديم هذه الاعمال في حكاياتها ومشاكلها ومفردات امثالها واشعارها وحكمها والتصوير في نفس المناطق تنقل المشاهد الى حياة ابن الهور واجواء الريف الحقيقية وحتى المجاميع ( الكومبارس ) طالما انهم من اهل المنطقة فقد تداخلت اجزاء اللوحة لتكون لوحة واقعية تبعث في النفس الارتياح من ان المشاهد واقع وهذه صبت في صالح العمل بالرغم من التفاوت بين ( امطار النار ) وبينه من ناحية التنفيذ .و يضل الهاجس الملح هو متى يكون العمل الدرامي العراقي عراقي في التوجهات والبيئة وبناء مستقبل الدراما العراقية لتعود الدراما وتتربع قمة الهرم في النوع والكم للعروض في الفضائيات العربية مادامت الفضائيات قد تعددت وانتشرت وما دام الفنان العراقي المجتهد يبذل ما بوسعة ليؤكد ذاته ويعطي فنا ملتزما بمسؤولية وشرف .

كاتب ومخرج تلفزيوني

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عاشق الوكاله
2008-10-02
فعلا مسلسل سنوات النار الذي عرضته قناة البغداديه هو أنجح المسلسلات العراقيه التي عرضت في هذا الشهر. وليس مسلسلات الشر قيه الحاقده بهذه المناسبه اهنئ البغداديه بمرور ثلاث سنوات على انطلاقها دممممممممممممممممممممممتم سالمين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك