( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )
الاتساق الجاري في العراق اليوم بين الخطوات التي ادت وستؤدي الى اتساع دائرة المصالحة والحوار الوطني وبالتوازي مع نقل الملف الامني من يد القوات الاجنبية الى يد القوات العراقية يعد من ابرز وأثبت الخطوات التي يمكن ان تستمر طالما انها تلبي في وقت واحد التصورات الوطنية وطموحات ابناء الشعب العراقي في تحرير بلدهم من الاحتلال الاجنبي ووقف نزيف في الدم في آن واحد.
المطلب الرئيس لكل القوى الاسلامية والوطنية كان هذا التساوق المتأني الثابت الخطوات في رحيل قوات الاحتلال من المدن العراقية بعد أن تمت والحمد لله جاهزية القوات المسلحة الوطنية العراقية القادرة والمتمكنة من فرض الامن والاستقرار في كل ربوع الوطن، هذا التدرج في اتخاذ الخطوات وليس التسرع على اساس الشعارات ادى وسيؤدي الى ايجاد ارض صلبة غير هشة لوضع اسس اللبنات الاولى القائمة على العقل لا على العاطفة لارساء قواعد الاستقلال الناجز ودرء الخطر المحدق بالعراقيين الذي هدد أمنهم واستقرارهم بعد توافد الفرق الضالة العاملة على اشعال الحرب الاهلية أو الطائفية لتمزيق الوحدة الوطنية وإعطاء المبرر لعودة المعادلة السابقة تحت أي غطاء او أي عنوان.
ان ما يجري اليوم في العراق والذي يعتبر الى حد ما يلبي آمال العراقيين وهو التصور الذي راهنت عليه القوى الاسلامية والوطنية التي تقود عملية التغيير قد اثبت صحة التصورات التي طرحتها هذه القوى القادرة على استشراف المستقبل مما يدعم بالفعل درء الاخطار التي يريد اعداء العراق والعراقيين ان تحيق بالوضع الامني والاستقرار لابناء العراق ودرء الحرب الاهلية التي يراهن عليها هؤلاء الاعداء.
المؤتمرات العشائرية ومنظمات ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها قد اكدت رغبة العراقيين جميع العراقيين في الحفاظ على الوحدة الوطنية والتراب الوطني واكدت من جانب آخر على قدرة القيادات السياسية في ادارة البلاد بالشكل الذي ينسجم مع طموحات العراقيين وتحقيق اهدافهم في الخروج التدريجي للقوات الاجنبية وبناء دولة المؤسسات ودولة القانون باستخدام العقل لا العاطفة. هناك خطوات اخرى يمكن للحكومة الوطنية المنتخبة أن تتخذها لتعزيز قدرتها في التحرك السليم نحو البناء والاعمار واستقرار العملية السياسية وفسح المجال أمام الخطط والبرامج التي يمكن ان تعيد البناء التحتي للعراق هو تفعيل قانون دمج المليشيات في الاجهزة الامنية وحصر السلاح بيد الدولة باعتبار ان هذا القانون كان ولا يزال يعد من اصوب القوانين التي اتخذتها الحكومة بل وأجرأها لما يوحي لكل العراقيين بأن مظاهر التسلح غير المنضبط قد تم تطويقه وآحتواءه ومن ثم فرز القوى المعادية للتحول السياسي الجديد والفرق المتحالفة معها ممن عبر الحدود هذا القانون يحتاج الى دعم وتعاون ومؤازرة شعبية كبيرة ومن هنا لا بد من تعزيز دور اللجان الشعبية في التعرف على الارهابيين وكشف خططهم الاجرامية ومنعهم من تنفيذها ولعل خير شاهد ودليل على ذلك هو الدور الكبير والمميز الذي لعبته هذه الفرق في الزيارة المليونية في الخامس عشر من شعبان في كربلاء المقدسة وما قدمه هؤلاء الشباب المؤمن الوطني من خدمات للزائرين فضلاً عن حماية ارواحهم ودمائهم من عبث العابثين بأمن المواطن.
هذه الخطوات المتأنية وغير المتسرعة قد أعطت ثمارها ولعل الكثيرين ممن كانوا ينظرون الى العملية السياسية بعين الريبة والشك والظن بدأوا اليوم هم من يدعمها بكل قوة بعد افتضاح المؤامرات التي حاكها اعداء الشعب العراقي لتفتيت اللحمة الوطنية وتمزيق النسيج الاجتماعي للعراقيين وقد خابت مؤامراتهم امام صلابة العراقيين وأمام وحدتهم الوطنية وتماسكهم الاجتماعي والسياسي.
https://telegram.me/buratha