واشنطن، 31 أيار/مايو، 2006- جاء في تقرير نشرته مجلة BioScience في عددها الخاص بشهر حزيران/يونيو، أن إعادة غمر أهوار بلاد ما بين النهرين في العام 2003 بالمياه بعد أن كان قد تم إتلافها أدت "إلى معدل ملفت للنظر من عودة" النباتات والأسماك والطيور وغيرها من المخلوقات الحية التي تعيش في تلك المنطقة.وجاء في بيان صحفي أصدره المعهد الأميركي للعلوم البيولوجية في 30 أيار/مايو، أن كيرتس رتشاردسُن من جامعة ديوك في ولاية نورث كارولاينا ونجاح حسين من جامعة البصرة بالعراق، وضعا تقريراً، بتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، عن عملهما الميداني خلال العامين الماضيين في أربعة أهوار كبيرة في جنوب العراق. ويعتبر الكثيرون أهوار بلاد ما بين النهرين العراقية، أي الأهوار الواقعة بين نهري دجلة والفرات، مهد الحضارة الإنسانية. وقد كانت الأهوار في وقت من الأوقات أضخم المناطق السبخة في جنوب غرب آسيا إذ بلغت مساحتها أكثر من 15 ألف كيلومتر مربع. إلا أنه لم يبق منها بحلول العام 2000، نتيجة لجهود نظام صدام حسين المنتظمة لحفر القنوات وبناء السدود وتجفيف الأهوار في جنوب العراق، سوى عشرة بالمئة كمنطقة سبخة حية. كما كانت منطقة الأهوار قد اشتهرت في وقت من الأوقات بتعدديتها الأحيائية وثرائها الثقافي. فقد كانت منطقة الإقامة الدائمة بالنسبة للملايين من الطيور ومساراً تسلكه ملايين من الطيور المهاجرة بين سيبيريا وإفريقيا. وقد شكلت خسارة الأهوار الجسيمة من الناحية البيئية مبعث قلق خاص لأنها كانت في يوم من الأيام موطن ما بين 300 ألف و500 ألف نسمة من عرب الأهوار الذين فر عشرات الألوف منهم إلى جنوب إيران. وبحلول نهاية العام 2004، كان معظم اللاجئين قد عادوا إلى العراق، ولكنهم لم يجدوا سوى القليل من الأهوار الحية القادرة على البقاء. وقد ذكر رتشاردسُن وحسين في دراستهما أن تدفق المياه في الأهوار العراقية من نهري دجلة والفرات كان أكثر من المتوقع نظراً لذوبان طبقات الثلج والجليد بسرعة قياسية، مما أبقى أيضاً مستويات الملوحة منخفضة. كما أن نوعية المياه المتدفقة إلى الأهوار كانت أفضل من المتوقع، وكانت مستويات المواد السامة فيها أقل مما كان يخشاه العلماء. وقال الباحثان إن الكثير من أنواع النباتات والحيوانات التي كانت تستوطن المنطقة عادت إليها نتيجة لذلك، بما فيها بعض أنواع الطيور النادرة، وإن كان عددها لم يصل إلى مستوياته التقليدية. وكان العلماء الأميركيون قد قاموا بأول تقييم لأوضاع منطقة الأهوار في شهر حزيران/يونيو من العام 2003. وتوصلوا إلى أن هناك عملية ضخمة من الغمر بالمياه ولكنها غير منسقة، إذ كان المزارعون قد بدأوا في نسف السدود بعد انهيار نظام صدام في العام 2003، وأشار العلماء آنذاك إلى عودة بعض أنواع النباتات المحلية إلى الظهور في الأهوار. وقال رتشاردسُن وحسين، بعد مراقبة الأهوار بالتعاون مع علماء عراقيين، إنه كانت قد تمت، بحلول أيلول/سبتمبر، 2005، إعادة غمر 39 بالمئة من المنطقة السبخة بالمياه. ورغم عدم اكتمال المعطيات بعد، استخلص العالمان أن الأهوار التي قاما بدراستها والتي كان قد أعيد غمرها، تؤدي وظيفتها كمنطقة سبخة، من نواح كثيرة، على مستوى يقارب مستوى تأدية منطقة سبخة لم يتم تجفيفها. ويبدو أن عودة الإنتاج النباتي السريعة إلى وضعها السليم ونوعية المياه الجيدة بشكل عام، واستئناف معظم المناطق السبخة تأدية وظائفها بسرعة تشير جميعاً إلى أن عملية تعافي النظام البيئي قد قطعت شوطاً كبيرا. ولكن الباحثين أشارا إلى أنه من غير المحتمل أن يكون تدفق الماء إلى الأهوار كافياً للمحافظة على التوجهات المشجعة في الأعوام القادمة. وما زالت كمية السمك الذي يتم اصطياده ضئيلة، مما يثني الكثير من عرب الأهوار عن العودة إلى طريقة حياتهم التقليدية. وقال رتشاردسُن وحسين إن من الضروري إجراء مزيد من الأبحاث، إلا أنه لا يتم إجراؤها حاليا، لتحديد الكيفية التي يمكن بها للأهوار والزراعة تقاسم المياه، ولتحديد المناطق التي توجد فيها مواد سامة، ولدراسة استخدام صيادي السمك المحليين لمبيدات الحشرات.
https://telegram.me/buratha