( بقلم: مهدي الحسني )
التحديات التي تواجه الحكومة الحالية تشكل قوة كبيرة لايمكن الاستهانة بها او التقليل من شأنها وهي اكبر من قوة الحكومة بكل ما تملك من جيش وقوات أمنية ولايمكن السيطرة على تلك التحديات ومواجهتها ألا بالتعاون الغير محدود من جميع العراقيين المخلصين المحبين لعراقيتهم ووطنهم ولابد من القفز على ما تُسمى بالمواقف الثابتة لبعض القوى السياسية والدينية ومحاولة التعامل مع الازمة كما هي وليس كما نحلم ان تكون .
العراق الآن امام خطر حقيقي بالأنزلاق الى حرب اهلية ولو حدثت لا قدّر الله فسوف تأكل هذه الحرب كل المواقف الثابتة والمُتحركة وتحصد أصحابها, وسوف لا يجد قادة الاحزاب اعضاء يتحكمون بهم ولا يجد القادة الدينيون طوائف يُسيرونها كما يَشاؤون , والاصرار على بعض المواقف المُتشنجة والتي ترفض كل شئ اثبتت عدم جدواها بل اثبتت سلبيتها على ارض الواقع وجرّت البلاد الى شفى حُفرة لن ينجيكُم منها الآ الله , فمن ناحية التعامُل مع وجود القوات المتعددة فأن العقل والفقه يقول ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم, وسواء كانت الحرب الأهلية من تدبيرهم أم لا, الخطر الأن اننا وصلنا الى مشارفها, فهم يقولون أنهم لن يخرجوا حتى يتحقق الأستقرار التام ويتم القضاء على الأرهاب وتشكيل قوات أمنية قادرة على أدارة الشؤون الأمنية للبلاد وهذه الأمور لن يتحقق منها شئ مادامت هناك عمليات أرهابية تستهدف قوات الجيش والشرطة والمدنيين بنفس الوقت وتُسمي نفسها مُقاومة , أي وجود القوات المتعددة مستمر مادامت هناك (مقاومة) والتوجه الأن مُنصب على زيادة عدد تلك القوات لمواجهة خطر حرب أهلية, أذن فماذا حققت هذه القُوى لحد الآن غير التخريب وزيادة عدد القوات الأجنبية في العراق وبدل جدولة أنسحاب اصبحت جدولة بقاء وزيادة عدد تلك القوات .
لقد قال المسؤولين الأمريكان ان المعركة التي يخوضونها ضد الأرهابيين في العراق هي لحماية امريكا وحلفاءها من أن يصل هؤلاء الى دولهم وهذه سياسة ثابته وعليه فلا يُمكن ان ننتظر من الديمقراطيين في حالة فوزهم ان يُبادروا الى سحب قواتهم من العراق, ان قواتهم موجودة في المنطقة منذ بداية الثمانينات او قبلها وهي في أزدياد مستمر منذ عهد الجمهوري ريغان ومروراً بالديمقراطي كارتر والجمهوري بوش الأب والديمقراطي كلتون والجمهوري الأخير بوش الأبن اذن فما هو الذي تغير في السياسة حيال الشرق الأوسط , لاشئ, الوجوه والاحزاب تغيرت والسياسة العامة تجاه المنطقة لم ولن تتغير, لذلك فالمطلوب هو التعامل المنطقي مع الواقع ووقف تسلل هؤلاء الأرهابيين الى العراق والكف عن دعمهم وأيوائهم والقضاء على النُسخ التي خلقوها في الداخل فقد اثبت الواقع انهم يريدون تدمير العراق وشعبه وليس كما هو مُعلن والدليل هو مئة الف ضحية عراقي ومليون مُشرد ومُهجر داخلياً وستة ملايين مُجبر على الهرب للخارج حفاظاً على حياته وتدمير مُبرمج للبنى التحتية , كل ذلك مقابل 2600 جندي امريكي سقطوا بهذا (الجهاد) المزعوم . بهذا فقط نستطع بناء جيش قوي وقوة أمنية فاعلة وبعدها نتفاوض معهم فعلينا التعامل معهم من مُنطلق تعهداتهم امام شعبهم وامام المُنظمات الدولية ومنح الفرصة لهذه الطريقة من الحلول طالما لم تنفع غيرها .
الواقع يقول أيضا ان كثيرا من الواجهات السياسية او الدينية أنقسمت على نفسها أمام تلك التحديات فلم يعُد القائد السياسي او الديني واحداً بل تعددت القيادات وأُنشئت ميليشيات جديدة وتغير الواقع على الأرض اليوم مُقارنةً بالواقع العراقي قبل ثلاث سنوات .
وهذا الأنقسام يؤدي الى تعدد المواقف والرؤى ويمكن حسابه كنقطة ايجابية لصالح الأمريكان فيما لو أردنا التفاوض معها حول جدولة انسحاب القوات المتعددة ويؤدي الى أضعاف هيبة الدولة العراقية, ولذلك فأن البديل الوحيد في رأيي لهذا الواقع المأساوي هو الدولة وسلطة الدولة وهيبتها والمبنية على الشراكة الوطنية الحقّة وعدم استغلال السلطات لتحقيق مآرب فئوية وحزبية تؤسس لحالة خصوصية ضيقة بدلاً من الحالة العمومية التي تعود بالنفع العام على كل فئات الشعب .
ولن تستطيع الدولة وحكومتها لوحدهم تحقيق مطالب العراق ألأ بالدعم الشعبي الكامل لأن الشعب ومؤسساته الوطنية هي التي تمنح القوة للدولة وتُعزز مواقفها وأجرآتها لتحقيق الأستقرار وألأستقلال .مهدي الحسني
https://telegram.me/buratha