( بقلم : مهدي الحسني )
ان الشئ المُثير في تصريحات البابا بنديكتوس السادس عشر هي ليست التصريحات بذاتها ولكن صدور هذه التصريحات من رئيس الكنيسة الكاثوليكية , وكما هو معلوم فانه تصدر بين الحين وألآخر تصريحات معادية ضد مليار ونصف المليار انسان وضد نبيهم (ص) من بعض من يعتبرون أنفسهم انهم يملكون معلومات كبيرة عن الدين ألأسلامي , ولكن أن تصدر التصريحات من القمة فهذا هو الذي فيه شئ من الغرابة .
لقد كانت السياسة العامة لرجال الفاتيكان هي ألأبتعاد عن كل مايؤجج الخلافات الدينية مع ألأديان ألأخرى وكذلك هي السياسة المتبعة من قبل رجال الدين المسلمين خاصة بما يتعلق بالرموز الدينية الذين هم ألأنبياء وألرُسُل والذين هم محل أحترام وحب لدى المسلمين ولكن يبدو أن الأخطاء المتكررة للسياسيين وبعض الرؤساء في أساءة الحديث عن المسلمين ونبيهم قد شجع البابا بالنزول الى حلبة صراع الحضارات وكي لاتقتصر على الرؤساء فقط وهذا هو الخطر بعينه لأن تصريحات البابا ستُعتبر غطاء وشرعية دينية لأعمال وسلوكيات بعض الرؤساء .
ورغم بيانات ألأستنكار التي صدرت من العديد من الدول والمرجعيات الاسلامية وكذلك من المرجعيات الدينية المسيحية في العراق ومصر ودول أخرى فقد صدرت من الفاتيكان بيانات توضح سوء الفهم او عدم دقة تفسير حديث البابا وهذا يحدث دوما رغم ان التصريحات كانت واضحة ولاتحتاج الى تأويل ولااقول ذلك للأثارة ولكن لماذا تصدر مثل تلك التصريحات بشكل متكرر جدا لايخلو من التعمد وبعدها تصدر بيانات عن خطأ في الترجمة وما الى ذلك من أعذار لايصدقها العاقل وخاصة من السياسيين الذين أشتهروا بتلك التصريحات هو الرئيس بوش ورئيس وزراء ايطاليا السابق برلسكوني ومسؤلين آخرين كبار .
أن أي تصريحات من هذا القبيل والتي تهين اتباع ديانات كبيرة غير مقبولة ومن أية جهة كانت ولكن يبدو أن البعض لايستطيع ألألتزام بهذه القاعدة متذرعين تارة بحرية الصحافة وحرية ألرأي في حين أن أحترام عقائد ألآخرين تُعتبر من المبادئ العليا للأخلاق ولااعتقد ان ديناً من الأديان السماوية يخلو من هذه القاعدة ومنها الدين ألأسلامي الحنيف وفي آيات كثيرة يدعو الى أحترام ألآخر ومثال ذلك آية... لاأكراه في ألدين.. وآية..وجادلهم بالتي هي أحسن ..وآيات كثيرة أخرى أتركها لأصحاب ألأختصاص . ولذلك فأن خروج رموز دينية كبيرة عن تلك القواعد لايُمكن ألا أعتباره تأثُر بالصراعات السياسية والسياسيين والمُتطرفين الذين لايُريدون خيراً للعالم , وحتى لاتتحول ألأختلافات السياسية الى صراعات دينية وحضارية لاتُحمد عُقباها وليبقى ألأحترام بين أتباع الديانات المُختلفة مستمرا وبعيداً عن ألمُؤثرات وحتى يكون واضحاً بأن مايُصرح به رمز ديني كبير لايُمثل بألضرورة رأي جميع ألأتباع فيُمكن لجميع المسيحيين العرب وفي الشرق الأوسط تأسيس مرجعية دينية خاصة بهم مستقلة بعيدة عن محاولات زجهم في صراعات مع أخوانهم ألمسلمين وليكُن مقر تلك المرجعية الدينية في بيت لحم بفلسطين المُحتلة لأنها مهد المسيح عليه السلام ومنها أنطلاقتهُ ألأولى ولأن مسيحيي الشرق أعرف بدينهم من أوروبا وأكثر الناس ألتزاماً به ومن يُريد التأكُد من ذلك فليذهب لزيارة الكنائس التي اسسها المسيحيون الشرقيون في أوروبا ويقارن بينها وبين كنائس مواطني تلك البلدان الأصليين فسوف يرى ان جمهور الحضور في كنائس أهل البلد لايُساوي 5 % من الحضور الموجود في كنائس الشرقيين والعرب وبصراحة فأن الكنائس في دول أوروبا تكاد تكون خالية على مدار السنة ألا في مناسبة أعياد ألميلاد .
وقد حاول السياسيين في أوروبا سلب دور الكنيسة في حياة الناس وفرضوا عليها أجراء عقود الزواج بين مثيلي الجنس وهذا لايُمكن أن ترضى به أي كنيسة شرقية لا في أوروبا ولا في الشرق ألأوسط وهذا جزء من عملية سلب ألأرادة وأخضاعها لأهواء السياسة وزجها في صراعات لاتدعو هي لها بل وغير موجودة في تعاليم الديانات السمحاء كلها ومن هذا المنُطلق صدرت بيانات ألأستنكار الكثيرة من رجال الدين المسيحي في العراق ومصر ودول أخرى لتُثبت اسقلاليتها وعدم رضاها عن تلك ألأطروحات الصادرة عن البابا في الفاتيكان, ولأنها جزء من الشعوب التي تعيش بينها ويجمعهم حب ألوطن وألمصير المشترك . مهدي الحسني
https://telegram.me/buratha