المقالات

فن المغالطة .. المجلس الأعلى و مناوئوه – الجزء الأخير

1058 13:10:00 2008-09-12

( بقلم : د.سناء الحربي )

المجلس الأعلى و الدكتاتورية يقول حجي سلام و أعيد التأكيد هنا على أنه مفاد الكلام الذي يكرره البعض في مقالاته ليل نهار ما يلي : (( أما الدكتاتورية فيكفي التذكير بأمور عدة منها : تصرفات قيادة المجلس تجاه بقية فصائل المعارضة في المهجر ، دور المجلس في الحكم في العراق ، دور المجلس تجاه الخصوم !! المجلس فكرا وممارسة يمثل دور العباسيين السياسي والاجتماعي بكل ما تحمل الكلمة من معنى !! وعداء المجلس الأعمى للبعث الهدام ، يشبه تماما عداء العباسيين لدولة بني أمية )) .

الحديث عن الدكتاتورية في العراق حديث عن تاريخه ماضيا و حاضرا فالعراق برغم حضاراته و إرثه المعرفي الفكري و الإنساني و ما تم على هذه الأرض من إنجازات في شتى المجالات التي خدمت الإنسانية إلا أنه للأسف يكاد يكون بالبقعة الوحيدة في العالم ذات التاريخ و الحضارة التي لم تشهد تجربة ديمقراطية سجلها لنا الأقدمون سوى ما كان من خلافة الإمام علي عليه السلام و مع ذلك فما يؤلم حقا هو إن بعض من العراقيين آنذاك نظروا حتى إلى علي عليه السلام كونه دكتاتورا يستبد برأيه رأيه الذي لا يطلقه إلا بعد أن يشاورهم و يستجلي أفكارهم و مع هذا فكثيرا ما تنادى بعضٌ ممن لهم هوى بمعاوية أن غيّر أبن أبي طالب السنة و بانت البدعة ! .. بعيدا عن هذا التاريخ فالدرس المستفاد هو إن تعاقب الدكتاتوريات و قسوتها أثر على سيكولوجية المجتمع و طبيعة نظرته بل و أسهم التفاوت النسبي في تصرف و حيل و إمكانات الدكتاتوريات في تشويش حتى مفهومها و ربما تم النظر إلى دكتاتور كونه فارسا من فرسان الحرية و الانفتاح و العكس بالعكس . و نتيجة لهذا الإرث الثقيل و الاضطرابات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية أصبحت " الدكتاتورية " إحدى مفردات التسقيط و التشهير و الشتم العراقي حالها حال بعض مفردات البيئة اللغوية السائدة .

ليس مفاجئا و لا غريبا أن يوصف الحزب الذي يكون له حضوره في السلطة كونه دكتاتوريا و لا سيما في هذه المرحلة التي أعقبت إسقاط أعتى دكتاتوريات العراق عبر تاريخه . لأن الفرق بين الحرية و الدكتاتورية في أذهان بعض العراقيين عندما يجدون متنفسا للتعبير ليس فرقا معرفيا و لا مفهوميّا بل ذوقيا انحيازيا و تحديدات الفضيتين تحديدات اعتباطية خاضعة للميول السياسية و الرغبات الفئوية و الحزبية و تتجه اتجاه المصالح و المكاسب الضيقة الخاصة ... الحزب في السلطة هو بالضرورة لدى بعضٍ حزب دكتاتوري حتى إن وصل إلى السلطة بانتخابات شعبية ذات مشاركة واسعة .. حتى لو كان عدد الأحزاب المشاركة ألف حزب فسيُنظر إليها أنها حزب واحد لا يختلف في شيء من الأهداف و الأفكار و الأجندات .. الخ .. ما دامت الضرورة تقتضي أن تكون هناك أحزاب غير مشاركة في السلطة و هذا هو الفرق بين الأمم التي قطعت شوطا في الحرية و هضم مفاهيم النظام الديمقراطي و بين تلك التي تتوفر على فئات و شرائح ترفض حتى مجرد تعلم شيء من هذا النظام .. في العراق اليوم نظام ديمقراطي فتيّ أبى الحجي سلام و الصدريون أم قبل هو و قبلوا هم .. رضي بذلك من شاء أم لا . و المجلس الإسلامي واحد من مكونات سياسية تنهض في فترة تاريخية حساسة بتحمل مسؤولية إكمال مشروع غاية في الصعوبة و لا يدعي أحد سهولته و يسره ..

( فيكفي التذكير بأمور عدة منها : تصرفات قيادة المجلس تجاه بقية فصائل المعارضة في المهجر ) في فترة المعارضة كان المجلس مظلة لأغلب أحزاب المعارضة و الحديث عن دكتاتورية مارسها ليس لها معنى يذكر ! فما معناها و كيف مارسها المجلس على أحزاب المعارضة الأخرى ؟ لاشك أنها مجرد كلمات سيقت كيفما اتفق للتعبير عن مشاعر معينة أما ( دور المجلس في الحكم في العراق ، دور المجلس تجاه الخصوم ) باعتبار ذلك دليلا على دكتاتورية يمارسها الحزب . إن دور المجلس في الحكم لا يختلف بشكل عام عن دور أي حزب يشارك في السلطة و إذا كان في الخطاب المجلسي الإسلامي تركيز على مصالح الطائفة التي ينتمي إليها فهو من الحقوق المشروعة له لما عانته هذه الطائفة من ظلم و غبن لحقوقها أم أن هذا شيء أبتدعه المجلس الأعلى ! وهي حقوق له كما هي لغيره و الجميع كما نرى يتحدثون مدافعين في ظل هذا التحول الذي لا بد ضرورةً أن بساوقه الاضطراب عن حقوق المكوّن الذي ينتمي إليه .. يأتي هنا الحديث عن مقدار تعارض هذا التركيز مع القضية الوطنية وهو أمر يتعلق أساسا بقوام المفهوم و النظرة التي تعطي لكل من معنى الوطنية و الطائفية تحديدا معينا .. فالوطنية أصبحت كلمة تمزّق ولا توحّد .. تفرّق و لا تجمّع .. شعار إيديولوجي بمعنى ما من المعاني و ليس مفردة تستغرق بدلالتها روحية الانتماء إلى الوطن و العمل على مصالح مواطنيه .. ما معنى أن يرفعها البعثيون و الصداميون و حتى ذيول القاعدة الإرهابية ؟ كل من يعارض السلطة و الحكومة يرفع الوطنية .. كل من يقتل و يستبيح حرمات المواطن بحجة المقاومة المنحطة وطني و من العيار الثقيل ؟؟

يعترض سلاح صالح على ما يسميه تحويل المجلس الإسلامي الأعلى المذهب إلى طائفة ؟ ماذا يقصده لفظ " الطائفة " أولا ؟ علينا معرفة إن الطائفة ستحتمل معنى سلبيا في حال نتج عنها فعل مجحف لحق الآخرين .. أن تتجلّى الطائفية كونها ظلما للآخر و إقصاء له و هذا الأمر لم تنضح به حركة المجلس السياسية و لعل العلاقة الطيبة مع الأكراد وهم بمجملهم سنة يؤكد ذلك ، كذلك علاقاته مع القوى السنية و منها الحزب الإسلامي ، جبهة التوافق مهما كان مقدار الحساسية الراهنة بينها و بين المجلس فهي تبقى حساسية سياسية طبيعية حول قضايا ذات طابع سياسي محض بمكن أن يتم تجاوزها ذات يوم . يبقى الخطاب المجلسي و قياداته هل يحمل سمات و علامات الخطاب الدكتاتوري الإقصائي ؟ أزعم لكوني لست منتمية إلى المجلس و بالتالي لا احمل خطابا أو بيانا لقادته بل اعتمد على ما قرأته و سمعته ، أزعم أنّ هذا الخطاب بعيد كل البعد عن مثل تلك الصفات التي تنبئ لنا برغبة أو نزعة دكتاتورية .. بل ما رأيته و قرأته و سمعته من بيانات الآخرين أجزم بتوفر كل مفردات الخطاب الدكتاتوري الإقصائي المتعالي على الآخر فيها و من هؤلاء التيار الصدري الذي ينتمي إليه الحجي سلام .. سأكتفي بالإشارة هنا إلى البيان أو الإجابات الأخيرة لأسئلة وجهها الصدريون إلى مقتدى الصدر حول ما يسمى المشروع الثقافي أو مشروع " ممهدون ". و لنحلل سريعا بعض الفقرات فيها .

يرى مقتدى الصدر أن ما يقوله لأتباعه و يلزمهم العمل به هو طريق النجاة الوحيد و الهداية الحقة بكل ما يعنيه هذا من تخطئة للآخر و رميه بالضلالة و الباطل ، حيث يقول : ( هذه البرامج التي توضع من قبل قياداتكم عليكم العمل بها فإن فيها نجاتكم و هدايتكم إن شاء الله ..) .. بل يمضي إلى ابعد من ذلك حيث يدور الحق مع مقتدى حيث دار ، أنظر إلى قوله : ( إن القائل بذلك هو عدو للحق و بالتالي فإني اعتبره عدوا لي ) فمقتدى و الحق شيء واحد .. بل هو الصراط المستقيم و منهج ثابت للصالحين ( إني أسست جيش المهدي لأهديكم صراطا مستقيما و أجعلكم في منهج الصالحين ) .. كتب أحد بلهاء كتابات المدعو فواز الفواز الذي دبج أخيرا مقالات في مدح الصدريين و مقتدى و تحول من ملحد – هذه ليست تهمة نختلقها فللقارئ العودة إلى أرشيف موقع تفاهات و قراءة ما كتبه الفواز – يقول هذا الرجل : ( فالمجلس ربما بعد كذا سنه يسرقون لقب السجاد و أبا تراب وشهيد المحراب ) .. و رغم أن شهيد المحراب ليس وصفا مقتصرا على أحد الأنبياء أو الأئمة أو الصالحين فأنا اسأله و ماذا تقول في كلام مقتدى التالي : ( فلكم يا أتباع الصدر أسوة بآل الصدر فكونوا لهم دعاة صامتين كنتم أم ناطقين ) وقوله (إني أعتبر كل مؤمن يحب الحق و أهل الحق فهو يحب الصدر و آل الصدر و بالتالي فهو صدري ) إن مقياس الكون على الحق هو حب الصدر .. و حب الصدر هو معنى كونك على حق .. و الصدر أو آل الصدر هم رجال لهم ما لهم و عليهم ما عليهم و ليسوا ملائكة أم في ذلك شك ! فأين تلك الكلمة الرائعة للإمام علي : لا يعرف الحق بالرجال .. أعرف الحق تعرف أهله يا حجي سلام و يا حضرة الفواز ؟؟ من الأولى بوصف الدكتاتورية إذاً و من الأجدر بها ؟ و أي خطاب يكشف عن دفين الرغبة و مخبوء القصد و المبيّت من النية ؟؟ لماذا تحرّف الحقائق و يسكت عن جانب فيما يكثر اللغط و الهذيان على جانب آخر ؟

مَنْ مِن هؤلاء أو غيرهم لم يقل ذات يوم في عهد المقبور صدام أو بعد سقوطه حين أصبحت الألسنة المطوية و المبتلعة طيّ القلوب الخائفة طويلة و " ملعلعة " الآن وفي لحظة واحدة كأن الزمن قد بدأ بها و لم يكن أصحابها من قبل شيئا مذكورا ؟ أقول من لم يتندر من هؤلاء على كلمة حزب البعث في منهاجه " نفذ ثم ناقش " باعتبارها من أجلى تأسيسات الطابع و النزعة الدكتاتورية للبعثيين و قياداتهم ؟ فماذا تقول يا سلام صالح ومن قاسمك عقلك و تفكيرك المحدود و مشاعرك الشخصية و موقفك من قول مقتدى الصدر : (إن ثقتكم بقيادتكم تستوجب عدم السؤال عن السبب .. يعني نفذ و بعدين لا تناقش ) !!

تعقيب أخيرا على القول إن (المجلس فكرا وممارسة يمثل دور العباسيين السياسي والاجتماعي بكل ما تحمل الكلمة من معنى !!) .. ما اعتقد به أن آخر من يتحدث بهذه الكلمات هم جماعة الحجي ، فالعباسيون و لعلمك حيث أقطع أنك لا تعلم أن العباسيين استغلوا قضية الإمام المهدي الموعود و ادعوا أنهم من يعيد حق أهل البيت و يأخذون ثأرهم و سيشيدون الحق و العدل بعدما ملئت الأرض جورا و ظلما .. استغلال المهدي عليه السلام كشعار سياسي قام به العباسيون و في الوقت الراهن كرره الصدريون بقيادة مقتدى الصدر و مليشياته جيش المهدي .. و لنسعف حجي السلام بالقول إن انقياد التشبيهات إلى المخيلة السياسية انقياد سلس و يمكن أن تجد في التاريخ ما يسعفك على تدبيج أمور مماثلة لا تنتهي .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمود الشمري
2008-09-13
كلما زاد عدد الشواذ الذين يهاجمون المجلس الأعلى أعلم بأن المجلس هو على الطريق الصحيح وكلما كثر النباح ضد ال الحكيم أعلم أنهم أغاضوا تلك الكلاب وكلما زاد ألبعثيين من هجمتهم ضد العراق الجديد أعلم اننا بخير فأطمأني يادكتوره نحن نسير بدرب الحق ومسيرتنا ظافره بعون الله
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك