اكد برلمانيون امكانية تعطيل الازمة السياسية الحالية الكثير من القوانين المهمة في مجلس النواب ولاسيما تلك التي تمس حياة المواطنين، وذلك لحسابات سياسية يخشى البعض من تحولها الى مكسب حكومي، قبل ايام من انعقاد اولى جلسات مجلس النواب في الفصل التشريعي الاول للسنة الثالثة، المقرر عقدها الخميس المقبل.
وكشف النواب عن وجود مساومات ومضاربات سياسية داخل البرلمان لتمرير قوانين ترتئيها كتلة معينة مقابل تصويتها على قانون آخر يهم الكتلة الاخرى، مؤكدين ان هذا الموضوع اسهم بتعطيل بعض القوانين.
ويقول عضو لجنة النفط والطاقة عدي عواد ان "القوانين التي تمت قراءتها مرة ثانية، والقوانين التي لم تدرج حتى الان في جدول اعمال البرلمان يحكمها التوافق السياسي حتى قبل نشوب الازمة السياسية الحالية"، مشيرا الى ان "الازمة الحالية ستحدث سوء تفاهمات بين الكتل البرلمانية، وتؤثر بالنتيجة على اقرار الكثير من القوانين".
واكد عواد، في مقابلة اجرتها معه "العالم" امس الاثنين تحول عملية تمرير القوانين الى المساومات والمضاربات بين الكتل السياسية، قائلا "هناك عرف، وسياق في مجلس النواب يقوم على اقناع الكتل السياسية بعضها بتمرير قانون مقابل تمرير تلك الكتلة للقانون الاخر، واصبح هذا العرف قانونا غير مرئي لكنه متعارف عليه، وهي حالة غير صحية تعرض مصداقية مجلس النواب الى المشاكل القانونية والدستورية".
وأضاف ان "المشاكل البرلمانية اصبحت اكثر عمقا من المسائل السياسية، فهناك قوانين مهمة مثل النفط والغاز والمحكمة الاتحادية والعفو العام تواجه اعتراضا شديدا من كتل سياسية معينة"، مبينا "حاجة البلد الى وقت طويل للتخلص من مبدأ التوافقات السياسية في البرلمان".
من جانبها، نفت رئيسة لجنة الخدمات والاعمار فيان دخيل، تأثير الخلافات السياسية على اللجان النيابية، لكنها اكدت ان القوانين التي تخرج من اللجان، وتطرح على طاولة التصويت، غالبا ما تتعرض للحسابات السياسية.
وقالت دخيل، في مقابلة مع "العالم" امس "نحن كلجنة خدمات ماضون في العمل، واعتقد ان الخلافات السياسية تكون خارج عمل اللجان، وكل اعضاء اللجنة لهم هم واحد، هو مراقبة عمل الوزارات وتشريع القوانين الهامة والقيام بالدور النيابي بالشكل الصحيح"، مؤكدة وجود بعض القوانين التي صدرت من لجنتها على جدول اعمال مجلس النواب في جلسته الاولى المزمع عقدها الخميس المقبل.
وبينت دخيل "لم يصادفنا ان تقاطعت الخلافات مع عمل لجنة الخدمات، حتى وان كان الوزراء يعودون لكتل الاعضاء ذاتهم في اللجنة"، لكنها استدركت بالقول ان "كل القوانين عندما تأتي لمجلس النواب يتدخل الوضع السياسي بشكل أو بآخر حتى وان كان بصورة غير مباشرة".
وتابعت "نريد اقرار القوانين التي تغير الواقع الخدمي في البلاد، فهي تخضع الى توافقات سياسية ونحن نعمل جاهدين على الا تتأثر القوانين بالازمة السياسية في البلد"، مشيرة الى ان "التوافقات السياسية تعتمد على رئاسة اللجنة، ومهنيتها في التخلص من التوافقات".
اللجنة القانونية البرلمانية رفضت نعت مجلس النواب بـ "المعطل"، مؤكدة انجاز الكثير من القوانين دون توافقات سياسية، باستثناء تلك الدستورية، او التي تعدها بعض الكتل السياسية انجازا حكوميا.
وقالت عضو اللجنة جنان البريسم، لـ "العالم" امس "البرلمان انجز الكثير من القوانين، الا ان القوانين الدستورية المهمة التي لها علاقة بسياسة الدولة بشكل عام تحتاج الى توافقات سياسية مثل قانون المحكمة الاتحادية، وقانون مجلس القضاء الاعلى، وقانون الاحزاب، وقانون مجلس الاتحاد".
وترى البريسم ان "الدستور وضع شرط التوافقات السياسية لبعض القوانين كالمتعلق بالمعاهدات الدولية، وقانون مجلس القضاء الاعلى"، مبينة ان "هذه القوانين تمضي بالحوارات ولاسيما ان الكتل السياسية متجهة الى حل الخلافات السياسية، وهناك مبادرات لرئيس الجمهورية جلال طالباني، والسيد عمار الحكيم. واذا ما حلت الخلافات فسترى هذه القوانين الخلافية النور".
وتابعت البريسم ان "القوانين الخلافية يمكن تمريرها بعيدا عن التوافقات السياسية اذا ما طرحت للتصويت داخل مجلس النواب، وفقا للدستور والنظام الداخلي للبرلمان"، وذكرت ان "التصويت هو الفيصل لكل هذه القوانين، وبالنتيجة فان تطبيق الدستور والنظام الداخلي سيخلق الاغلبية في تشريع جميع القوانين الخلافية وغيرها".
وأضافت "هناك قوانين ذات صلة بحياة المواطن يتم تعطيلها لان بعض الكتل تخشى ان يحسب التشريع أحد منجزات الحكومة"، لافتة الى ان "البرلمان شرع في الفترة الماضية قوانين تتعلق بشؤون المواطنين، ومنها القوانين الخدمية عدا بعض القوانين التي تعرقلها بعض الكتل السياسية، لانها تعدها مكتسبات للحكومة مثل قانون البنى التحتية المعطل منذ العام 2009".
ووصفت البريسم، وهي عضو في ائتلاف دولة القانون، تعطيل مثل هذا القانون بانه "خطأ كبير وقع فيه السياسيون، لانه يمثل خدمة كبيرة للمواطنين"، مستدركة بالقول ان "هذا القانون ايضا يمكن ان يمضي بالتصويت، على الرغم من اهمية التوافقات السياسية داخل البرلمان".
اما عضو لجنة الامن والدفاع البرلمانية حامد المطلك، فدعا النواب الى عدم ترك واجباتهم الاساسية وتفريغ جل وقتهم الى الازمة السياسية، قائلا "لا يمكن للنائب ان يترك الواجبات الاساسية التي تتعلق بمستقبل بلد وناس وضرورات الحياة اليومية، ويأخذ جل وقته لاشياء لا تغني ولا تسمن من جوع، نعم هناك مواضيع سياسية مهمة لكن التمسك بها دون ابداء وجهات نظر رئيسية ومهمة جدا مسالة خطيرة". وشدد المطلك، في حديثه مع "العالم" امس، على ضرورة إيلاء مصلحة الشعب اهمية خاصة، موضحا ان "واجب البرلماني يقوم على التشريعات ومعالجة الفساد المالي والاداري ووقف نزيف الدم وتهيئة الخدمات ومتطلبات الحياة للمواطن، وياخذ جزء من وقته ايضا لحل الخلافات السياسية التي يجب ان تحل بروح اخوية ووعي وطني حقيقي وحوار بناء وابداء وجهة نظر مستقلة يكون المهيمن الوحيد عليها مستقبل البلد والشعب".
وخلص إلى القول ان "التوافقات السياسية مهمة، لكن النائب العراقي اليوم اصبح على وعي عال ومسؤولية وطنية كبيرة، واصبح يدرك ان التوافقات السياسية لا يجب ان تؤثر او تعرقل أي قوانين تضر بالبلد لانه يضر الجميع"، متوقعا ان "يشرع البرلمان الكثير من القوانين خلال الفصل التشريعي المقبل".
https://telegram.me/buratha

