تعيش الكتل السياسية حراكا بشأن الاصلاحات المزمع تطبيقها في الفترة القادمة، خصوصا بعدما أظهرت جميع الأطراف تفاؤلا بشأن اجرائها، ففيما اعتبر التيار الصدري أن الزيارة التي قام بها الى نائب رئيس الوزراء صالح المطلك، ووزير المالية رافع العيساوي، تأتي في اطار توحيد المواقف الوطنية المقبلة، ومنها القوانين المعطلة أكد عدم تجاوزه التحالف الوطني في اي قرار مصيري، منوها ان البارزاني يمثل الجزء الاكبر من كردستان، في حين أن الطالباني لا يمثل الا الجزء الاصغر.
أما ائتلاف دولة القانون فتطلع الى عودة رئيس الجمهورية لجمع الأطراف، مؤكدا عدم خروج التيار الصدري عن التحالف الوطني، في حين أبدى رفضه لفكرة اعطاء ضمانات.
وفي الوقت الذي طالب فيه التحالف الكردستاني بضمانات مكتوبة، اعتبرت القائمة العراقية لقاء التيار الصدري بالمطلك والعيساوي تأتي في اطار التحضير للاجتماع الذي من المتوقع ان يدعو الى عقده الرئيس الطالباني، معتبرة أن التيار الصدري حاليا يجد مساحات للحركة خارج التحالف الوطني.
ففي مقابلة مع "العالم" امس الاحد، قال جواد الشهيلي النائب عن التيار الصدري "قمنا بزيارة السيد رافع العيساوي وزير المالية، ثم توجهنا الى السيد صالح المطلك، وكلاهما تصبان في مصلحة واحدة وهي توحيد المواقف الوطنية المقبلة في سبيل اقرار الكثير من القوانين المعطلة، وتوحيد مواقف الكتل السياسية، حيث تم الاتفاق على ان يكون هناك رؤى مشتركة في سبيل اظهار هذه القوانين من خلال الكتلة الوزارية والكتلة النيابية".
وأوضح أن "التيار الصدري لا يعمل بمعزل عن التحالف الوطني، لكنه اتفق مع العراقية على توحيد الاراء حول قانون العفو والنفط والغاز ومفوضية الانتخابات، وتم الاتفاق على ان تكون هناك غرفة عمليات مشتركة من اجل الاسراع في اقرار هذه القوانين"، مشيرا الى أن "الزيارة تهدف الى التقريب بين وجهات النظر مع الكتل الاخرى، حيث يجب ان يكون هناك ورقة اصلاح حقيقية لجميع الكتل السياسية التي وجدنا معظمها يسعى الى الاصلاح، لكن لا توجد حدود لذلك".
وذكر ان "الرغبة بالاصلاح موجودة، لكن لا زالوا يقولون لم نلتمس من الطرف الاخر بان هناك ورقة اصلاح وانما هناك دعوة للاصلاح"، محذرا من "بروز ازمة جديدة ستنبثق في الايام المقبلة بسبب عدم وجود رؤية حقيقية لموضوع الاصلاح".
وحول قناعة التحالف الكردستاني بالاصلاح قال ان "الطالباني يمثل الجزء الاصغر في اقليم كردستان والبارزاني يمثل الجزء الاكبر، والاخير قال مرارا وتكرارا انه لا توجد نية حقيقية للاصلاح".
بدوره قال شاكر الدراجي النائب عن ائتلاف دولة القانون، إن "الطالباني منذ البداية موقفه ايجابي من ورقة الاصلاح السياسي، وكان هو نقطة التوازن، والان ومن خلال المؤشرات الحالية ان اقليم كردستان قد سمى هيئة من اجل الحوار مع الحكومة الاتحادية، ونامل عودة فخامة الرئيس بعد العيد حتى تعزز المواقف"، منوها إن "ورقة الاصلاح السياسي سمت لجانا لمتابعة عدد من الملفات مثل الوزارات الامنية والنظام الداخلي لمجلس الوزراء، وسمي لذلك عدد من الوزراء، كذلك حسم موضوع الهيئات المستقلة ومرجعيتها، وأن هذه اللجان ستقدم تقاريرها الى لجنة الاصلاح بعد العيد مباشرة".
وذكر الدراجي في حديثه مع "العالم" أمس، ان "ورقة الاصلاح ستعرض قريبا على الكتل السياسية، وتتضمن مبادرة اربيل الاولى، وكذلك اجتماعات اربيل والنجف ومبادرة التحالف الوطني ومبادرة الرئيس الطالباني، وما استجد من مطالب الكتل السياسية، كلها ستدخل في الورقة، ولا اريد ان اعلق على من يشكك بورقة الاصلاح لان هناك مصداقية في الاصلاح".
وبشأن وجود التيار الصدري داخل لجنة الاصلاح، أشار الى أن "الاجتماعات يمثل فيها التيار الصدري سواء كان في لجنة الاصلاح او في الهيئة السياسية للتحالف الوطني، ولم نلاحظ خروجه على اجماع التحالف، اما هذه اللقاءات الثنائية فهي طبيعية جدا وجميع الكتل تقوم بذلك"، لافتا الى أن "مواقف الاتحاد الوطني الكردستاني ايجابية وواضحة من الاصلاح على طول مسيرة الاحداث الاخيرة، اما الحزب الديمقراطي فلم نلحظ منه ما يتعارض او يشكك او يرفض ورقة الاصلاح، بل اراد ايجاد ضمانات فقط، ونحن نقول ان الضمانات لا احد يستطيع ان يمنحها، ولكن الضمانات هي ما تضمنه الكتل السياسية لبعضها".
من جهته، بين النائب شريف سليمان علي، عن التحالف الكردستاني، أن "ورقة الاصلاح لاتزال داخل أفق التحالف الوطني لحد الآن، وحصلت اتصالات بين التحالفين، ولكن إلى الآن لم يتم مناقشتها رسميا من قبل الكردستاني، ولم يتم اتخاذ قرار بصددها".
واوضح علي في حديث مع "العالم" أمس، أن "ورقة الاصلاحات سوف تتعرض الى دراسة عميقة وكثير من المراجعة في هذه المرحلة، وفي حال قبولها سيكون التأكيد على تطبيق الاتفاقيات السابقة، وخاصة اتفاقية اربيل بجميع بنودها، وسوف تكون هناك مطالبة بضمانات موثوقة، وسقف زمني محدد للتنفيذ، ولن يتم القبول بها بسهولة، كون أن هناك حكومة منتخبة في الإقليم ورئيس وبرلمان منتخبين، وهناك احزاب مشاركة ومعارضة، وكل هذه الجهات وافقت على تشكيل اللجنة العليا للتفاوض مع الحكومة الاتحادية، والقرار سيصدر من حكومة الإقليم التي تعتمد على الاتفاق، ولن يكون هناك طرف مغيب في اتخاذ القرار" منوهاً إن "اللجنة ستكون جميع الاطراف الكردية ممثلة فيها، وستباشر عملها في اقرب وقت ممكن".
من ناحيته، افاد النائب محمد اقبال، عن القائمة العراقية بأن "هناك اجتماعا بعد عودة السيد الطالباني لقادة الكتل السياسية، ولقاء التيار الصدري مع السيد المطلك والعيساوي، هي في اطار التحضير لهذا الاجتماع وللمؤتمر الوطني الذي من المفترض ان يعقد ويكون فيه حلول للمشاكل السياسية"، مؤكداً أن "اللقاءات السياسية ازدادت في المرحلة الاخيرة، وخاصة مع رغبة التحالف الوطني تقديم ورقة الاصلاح بصيغتها النهائية للكتل السياسية".
واوضح اقبال في حديث مع "العالم" أمس، أنه "في الآونة الاخيرة حدث تقارب بين الصدريين والعراقية والاكراد، ونتج عنه تشكيل جبهة سياسية تقف خلف بعض المطالب، كموضوع الاستجواب وسحب الثقة، وكان للتيار الصدري بعض التحفظات على ورقة الاصلاح، وخاصة في موضوع تحديد ولاية رئيس الوزراء واصرار التيار الصدري على تثبيتها كنقطة في الورقة"، منبها الى أن "التيار الصدري يجد مساحات للحركة خارج التحالف الوطني، لأن لديه مطالب محددة منها ما يتعلق بقانون العفو ورغبة بأن يتم تشريعه في أقرب وقت، وهذا ربما يدفعه احيانا لممارسة بعض النشاطات خارج التحالف الوطني".
واعتبر أن "كلام الطالباني للجعفري شيء إيجابي، وكلما تعمقت الأزمة يبقى الأمل في أن قادة الكتل السياسية يقدمون مصلحة العراق على المصالح الشخصية، وقد آن الاوان لحل المشكلة، وإذا كان هناك فعلا استعداد لحكومة الإقليم للتقارب نحو الحكومة المركزية، فهذا شيء إيجابي، لكنه سيكون مؤقتاً مالم نتخلص من المشاكل الرئيسة ومنها تداخل الصلاحيات وقضية قانون النفط والغاز ومنهجية إدارة الدولة"، عازياً اسباب تقارب الكتل السياسية إلى "أحداث سورية، وما يجري حول العراق، ولكن هذا لايعني نهاية المشكلة بشكل جذري، وأن التفاؤل كلمة ليست موجودة في قاموس السياسة العراقية الحديثة، ولكن نقول ان شاء الله تتقارب وجهات النظر ونخرج من عنق الزجاجة".
https://telegram.me/buratha

