يشكّك إياد علاوي أول رئيس وزراء عراقي بعد سقوط صدّام حسين (2003-2005)، والذي أشرف على أول انتخابات حرة في العراق. وهو يتولى حالياً قيادة كتلة العراقية في البرلمان العراقي في "قدرة الحكومة الحالية على الإشراف على انتخابات حرة نزيهة"، مشيراً الى انه يتوجب " اتخاذ تدابير هائلة، بما في ذلك المشاركة النشطة من قِبَل هيئات دولية محايدة ومراقبين لضبط تصرفات الحكومة وضمان تعبير الانتخابات عن الإرادة الحقيقية للناخبين. ونحن يحدونا الأمل في أن يُسمَح للعراقيين، الذين سئموا الأحزاب السياسية الطائفية، بالاختيار الحر للمرشحين الذين يتبنون أجندة غير طائفية وغير عنصرية ".
حلم العراقيين
وذكر علاوي في مقال له نشرته خدمة (بروجيكت سنديكيت) ان "حلم العراقيين بعد سقوط صدّام يتلخص في بناء عراق جديد مزدهر وديمقراطي ، وكان الجميع يرغب في إقامة دولة سلام مع نفسها وجيرانها، ويحكمها دستور يُعلي قيم حقوق الإنسان وسيادة القانون".
وانتقد علاوي في مقاله الولايات المتحدة وحلفاءها، " لافتقارهم إلى أي رؤية متماسكة لمستقبل العراق، ناهيك عن سياسة سليمة تنتهجها البلاد في مرحلة ما بعد صدّام، اذ أعلنت العراق بلداً محتلاً يتولى إدارته قيّمٌ معينٌ من قِبَل الولايات المتحدة، والذي سرعان ما قرر تفكيك كل المؤسسات الأمنية والعسكرية والإعلامية التي كانت قائمة آنذاك ".
وبحسب علاوي فقد " مهَّد قانون اجتثاث البعث ، الذي طُرِد بموجبه أعضاء حزب البعث من مناصبهم الرسمية دون حق الرجوع القانوني، الأمر الذي فتح الطريق أمام الطائفية، ثم في نهاية المطاف العنف الطائفي والاضطرابات " .
ويتابع في مقاله" مع انتقال العراق عبر مراحل تدريجية من سوء الإدارة على مدى السنوات العشر المؤلمة اللاحقة، تفتتت البلاد، لكي تتحطم آمال العراقيين الذين شاهدوا وطنهم الحبيب وهو ينزلق مرة أخرى إلى الحكم الاستبدادي، في ظل انتهاكات شبه يومية للدستور ، وراقب العالم كل هذا مبدياً حالة من العجز عن القيام بأي شيء ".
ويفترض علاوي في مقاله ان "الانتخابات العامة الأخيرة التي شهدها العراق عام 2010، كان من المفترض أن تضمن عدم عودة البلاد إلى الدكتاتورية" .
وزاد في القول "كانت كتلة العراقية التي أتولى قيادتها هي الكتلة الانتخابية الأكبر التي انبثقت عن هذه الانتخابات، ولكن على الرغم من مكانتنا، اتفقنا على التخلي عن وضع الزعامة الذي كفله لنا الدستور من منطلق إيماننا بأن تقاسم السلطة واحترام حقوق كل العراقيين هو الصيغة الوحيدة لحكم البلاد ديمقراطياً، بيد أن هذه الآمال سرعان ما تبددت، مع تراجع رئيس وزراء العراق لفترتين نوري المالكي عن الاتفاق في وقت لاحق".
حقوق الإنسان
ويؤكد في مقاله على ان العراق اليوم يشهد " انتهاكا لحقوق الإنسان التي كفلها الدستور، في ظل قضاء مسيس وعُرضة للاستغلال والطعن والتلاعب بصورة روتينية من أجل تبرير تصرفات رئيس الوزراء. وبدلاً من كبح جماح حكومة المالكي، تسهل المحاكم سعيها المستمر إلى الاستئثار بالمزيد من السلطة".
وينتقد علاوي " الخدمات العامة التي تدهورت إلى مستوى بالغ السوء، وارتفع معدل البطالة بشكل حاد، على الرغم من الإنفاق العام الذي تجاوز 500 مليار دولار على مدى السنوات السبع الماضية" .
وكتب في مقاله ايضا " أصبحت الطائفية والعنصرية من السمات المعتادة في المشهد السياسي. واستشرى الفساد، حتى أصبحت بغداد الآن تُعَد من أسوأ الأماكن في العالم على الإطلاق لحياة البشر".
ويخمّن علاوي المستقبل العراقي كالآتي"إذا استمر العراق على مساره المأساوي الحالي، فإن النتيجة الحتمية هي الفوضى والحرب الأهلية، مع ما يحمله ذلك من عواقب وخيمة تؤثر في المنطقة بالكامل، ورغم هذا فإن العراقيين ما زالوا يأملون في مستقبل أفضل".
قوة الحسم
وعلى صعيد آخر ينتقد ديفيد إغناتيوس في صحيفة (واشنطن بوست) الذي أغطى أخبار الجيش الامريكي طوال سنوات مع بداية حرب العراق ، افتقاد امريكا الى الحسم لإنهاء ما بدأته ، مذكرا بمقولة شائعة "إذا كانت روما قوية، فالبلدان مستعدة".
وفي حالة العراق لم تكن روما ( أي واشنطن) قوية بما يكفي لتسود.
يقول إغناتيوس "تبين أن القوة العسكرية الامريكية، التي كانت تبدو رائعة آنذاك، غير كافية لفرض تسوية في العراق. وفي أتون حرب الاحتلال، لم تتمكن قوتنا بأكملها من توفير الكهرباء لبغداد أو إخافة السنة والشيعة وإجبارهم على التعاون معا. لقد كانت روما ضعيفة في القلب من الجهة السياسية، حيث لم تكن لدى الولايات المتحدة قدرة على خوض حرب طويلة لم يتمكن الرئيس السابق جورج بوش الابن من توضيح أسبابها ولم يفهم الشعب" .
تأثيرات عراقية على الوضع السوري
ويعتقد إغناتيوس ان حالة الفراغ السياسي التي أحدثته حرب العراق ، جعلت أوباما "يحذر كثيرا في التعامل مع سوريا، فهو لا يريد لامريكا أن ترتكب الخطأ نفسه مرتين. ومع ذلك، فالتاريخ قاس جدا، حيث يمكنك أن تحاول جاهدا تفادي نتيجة، بينما تساعد أنت بنفسك على تحققها بسبب سلبيتك".
ويشير إغناتيوس الى درس آخر في حرب العراق يتعلق "بأهمية الكرامة في العالم العربي . اذ احتقر أكثر العراقيين صدام لأنه، فضلا عن تعذيبه لأبنائهم وبناتهم، امتهن كرامتهم. مع ذلك يبغض الكثيرون امريكا أيضا لأننا رغم كل حديثنا عن الديمقراطية، دمرنا إحساسهم بالشرف والاستقلال. وكما يثبت العالم العربي يوما بعد آخر، من فلسطين إلى بنغازي، فإن الفقراء ماديا يفضلون الموت على خسارة شعورهم بالشرف أمام غرباء دخلاء".
https://telegram.me/buratha

