ضياء من ضياءات ادعية الصحيفة السجادية الكاملة - دعاء يوم الاثنين

( بقلم : محمود الربيعي – كاتب وباحث عراقي )

تعليق على ادعية الصحيفة السجادية للامام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام

سلسلة من الحلقات – الحلقة الثانية – رمضانيات 2008

الغرض من ادعية الايام – الصلة بالله – الرجاء والتوسل – تهذيب النفس – التربية الروحية – الثقافة الدينية والاخلاقية

عندما يعتمد الامام عليه السلام دعاءا لكل يوم فان ذلك يعني انه يريد ان يملا فراغ المؤمن يوميا بالصلة بالله ، فعندما ترتبط الصلاة بالدعاء او يرتبط الصيام به فانه يشير الى التلازم بين العبادات والفرائض الواجبة وبين الدعاء، مع ان الصلاة والصيام واجبين والدعاء مستحب، لكن الدعاء قد يكون افضل من الصلاة، وان كانت الصلاة عمود الدين وتعبير عن صلة العبد بربه، لان الدعاء كلام العبد مع ربه بشكل مباشر ويخرج من قلب العبد وهو صورة من صور التفاعل الساخن وحديث النفس القلبي الذي لاسهو فيه ولاغفلة من حيث هو التماس ورجاء وتقرير للعبودية المطلقة وانعكاس لسيادة الانسان وعزته بخالقه العظيم الذي تتصاغر امامه كل القوى الاخرى.

الدعاء مفاهيم وعلوم وتربية وتثقيف وتطوير للانسان المؤمن

وعندما يكون لكل يوم دعاء خاص به، فان ذلك يسمح لتلون المواضيع وان يطرح اكثر من مفهوم وان تشتمل التربية اليومية على التهذيب والتعليم والتطوير ورفع مستوى الصلة بالله سبحانه وتعالى دون ان يكون هناك ملل او تكرار لنفس الدعاء، في الوقت الذي يتحدث فيه العبد مدة اطول وحديث خاص بينه وبين خالقه خصوصا اذا كان ذلك العبد يحسن الدعاء والتوجه والحضور القلبي ويعي ماينطق به من الكلمات التي تخرج عن لسان المعصوم.

الله خلق السموات بلا حاجة الى شهود

ان اول تثقيف عقائدي في هذا الدعاء يصدر عن الامام هو ان الله سبحانه وتعالى خلق السموات من دون ان يحتاج الى شهادة احد، لان قدرته وعلمه وارادته برهانه الذي لايحتاج بعده الى برهان، فهو الغني وغيره الفقير، وهو المعين بلا حاجة الى عون، كون ان الموجودات ناقصه امام كماله تعالى، وعلم الله سبحانه احاط بكل شئ من مخلوقاته المختلفة، وتلك القدرة والعلم والارادة كاملة ومطلقة فهو لايحتاج الى احد يعينه فهو متفرد بالالوهية ولايوجد اله غيره وهو معنى التوحيد المحض في العقيدة الحقة.

قدرة الخالق وعجز المخلوقين

والانسان بما انه مخلوق محتاج لغيره من الماء والهواء والطعام والنوم ويتعرض الى الضعف والشيخوخة والهرم والموت، اذن فهو عاجز امام من لايحتاج الى غيره، وكونه مخلوق لخالقه فهو عاجز عن وصغ وفهم خالقه، مثله مثل الكرسي الذي لايدري من ذا الذي صنعه، وقدرة الانسان غير قدرة الله فالله قادر غير مقدور عليه، والانسان قادر ومقدور عليه، وهكذا فالله عالم بكل شئ، والانسان عالم معلم(بفتح اللام) وجاهل ايضا في نفس الوقت فهو لايعلم كل شئ، والله يفعل مايريد، غير ان الانسان لايستطيع فعل كل مايريد، وطبقا لهذه النظرة فالانسان عاجز ان يصف الله بصفاته، فالله لايوصف الا بما وصف به نفسه، فالله سميع بصير، لكن سمعه وبصره ليس كسمعنا وبصرنا " فاطر السماوات والارض جعل لكم من انفسكم ازواجا ومن الانعام ازواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " سورة 42 الشورى الاية 11 ، و" لاتدركه الابصار وهو يدرك الابصاروهو اللطيف الخبير" سورة 6 الانعام الاية 103.

الدعاء وسيلة للاستغفار

ويؤكد الامام على ضرورة الاستغفار من الذنوب التي ترتكب في حق العباد والتي ترتب عليها تبعات في حق نفوس العباد واعراضهم واموالهم ومايلحق بهم من الاذى في الاهل والولد كنتيجة لعدم الوفاء بالالتزامات والحقوق والمسؤوليات كالوعود والعهود بالاضافة الى النذور.

الدعوة الى التقوى والتحذير من الظلموالامام في ذلك كله يدعو الى الطهارة والتطهر من كل الذنوب التي تشكل خطرا على سلوك الانسان والتزاماته الادبية والنفسية والقانونية والشرعية، ويحذر الامام عليه السلام من تبعات الظلم تجاه الناس اجمعين سواء من الرجال او النساء وجميع خلق الله.

ليس من السهل تحقيق المغفرة من الذنوب التي تتعلق بظلم الغير – لاتتحقق المغفرة الا بشروط

واما الظلم فهو انواع، ظلم الانسان لنفسه، وظلم الانسان لغيره وهو الظلم الذي يتسبب في ضرر خارجي يصيب انسان اخر او مجموعة من الناس، ومثل هذه الذنوب لايمكن ان تغفر بسهولة، ويستلزم مغفرتها شروط، كان يتنازل المظلوم عن حقه وذلك امر صعب التحقيق المنال سواء في الحياة الدنيا او في الاخرة.

تهذيب النفس ونهيها عن ارتكاب المعاصي - الغيبة من اشد الذنوب

يهتم الامام عليه السلام بتهذيب النفس على سبيل اياك اعني واسمعي ياجارة اذ هو معصوم بعصمة الله سبحانه وهو بعيد عن الذنوب والمعاصي وانما هو مرشد عام للامة يرشدها الى الحق ويهيدها سواء السبيل في الطريق الى الله وعليه فان الامام يركز على رعاية النفس وتهذيبها وارشادها لان تستقيم على طريق الحق وان لاترتكب الذنوب الكبيرة بحق الناس خصوصا الذنوب التي تتعلق بالغيبة وبدوافع التحامل والحقد او اتباع الضنون والشكوك وغير ذلك مما ابتلي به عامة الناس والتي تترتب عليها اثام كبيرة وتبعات شديدة تظهر على شكل ابتلاءات في الدنيا او عذاب شديد في الاخرة.

الغرور والتعالي في الحاق الضرر بالناس

وغالبا ماترتكب مثل هذه الذنوب بسبب التعالي والغرور او حب الظهور والتصنع وعشق الذات والشعور بالعظمة او الانتماء الى طبقة معينة من طبقات المجتمع يغلب عليها طابع التسلط والكبرياء، وهذه الذنوب التي يرتكبها الحمقى سواء في حال حضور الشخص او غيابه لها اثار سيئة وظالمة جدا قد لاتغتفر بالمرة خصوصا عندما لايرتضي الشخص المغتاب لما ارتكب بحقه هذه الحماقات.

الاخلاص في التوجه الى الله عز وجل – الغيبة من الكبائر

وقد شبه الامام عليه السلام الغيبة بما شبه به القران الكريم من ان الغيبة كاكل لحم الاخ لاخيه ميتا وهو اعظم تشبيه وتنكير لمن يمارس هذه الصفة المذمومة المحرمة.

رفع الحاجة الى الله، وتقويم السلوك

والامام عليه السلام وهو يمارس الدعاء كنوع من التربية والتعليم والتهذيب والتطهر، ينطق بالحكمة ويعلم اتباعه ان يرفعوا حاجاتهم الى الله ويكون طلبهم بالتوجه الى الله لانه المالك لكل شئ، فان شاء اعطى وان شاء منع، ويشير الامام عليه السلام الى ان الانسان اذا ماراد ان يتطهر من ذنوبه التي ارتكبها بحق العباد فان عليه ان يعتذر من الذي اغتابه وان يرضيه ليستحق بذلك رحمة الله سبحانه وتعالى.

الصلاة على محمد وال محمد شعار المؤمن بربه

ان فضل النبي واله الطاهرين يستوجب الصلاة على محمد واله، ذلك لان الصلاة عليهم طريق لتقبل الاعمال واستجابة الدعاء.

عطاء الله للمغفرة

وحيث ان الله سبحانه هو المالك المتصرف والغني فهو لايفتقر رغم عطائه للمغفرة والرحمة، كما لا تزيده كثرة العطاء الا كرما وجودا، وهو ارحم الراحمين.

نعمة الطاعة، ونعمة المغفرة

يذكر الامام عليه السلام في هذا الدعاء بنعمتي الطاعة والمغفرة لينال العبد السعادة، حيث لاغافر له الا الله، ولامفر من الله الا اليه، فهو المنعم والمفضل وهو بكل شئ عليم.

المصادر

القران الكريم

الصحيفة السجادية الكاملة للامام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام

موقع السراج لتدقيق الايات القرانية