وضعت نينوى في السادس عشر من نيسان المنصرم، حجر الأساس لإنشاء أول مصفى نفطي أستثماري فيها، لقطع الحبل السري بينها وبين بغداد، بعد أزمات متتالية وعميقة حول المشتقات النفطية استمرت لعقد كامل.
وعلى الرغم من معرفة إدارة نينوى التامة بمخاطر الولادات القيصرية لمشاريع كبيرة خارج سلطتي الحكومة المركزية ووزارة النفط، إلا أنها مصممة للذهاب بعيداً في اعتمادها على النفط المنتج في أراضيها، أسوة بمحافظات عراقية أخرى مثل كركوك والبصرة، وجارها إقليم كردستان.
وفيما يراه البعض صراع سياسات وهيمنة بين المركز وادارة المحافظة، يعتقد آخرون بأنها خطوة أولى نحو تشكيل إقليم نينوى الذي خرج عن نطاق الهمس، وبات الكثيرين من السياسيين بينهم المحافظ ذاته يدعو اليه بقوة.
محافظ نينوى أثيل النجيفي رفض اتهامات وجهت اليه بعدم مشروعية عقد أبرمه مع شركة كار كروب النفطية لإنشاء المصفى على بعد 10 كيلو متر من منطقة الحمدانية شرقي مدينة الموصل.
وقال بأنه حصل على تخويل من مجلس محافظة نينوى للتفاوض والتعاقد لإنشاء المصفى، وإن المجلس كان حاضراً في جميع الخطوات التي اتخذها لضمان غطاء قانوني سليم، وإن شركة إماراتية عاملة في كردستان أسمها ( كار كروب ) حصلت على العقد بعد منافسة مع شركات أخرى إحداها تركية.
وأكد إن كروب اختارت منطقة الحمدانية لتنفيذ المشروع لأسباب أمنية، وكذلك لضمان حصول المصفى على النفط الخام المنتج من إقليم كردستان القريب منها، إلى حين تطوير الحقول النفطية في المنطقة، ووضعت سقفا زمنياً لتشغيل المصفى مدته عامان.
عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط، ذكر بإن عدم استقرار الأوضاع الأمنية عرقل خطة وزارية لإنشاء مصاف نفطية في عدد من المحافظات من بينها نينوى، وإن الأخيرة قامت بإحالة مشروع المصفى النفطي إلى الاستثمار دون استحصال موافقتها، وعدم التنسيق هذا سينجم عنه عدم سماح وزارته بتزويد المصفى بالنفط .
المعارضون في نينوى ومن بينهم دلدار الزيباري عضو مجلس محافظة نينوى ذكر في تقرير وزعه على وسائل الإعلام إن عقد المصفى الاستثماري غير مدروس، وينطوي على مخاطر مستقبلية كبيرة، من الناحيتين الفنية والإدارية، وأنه يقع ضمن مناطق خارج سيطرة نينوى، وتحت سيطرة قوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان، وإن الإقليم هو من سيزود المصفى بالنفط الخام دون ضمانات.
لكن هاشم البريفكاني رئيس لجنة النفط في مجلس نينوى قلل من أهمية الاعتراضات بشان عقد المصفى، وقال لـ"نقاش" إن 24 عضواً في المجلس من بين 36 صوتوا في الجلسة رقم 14 بالموافقة على المشروع، وان رفض البعض للمشروع سياسي بالدرجة الأساس بسبب عقدة في التعامل مع إقليم كردستان، دون النظر الى مصلحة أهالي نينوى في التخلص من أزمات المشتقات النفطية بالاعتماد على ما تزوده وزارة النفط من حصص متذبذبة، فالمشروع سيوفر 100 الف برميل من المشتقات النفطية، طوال مدة العقد التي تستمر لـعشرين عاماً.
خبراء نفطيون بينهم عصام الجلبي وهو وزير نفط عراقي سابق، وسعد الله الفتحي رئيس سابق مؤسسة المصافي، ورئيس سابق لدائرة الدراسات في الأوبك وفالح الخياط المدير السابق لمؤسسة المشاريع النفطية في العراق، وضعوا دراسة اطلعت عليها نقاش، أشارت إلى غياب تحديد مواقع الحقول المغذية للمصفى.
واحتوت الدراسة على مجموعة أسئلة حول تحديدات كميات الإنتاج، ونوعيات النفوط المنتجة، وشروط التجهيز وضماناته، والأسس الجيولوجية والجغرافية والبيئية والإقليمية المعتمدة في اختيار موقع المصفى، والبدائل الموقعية المتاحة، ومدى تقاطعها في المستقبل البعيد مع المواقع الكردية المتنازع عليها.
وشككت الدراسة في إمكانية استلام نينوى لمنشآت المشروع ومرفقاته بعد انتهاء مدة العقد البالغة عشرين عاماً، معتبرة أن العقد منح حق التشغيل المطلق للشركة المستثمرة ولحسابها الخاص بالاستناد إلى إحدى الفقرات التي وردت فيه دون أن تؤول إلى نينوى منشآت المصفى لاحقاً.
سياسياً، يرى الباحث غير الأكاديمي محمد تحسين، أن إنشاء مصفى في نينوى خارج ضوابط وزارة النفط في الحكومة المركزية، يعني وضع نينوى خطوتها الأولى في طريق تشكيل الإقليم، لانها ستعتمد على هذا المصفى وغيرها من المشاريع النفطية في جنوب الموصل وغربها لتوفير الموارد المالية اللازمة.
وبين بأن الخلاف الحقيقي حول إنشاء المصفى الاستثماري يتعلق بمكانه، إذ يراه خصوم محافظ نينوى هدية لأقليم كردستان، لأنه سينشأ في الأراضي المتنازع عليها بين الحكومة المركزية والإقليم.
نقاش | نوزت شمدين
12/5/140512