تعترف وزارة الصحة العراقية بخضوع الأطباء "للابتزازات العشائرية والبلطجة"، وكتشفت أن أطباء مستشفى الأمام علي بمدينة الصدر تنازلوا عن الدعوى التي رفعوها ضد المجموعة التي اعتدت عليهم بضغط من مدير الشرطة بعدما تعرض للتهديد، في حين تؤكد حركة اهل الحق التي نسب المعتدون على الأطباء أنفسهم إليها، أنها ستقوم بملاحقة من يعتدي على الاطباء وينتحل صفة الانتماء لها.وكانت مجموعة مسلحة عرفت نفسها بأنها من تنظيم "عصائب أهل الحق" قامت بهاجمة مستشفى الإمام علي والاشتباك مع امن المستشفى الاعتداء بالضرب على الأطباء والعاملين فيها، كما نشرت سلسلة تقارير عن تهديدات قامت بها المجموعة ضد العاملين في المستشفى من المجموعة نفسها التي توعدتهم بالقتل في حال مضييهم برفع دعوى قضائية ضد افرادها.ويقول المفتش العام في وزارة الصحة الدكتور عادل محسن، في حديث إلى (المدى برس)، على هامش ندوة اقامتها حركة أهل الحق في فندق بغداد اليوم السبت، تحت شعار "نحو خلق بيئة آمنة للأطباء"، وحضرتها (المدى برس)، إن "هناك عصابات تمارس الاعتداء على الاطباء وتقوم بابتزازهم تحت التهديد والوعيد"، مبينا أن "هذه بلطجة ويجب على القانون ان يردعها".ويكشف محسن أنه "حتى الشرطة لم تسلم من هذه البلطجة"، ويلفت إلى أن "ملف الاطباء في مستشفى الامام علي بمدينة الصدر الذين تعرضوا للاعتداء أغلق من دون أن تحاسب المجموعة التي اعتدت عليهم"، موضحا أن "مدير مركز الشرطة في المنطقة التي سجلت فيها الدعوى تم تهديده من قبل العصابة التي احتلت المستشفى وأُجبِرَ على إجبار الاطباء على التنازل عنها".من جهته، يؤكد المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور زياد طارق في حديث إلى (المدى برس)، أن "الاطباء مجبرون على الخضوع للابتزازات العشائرية"، ويبرر بالقول "الطبيب لا يريد ان يشهر بسمعته لذا فهو مضطر للرضوخ لهذه الابتزازات".ويلفت طارق إلى أن "كثيرا ما تسجل حالات يتعرض خلالها الطبيب للضرب من قبل مواطنين او جهات"، مؤكدا أن "هذا الامر بات ظاهرة يصعب السيطرة عليها".من جانبه، يؤكد الدكتور صلاح الحداد وهو أحد الأطباء الذين تعرضوا للاعتداء أن "ظاهرة الاعتداء على الاطباء لا يمكن السيطرة عليها من دون تضافر الجهود من جميع الجهات"، مبينا أن "العام الماضي شهد 68 حالة اعتداء على أطباء في بغداد وحدها تطلب بعضها إدخال الاطباء الى المستشفى بسبب الجروح والاذى".ويحذر الحديد في حديث إلى (المدى برس)، من أن "هذا الامر سيفقد البلاد الكثير من الخبرات العلمية لأن الأطباء يجبرون على ترك العمل او الهجرة"، كاشفا ان "الكثير من حالات الاعتداء تكون من الجهات العسكرية والامنية".ويوضح الحداد "أنا احد الأطباء الذين تعرضوا للاعتداء وقد عشت تجربة مريرة"، ويتابع بالقول "اجبرت على التنازل عن دعوى رفعتها بسبب الضغوط"، مبينا بحسرة "لازم مثل الحباب تأكل الضرب وتسكت وتتنازل"، (يجب عليك ان تتحمل الضرب وتسكت وتتنازل عن حقوقك).وكانت (المدى برس) بعد أيام من كشفها موضوع الهجوم المسلح على المستشفى عادت وكشفت عبر معلومات زودها بها الاطباء والعاملون في مستشفى الإمام علي أن زعيم العصابة التي تهددهم يدعى فاضل وافي وهو من عصائب أهل الحق وانه قد عاد إلى المستشفى وترك لهم ورقة حملت كلمة "راجعيلكم" وأكدوا أن ذلك كان كفيلا ببث الرعب بين جميع اعضاء الكادر الطبي والعاملين.لكن حركة أهل الحق (عصائب أهل الحق)، اكدت حينها لـ(المدى برس) أن المجموعة المسلحة التي هاجمت مستشفى الإمام علي في مدينة الصدر لا تنتمي إليها، وشددت على أن الجهة التي قامت بهذه الحادثة "معروفة للجميع" من دون إيضاح، لافتة إلى أنها شكلت وفدا لزيارة المستشفى وتبرئة موقفها.بالمقابل تجدد حركة عصائب أهل الحق "براءتها من كل من يعتدي على الاطباء"، مؤكدة عبر ممثلها الذي حضر ندوة وزارة الصحة على أنها "سترفع دعاوى ضد كل من يعتدي على اي طبيب" باسمها.ويقول عضو المكتب السياسي للحركة احمد الكناني في حديث إلى (المدى برس)، إن "الغرض من اقامة هذه الندوة هو توضيح أهمية الطبيب في المجتمع وإيصال فكرة بأن حركة أهل الحق ترعى الأطباء ولا تعتدي عليهم".ويؤكد الكناني "نحن نعلن براءتنا من أي اعتداء على الاطباء"، وتابع بالقول "والباب مفتوح للشكوى وسنقاضي كل من يدعي صفة الانتماء لأهل الحق ويعتدى على الاطباء".وعلى الرغم من تبرؤ العصائب من مهدد الأطباء فإن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، كان اصدر بيانا في الأول من شباط 2013، اكد فيه أن "منشقا عنه يدعى (فاضل وافي) وجماعته نفذوا هاجموا مستشفى الأمام علي في مدينة الصدر"، وحذره من تكرار تهديده للأطباء والمستشفى، وبين أن "هذا المنشق لا يمت بالأخلاق الإسلامية ولا إلى أخلاق آل الصدر بصلة".ويستخدم الصدر تعبير "المنشق" لوصف اتباع حركة "العصائب" الذين انشقوا عن التيار الصدري، ودعا الصدر في بيانه حينها الأجهزة الأمنية إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات بحقه وبحق المسؤولين "ليكونوا عبرة لغيرهم من المفسدين"، الذي "يثيرون الرعب" في نفوس الأطباء والعاملين بمستشفى الإمام علي بمدينة الصدر.وتسجل حالات الاعتداء بالضرب والتهجم على الأطباء لأسباب الشرف بفعل المجتمع العشائري من وقت لآخر في مستشفيات بغداد وباقي المحافظات، إلا أنه لم يتم تسجيل أي هجوم مسلح على مستشفى منذ انتهاء الحرب الطائفية في العام 2007 عندما كانت ميليشيات الأحزاب المختلفة تقمع الأطباء وتجبرهم تحت تهديد السلاح والضرب على معالجة جرحاهم وإنقاذهم.وبالنسبة للعاملين في مستشفى الإمام علي فإن تبرؤ الصدر والعصائب من فاضل الوافي واعتراف وزارة الصحة بسطوة الوافي حتى على الشرطة لم يزدهم إلا رعبا، وتعلق إحدى الطبيبات من المستشفى في حديث إلى (المدى برس) على ما جاء في ندوة وزارة الصحة بالقول "أنا بت اليوم على قناعة أننا نعيش في عصر البطاطية والوافية".وتضيف الطبيبة التي شددت على عدم نشر اسمها خوفا من انتقام الوافي، بسخرية ممزوجة بالإحباط "يا حكومتنا إذا الصدر والعصائب تتبرأ والصحة تعترف بأن ابتزاز الاطباء أمر واقع وعليهم تحمله ومدير الشرطة يخاف من التهديد لعد منو اللي يحمينا؟؟ أمي العجوز أو أخي الصغير؟؟".
https://telegram.me/buratha

