المقالات

المجلس الاعلى قربان العملية السياسية

771 12:00:00 2010-10-06

احمد عبد الكريم الخطيب بيروت

يمر وطننا الحبيب بمرحلة حرجة لانهُ قاب قوسين أو ادنى من تشكيل حكومة بعد سبعة أشهر من الجدال وبمخاض عسير وما صاحبه من إنعكاس على تدهور الوضع الأمني والخدماتي خلال الشهر الكريم. ليس مهما ان ينجح طرفاً في قلب الموازين على الطرف الآخر بضغط اقليمي، ولكن المهم، هل يستطيع ان ينجح في تشكيل حكومة شراكة وطنية ام سيكون سبب لانسحاب جزء كبير من أصوات الشعب المتمثلة بالكتل الفائزة بمقاعد في مجلس النواب الجديد، ويدفعهم اما للأنسحاب أو يجبرهم لعلمه لعدم قبول مرشحهم الوحيد المتمثل بالسيد المالكي كي يتحولوا إلى معارضة، فالوضع الموجود اليوم لا نستطيع ان نسميه بغير حكومة فاشلة، وهذا وصف لفشلها في عدة أمور، وهو مرآة تعكس طبيعة علاقتها بالكتل الاخرى مثل العراقية والمجلس الأعلى، وهما جزء ليس فقط مهم، بل لا يمكن الاستغناء عنه لا نجاح العملية السياسية، فالعراقية لا تمثل كيف ما يقال 91 مقعد كحجم متمثل بعدد الاعضاء فحسب، بل ما تمثله في 8 محافظات شمالية وغربية، بالإضافة إلى حضور مميز في الوسط والجنوب، أما إذا تكلمنا عن الحضور التاريخي لقادة الكتل على صعيد المعارضة العراقية للنظام البائد او العلاقات التاريخية مع الكتل الأخرى من ناحية، وعلاقات مستمرة مع دول الجوار خلال فترة المعارضة من ناحية اخرى فهو خير دليل على هذا الحضور المهم.فهل من الصحيح تجاوز هذا الحضور المميز لهذه الكتل على حساب الفوز بأغلبية بسيطة تمكن دولة القانون ومن معهم من الحفاظ على رئاسة الوزراء، ربما يجب ان نؤمن بان الغاية تبرر الوسيلة وهكذا نستطيع ان نبرر للشعب سبب ضياع حقوقهم وللشركاء هذا التسلط والإستخفاف بالتاريخ المشترك والذي اصبح في معجم دولة القانون منسوخ بالف ناسخ، كما قال تشرشل!- الديمقراطية هي اسوء أنواع الحكم، ما عدا جميع تلك الإشكال التي تمت تجربتها من وقت إلى آخر.)..!اعتقد بأن مجرد المحاولة لتأليف حكومة بهذه الطريقة فهو تعدٍ على حق العراقية والمجلس الأعلى وبنفس الوقت ضرب بعرض الحائط لعلاقة تاريخية تربط المجلس الأعلى والتحالف الكردستاني، لأنه بالنهاية سيضطر الاكراد أن يدخلوا في حكومة، فاذا دخلوا مع المالكي، فتلك العلاقة التاريخية ستترك ندبة، وحرقة في القلب عند المجلس الأعلى وجزء مهم من العلاقات الشخصية داخل التحالف الكردستاني والتي ستتاثر وتترك اكثر من جرح يصعب علاجه بالتمام ، لكن بالنهاية هناك مصلحة عامة للتحالف الكردستاني,والايام المقبلة ستعطينا هذا الجواب.عموما لا يمكن القبول بهذا التصرف الذي ينم عن عدم مراعات لهذه العلاقات التاريخية ولا لافرازات الإنتخابات وتجاوزها بضرب شركاء الأمس (المجلس الاعلى) ومنافس اليوم (العراقية) ،وذلك فقط للإستفادة من ضغوط خارجية تعمل على ترجيح كفة فلان على حساب فلان لقلب الموازين، فالمسألة ليست الفوز برئاسة إدارة شركة، بل هي بناء دولة واحترام حقوق المواطنين وذلك باحترام التضحيات التي دفعوها طوال هذه السنوات الماضية، فأمير المؤمنين خسر بالحيلة ولكن نهج البلاغة موجود في كل بيت، ولا يوجد كتاب لمعاوية فالتاريخ لا ينسى ولا يجب ان تأخذنا العزة بالاثم.الان لنتكلم عن الحكومة السابقة الباقية، ذلك إذا ما تم هذا الخيار، ويجب ان نحترم الديمقراطية ولو كانت بممارسة ضغط خارجي، فالسؤال كيف سيتم التعامل مع كل من: العراقية- المجلس الاعلى- التحالف الكردستاني، كيف ستدار العلاقات مع دول الجوار، فالحكومة الماضية القادمة ستكرس لنفس الخيارات التي سارت عليها خلال الفترة الماضية، وابتدءاً من طريقة تشكيلها فهي تعبر عن أزمة داخلية قسمت الشعب العراقي وأخرت تشكيل الحكومة سبعة اشهر وستؤسس لأزمة مع العراقية والمجلس الأعلى، وهناك أزمة لاتزال ندبتها مع الشقيقة سوريا، بالإضافة إلى العلاقات المتشنجة مع السعودية، لذلك يصح القول فيها انها حكومة أزمات ، كيف نستطيع أن نعيش بمحيط كاره ومعادي للعراق، هذا الشيئ غير ممكن والحقبة الماضية أي حقبة صدام حسين أفضل مثال على ذلك، طبعاً حاشى دولة الرئيس السيد المالكي من هذه المقارنة، فهو معارض لهذا النظام لاكثر من عقدين، ولكني انتقد نهج قائم وسياسة متبعة ليس إلا، أما ما نسمعه اليوم من فتح خط غاز أو نفط بالإضافة إلى زيارات...الخ، كل هذا يحدث من أجل هدف واحد وهو رئاسة الوزراء، وليس من أجل بناء علاقات تفاهم وطيدة وتبني رؤى مشتركة لمحاولة رسم استراتيجية اقليمية مرتبطة بالاستراتيجية الوطنية العراقية على حد سواء، فالعراق بحاجة إلى إيران وسوريا وهو امتداد لهما، كما هما امتداد له والمثل نفسه مع السعودية وتركيا والكويت، فمسألة قبول شخصية رئيس الحكومة القادم مهمة بقدر مقبوليتها في الداخل العراقي أولاً، ثم الاقليمي بشكل متوازي وتكون هذه الشخصية جسر علاقات مع الولايات المتحدة لوزن الاخيرة دولياً وعدم القدرة الحقيقة على تجاوزها عملياً، فمن الذي يستطيع ان يدير ملف بهذا التعقيد، على الأقل لم نرى من دولة الرئيس المالكي هذه القدرة ولا هذه العلاقات، ولم ارى من مستشارية على كثرتهم هذا الشيئ أو انعكاسه على واقع الحال.لقد شارك الشعب العراقي في العرس الانتخابي واختار مرشحيه بطريقة اكثر وضوح وشفافية من الطريقة التي تمت بها اختيار القوائم والمرشحين في الانتخابات التي سبقتها، وكلنا أمل بالتغيير والتقدم، ولكن ما الذي حدث بعد ذلك؟ بعد إعلان النتائج تم تداول مسألة عدم نزاهتها، وقد رفضت النتائج، وصار الكلام عن تلاعب من قبل المفوضية، ثم اشتراط إعادة العد والفرز، ثم معضلة مرشح رئاسة الوزراء واليوم وبعد مضي سبعة أشهر، تم التقدم بأسم السيد المالكي كمرشح عن التحالف وبغياب المجلس الاعلى وحزب الفضيلة, وهنا لدي ملاحظتان:1) ضغط خارجي لترجيح كفة السيد المالكي وذلك عن طريق تغيير موقف اهم كتلة من حيث عدد المقاعد داخل الائتلاف الوطني ليس فقط فيما يخص الخط الاحمر الذي وضعه عليه سماحة السيد مقتدى الصدر بالخصوص وجمهور التيار الصدري بالعموم, انما لعدم وجود اي تقارب مسبق.2) تغيير موقف التيار الصدري, وهنا لي وقفه تخص مسألة مهمة جداً ، وهي ان الكثير من ابناء الشعب اختاروا الائتلاف الوطني لانه (تيار صدري- مجلس اعلى- منظمة بدر- تيار الاصلاح- حزب الفضيلة- مستقلون- المؤتمر الوطني .. إلخ) وكان هذا على حساب دولة القانون وهذه المقاعد التي حصل عليها الائتلاف هي انعكاس لاستراتيجية مشتركة ولورقة عمل وخارطة طريق ترجمة بكتيب يشرح برنامج الحكومة وكل ما يتعلق بالائتلاف، ولكن ماذا حدث اليوم؟ فالمسألة ليست مجرد تغيير رأي فلان بفلان بل هو خيار شعب وحقوق الناخبين عندما ادولوا باصواتهم للائتلاف الوطني على حساب منافس الائتلاف خلال الانتخابات الاخيرة, فكيف ممكن التفريط بشريك من أجل منافس الأمس؟ أي ان الشعب الذي أختار هذه القائمة على حساب قائمة دولة القانون قد أختزل دوره وضاع خياره، هل نقول للشعب أصواتكم التي صوتوا بها ضد المالكي، الآن نحن نعطيها للمالكي؟ فلماذا لم يحدث هذا الاختيار قبل الانتخابات؟ أين هي مصداقية الجميع أمام الشعب وأمام التاريخ؟ أين العهد الذي قطع مع الشركاء؟لقد فاز السيد المالكي بفضل التيار الصدري وغاب عن الاجتماع المجلس الأعلى وحزب الفضيلة ليكون المرشح الوحيد للتحالف الوطني، ماذا بعد؟ هل نتتظر ازالة خط احمر آخر وضعته القائمة العراقية على شخص المالكي، هل نحن بأنتظار ضغط خارجي آخر أو باضعف الأيمان التعويل عليه، نعم ممكن أن يحدث هذا الشيئ وهو وارد جداً وبحجة تشكيل الحكومة العتيدة ,ممكن أن يسير على هذا النهج التحالف الكردستاني، لانهم كانوا واضحين فيما يخص مطالبهم التي ترجمة بورقة قُدمت للجميع.ثم لاأدري كيف سيستطيع المجلس الاعلى أو غيره في المستقبل أن يدخلوا بتحالفات ويضعوا أيديهم مع الذي يقطع العهد ولايحترم الأتفاقيات والتي هم شاركوا بها أساسا من أجل وحدة الصف وتكوين جبهة موحدة تعمل من أجل احترام وضمان حقوق الشيعة ثم تعمل كأكثرية من داخل البرلمان مع أخوانهم من بقية الكتل والأحزاب الاخرى.المؤشرات التاريخية للسنوات الاربع الماضية تشير ان الذي لم يشارك احداً بحكومته مشاركة حقيقية من قبل بالرغم من الأتفاقيات والوعود والتعهدات، فهل لديه الاستعداد ان يفعل هذا الشيئ اليوم؟ ألم يكن اكثر سهولة بان تتم مشاركة الآخرين قبل الانتخابات وليس ان يكون الادعاء بان الحكومة لم تستطع تقديم شيء لأن الوزارات خارج قرار رئيس الوزراء، وكان هناك فعلأ أمانة عامة لمجلس الوزراء تناقش فيها القررات! وتقول كلمتها وترفض قرارات رئيس الوزراء.إذا ما تم الاتفاق بالطريقة التي ذكرتها فهي لا تتعدي كونها مسألة توزيع حصص وكل ٍ له حصته ووزارته، وهذه ليست حكومة شراكة وطنية، فالشراكة هي اشراك الطرف الآخر بمناقشة حقيقية بكل القضايا التي تهم الجميع وليست حكرا لاحد على الاخر لياخذ الجميع مسؤولياتهم ويخدموا ابناء الشعب الذي إءتمنهم لفترة اربع سنوات لتمثيلهم وبعد هذا النقاش يأتي التصويت لاتخاذ قرار ما، سواء بقبوله او رفضه، فأذا كان شريكي في العملية يرفض فيجب أن أعرف لماذا يرفض لأ نه شريكي له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات والجميع محكوم بدستور، فالنجاح لنا نحن الاثنين، وإذا ما فشلنا فالفشل لنا نحن الاثنين, ولكن يبدوا لي أن مشاركة الاخر بالقرار تعبر عن ضعف بالنسبة للاخوة في دولة القانون ومفهوم شخصية قوية هو بأختزال الشركاء وليس عدم الإنصياع والإعتماد على الضغوط الخارجية للحفاظ على موقعه,فطوبى للمجلس الأعلى والعراقية وحزب الفضيلة وكل من أراد للخيار أن يكون عراقيا على موقفهم الوطني.واخيرا ندعوا الله ان يفرج عن هذا الشعب الذي ليس له الا الدعاء.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
جميل رضا
2010-10-07
كلام جميل، صح لسانك ايها الخطيب..
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك