( بقلم : عبد الرزاق السلطاني )
من الخطوات الجادة لبناء العراق الجديد، سعت الحكومة المنتخبة بفتح فضاءاته مع كافة الدول الاقليمية والدولية، لفك العزلة التي تحيط به، فضلا عن ازالة مخلفات النظام الصدامي وما تركه من آثار سلبية على دول الجوار بخاصة، فالاختلافات مع تلك الدول هو من موروث سابق احاطت بها الرؤى الضيقة التي رفضتها المناخات المضطربة انذاك، فالتصادم لم يولد الا الحروب والصراعات والمصائب على العراقيين الذين لا زالوا يدفعون ضريبة تلك التركة، فزيارة دولة رئيس الوزراء لجمهورية ايران الاسلامية الاخيرة هي لتفعيل الافاق التي من شانها ان تبني وشائج حسن الجوار وتغلق الملفات العالقة التي شكلت عبئا كبيرا على كاهل العلاقات العراقية – الدولية.
فمن ضمن وهج تقدم العملية السياسية تقويض الارهاب بالخطوات الامنية الفاعلة فيما حاول البعض عرقلة تقدم بناء العراق الحضاري بخطوات غير صحيحة من خلال تضليل الراي العام بافتعال الازمات لمصادرة حقوق الاكثرية البرلمانية الساحقة فمحاولات تعطيل الورقة الخاصة بالاقاليم وارجائها ليست بالحالة الصحية فهي قمع للخيار الشعبي، فمن يخشى التحولات الجديدة هم اتباع المركزية وحدهم الذين غلبوا انتمائهم الطائفي على الانتماءات الوطنية وتصرفوا بردة فعل دافعها الاحتقان لاعادة الماضي الصدامي السلطوي لتحكم الاقلية بنظام قمعي حديدي، يهمش المواطن ولا يسمح باية محاولة للمشاركة في الحياة السياسية العامة ضمن القبضة الحديدية وتتحكم فيه المنظمة السرية، لقد سعت الاطراف الوطنية لدعم فيدرالية الوسط والجنوب للسير بالعملية السياسية وتوجيه بوصلتها نحو تطبيق الاسس الحقيقية لبناء وتطبيق دولة المؤسسات الدستورية، وهذا المفهوم في حقيقة القول سيساعد على خلق بيئة عراقية ذات تمثيل واسع، فهي اي – الاقاليم – عنصر قوة وليست عنصر ضعف كما يصورها البعض وهي السبيل للخروج من المازق الارهابي الصدامتكفيري، اننا نتحدث عن نظام عرفه الاباء والاجداد ومطبق بـ(69) دولة عصرية تعيش اعلى حالات الرخاء والحرية والاعمار، كما هي مدعاة لتحديد سلطة المركز، ومن المؤكد ان الدولة المركبة هي القادرة على انتشال الواقع المرير لابناء المناطق المحرومة اذا بنيت على اسس تخطيطية عالية الدقة، فلابد من التسليم بها كونها واقع حال لاقرارها الدستور الدائم الذي صوت له غالبية العراقيين، فنظام التعددية السياسية هو عكس الشمولية والاستبداد، فالتشكيك بوطنية من قارع اللانظام الصدامي الذين تبنوا ثقافة التغيير هو بحق ذاته جناية بحق العراقيين، فمن يحاول عودة الاقصائية في تسخيره الابواق الاعلامية لضمان ديمومة رزوح نظام البعث واعادته بلبوس جديد، فلابد من لجم تلك الافواه التي تروج للعنف والايادي الخفية التي تحركه ضمن المنحنيات الخبيثة التي تحاول ايقاف تقدم العملية السياسية.
وعلى هامش محاكمة الطغاة فبعد سنتين من التجاذبات التي نعتقد انها اخذت منحى جديدا للمحكمة الخاصة بقتلة الشعب العراقي اخذت بعدا صارخا وتحديا كبيرا لمشاعر الملايين من ابناء المقابر الجماعية والانفال، فالتطور السلبي الاخير الذي تبنته المحكمة لاعتى ديكتاتور عرفته البشرية جوبه بمجاملات فارغة بدلا من الادلة الدامغة التي احاطت به، انما تنم عن تصرفات غير موفقة بنزاهة القضاء العراقي، فالحقيقة المؤلمة استمرار المحكمة بهذا النهج من دون تقديم اعتذار منها عن هذه الاصطفافات غير المسؤولة.
في الوقت الذي شهدت فيه الساحة العراقية وكما هو جلي تزايد دخول معدلات التكفيريين وتفشي هذه الظاهرة التي ستنعكس سلبا على علاقات العراق بالدول المصدرة للارهابيين الذين ضلعوا في عمليات القتل على الهوية والتهجير القسري المستمر لاتباع اهل البيت(ع)، فالاتفاقيات الامنية المجتزأة لا طائل منها اذا لم تفعل الادوات التي تحد من تسرب تلك القطعان عبر الحدود العراقية، ومن ضمن المعايير اللااخلاقية ايواء الصداميين للحد من ايجاد شروخ في العلاقات العراقية – عربية، فيجب على تلك الدول الالتزام بالمواثيق واحترام حسن الجوار، فالادلجة في استهداف العراقيين دون متعددة الجنسيات هو على خلفيات سياسية ومسميات تبنى على اساسها المواقف فعلى تلك الدول ان تعيد حساباتها وان تكون على قدر كبير من المسؤولية والاعتدال لان عراق البعث ولى الى غير رجعة.
https://telegram.me/buratha