بقلم: حسن ابراهيم / الامارات
هذه نبضة من معاناة المواطنين (البدون) بدولة الامارات العربية المتحدة .. وأتمنى أن لا أكون قد أثقلت عليكم ولأننا نطمع من سيادتكم العمل الخير .. وأعلم علم اليقين بأنكم لا تقصروا بمد يد العون الى المظلوم وهذا من شيمة المخلصين .. جزاكم الله خيرا الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم. ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني. وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة. ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الانسان لكيلا يظطر المرء آخر الأمر الى التمرد على الاستبداد والظلم . ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقي الاجتماعي قدمًا وأن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح. ولما كانت الدول الأعضاء قد تعهدت بالتعاون مع الأمم المتحدة على ضمان إطراد مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها. يولد جميع الناس أحرارًا متساوين في الكرامة والحقوق. وقد وهبوا عقلاً وضميرًا وعليهم أن يعامل بعضهم بعضًا بروح الإخاء. ربما أصبح ملف (البدون) الشائك، الذي تشابكت خيوطه منذ أكثر من أربعة عقود، أكثر سخونة في الوقت الراهن، بعد تبني أصوات برلمانية واجتماعية معاناة أبناء هذه الفئة التي حرمت من أبسط الحقوق المعاناة ليست في أمر واحد أو حتى اثنين أو ثلاثة لكنها تتسع لتشمل كل شيء، لكن أبرزها يمكن تلخيصه في ثمانية بنود أساسية هي : التعليم .. لا يحق لأبناء «البدون» الالتحاق بالمدارس الحكومية لتلقي العلم ما دفعهم إلى التسجيل في المدارس الخاصة رغم ضيق ذات اليد الذي يعاني منه الغالبية الأمر الذي أوجد الأمية، فهناك أسر لا تملك قوت يومها ولا يمكنها تحمل مصاريف التعليم الباهظة، ومن قدر له من «البدون» الحصول على الثانوية فإنه لا يستطيع الالتحاق بالمعاهد التطبيقية أو الجامعة، والمدارس الخاصة تستغل هذه الفرصة وتفرض الرسوم الباهظة . العلاج .. فرضت وزارة الصحة على «البدون دفع مائة درهم عند مراجعة المستشفيات الحكومية، ولا يتوقف مسلسل الدفع عند هذا الحد، وانما هناك رسوم للأشعة والتحاليل .. فضلاً عن دفع مائة درهم عن كل يوم يمضيه «البدون» في المستشفى, وهذه الرسوم لا تعفي غير محددي الجنسية من التأمين الصحي . التوظيف .. لا تقوم وزارات الدولة بتوظيف أبناء هذه الفئة، إذ يمنع عليهم العمل في القطاع الحكومي بشكل قاطع، كما أوعز الى القطاع الخاص بعدم توظيفهم - وان تفاوتت درجات الالتزام - وضيق الخناق بدرجة كبيرة على«البدون» في السنوات الأخيرة، اذ منعوا من مزاولة أي مهنة مهما كانت صعوبتها ومهما كانت قلة المردود المادي لها، ونجم عن عدم وجود أي وظيفة عزوف الكثيرين عن الزواج، فهناك شباب من «البدون» اقتربوا من الأربعين غير متزوجين نظراً لضيق ذات اليد. وثائق السفر .. لا يحصل «البدون» على جواز سفر الا في حدود ضيقة جداً، فعلى أي منهم أن يحضر تقريراً طبياً يثبت انه يعاني من مرض ولا يوجد في الامارات علاج لهذه المرض، وفي بعض الأحيان لا يمنح ذلك الجواز رغم حصوله على تقرير طبي ، واذا منح جواز سفر فانه يكون لسفرة واحدة ويسحب فور عودته الى البلاد. عقود الزواج والطلاق .. يجد أبناء البدون صعوبة بالغة في توثيق عقود الزواج والطلاق، اذ لا تمنح ادارة التوثيقات بوزارة العدل عقود الزواج أو الطلاق لغير محددي الجنسية، كما أوصت «المأذون الشرعي» الذي لديه تفويض بتوثيق عقود الزواج خارج أسوار وزارة العدل بعدم توثيق عقود هذه الفئة، الأمر الذي دعا «البدون» الى توثيق عقود زواجهم خارج وزارة العدل عن طريق المأذون أو اللجوء الى «عقد قران» على الطريقة القديمة، اذ يقوم أحد الشيوخ بعقد الزواج من دون أوراق رسمية وتالياً يرفع الزوج قضية في المحكمة ليثبت زواجه. التملك .. عدم حصول «البدون» على هوية رسمية من أي جهة حكومية ترتب عليه، عدم تمكن أبناء هذه الفئة من تسجيل بيوتهم و سياراتهم بأسمائهم، كما انهم يلجأون الى أقربائهم أو أصدقائهم حينما ينوون شراء سيارة أو منزل لتسجيل ذلك على أسماء غيرهم . رخصة القيادة .. لا يمنح أبناء غير محددي الجنسية رخصة قيادة للسوق، ولا يتم تجديد الرخص القديمة التي حصل عليها أصحابها قبل سنوات، اذ ترفض وزارة الداخلية ممثلة بإدارة المرور منح أي شخص من «البدون» اجازة قيادة تمكنه من التنقل لقضاء احتياجاته واحتياجات أسرته، ومن يتمكن من تجديد رخصة قيادته يقتصر تجديدها على عام واحد فقط. شهادات الميلاد والوفاة .. لا تدرج وزارة الصحة المواليد «البدون» ضمن كشوفاتها، اذ تصر على عدم منح هؤلاء الاطفال شهادة ميلاد تثبت ولادتهم وتطلب من ولي الأمر تعديل وضعه كي يمنح مولوده شهادة ميلاد، وفي المقابل لا تعطى أسر المتوفين من «البدون» شهادة وفاة، اذ يجد أبناء تلك الفئة صعوبة بالغة عند تقييد موتاهم في سجل المتوفين، ويطلب من عائلة المتوفى أن يقوموا بتعديل أوضاعهم كي يمنحوا تلك الشهادة. مواطنون بلا هوية .. يتساءل الكثيرون عن المتسبب الرئيس في وجود عدد كبير من المواطنين الذين لا يحملون هوية أو إثبات مواطنة وهم ما يسمى بفئة( البدون) في الامارات ، وعلى من تقع مسؤولية تفاقم المشكلة واستمرارها الى يومنا هذا, ولتوضيح الأمر لابد من الرجوع الى التاريخ السياسي للامارات واستقراء الماضي بعين ثاقبة منصفة. لقد تشكل الشعب الاماراتي من خليط من قوميات مختلفة نزحت الى هذه المنطقة من المناطق المجاورة في الجزيرة العربية والعراق وايران والشام وأقليات من مناطق أخرى, و (البدون) هم فئة من مواطني هذا البلد من الذين ينتمون الى الأعراق والقوميات نفسها التي جاء منها معظم الشعب الاماراتي، وترفض الحكومة الاماراتية الاعتراف بهم كمواطنين وتحرمهم من أبسط الحقوق الانسانية فضلاً عن الحقوق الوطنية. وأكثرية (البدون) هم من أبناء البادية الرحل من قبائل شمال الجزيرة العربية الذين استقر بهم المقام في الامارات بعد ظهور الحدود السياسية بين دول المنطقة، يضاف الىهم أعداد من النازحين من الشاطئ الشرقي للخليج من عرب وعجم بلاد اليمن وعمان والعراق و إيران, وقد بدأت هذه المشكلة العام 1971 عندما قام الاتحاد بين هذه الامارات السبعة ، صدر قانون الجنسية في الامارات ، وبرزت الى السطح بشكل واضح بعد استقلال اذ لم يعالج القانون أمر من طالب بالجنسية بعد هذا التاريخ الى أن تفاقم المشكلة وقد كانت الحكومة في العقود الثلاثة الأولى من المشكلة تتعامل مع هذه الفئة كمواطنين لحاجتها الى جهودهم في خدمة البلاد, فكانت تقبل توظيفهم في مختلف وزارات الدولة خصوصاً وزارتي الداخلية والدفاع، حيث كانوا يشكلون نسبة كبيرة جداً فيهما, وكان يقبل أبناؤهم في المدارس الحكومية, ولكن - ومع مرور الوقت - بدأت الحكومة تتنكر لحقوقهم شيئاً فشيئاً، حتى وصل بهم الحال الى الوضع الحالي، حيث أصبحت تلك الفئة محرومة من أبسط حقوق العيش الكريم في الامارات ، فلا هوية تعريف ولا إذن بالعمل ولا حق بالتطبيب ولا التعليم ولا التزويج ولا غيرها من الحقوق الأساسية الموثقة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.لا يمكن ان نعي حجم مشكلة المواطنين بلا هوية ــ الذين يطلق عليهم اليوم فئة( البدون ) ما لم نسترجع الوضع التاريخي لهؤلاء خصوصا ان هناك من لم يعد يربط أسباب المشكلة بما يمكن أن يترتب عليه الحل بالصورة المطروحة حاليا ، فقد أخفق عدد كبير منهم في الحصول على الجنسية .. وتأثير العوامل القبلية والطائفية والقناعات الشخصية على سلوك أعضاء تلك اللجان ، الأمر الذي ضيع حقوق الكثيرين من المواطنين المقيمين في البلاد منذ عقود طويلة من الزمن .. والأمية المنتشرة في أوساط المواطنين آنذاك ، والتي ساهمت بفاعلية في التأثير السلبي على استيعاب الناس لأهمية الحصول على الجنسية ، وخصوصا ان البلاد كانت تمر في فترة انتقالية من المجتمع البدائي القبلي الى مجتمع المؤسسات المدنية والنظام الدستوري ساعد في ذلك المداخيل الهائلة التي صب على خزينة الدولة آنذاك من بيع النفط واستثمار عائداته . وتباطؤ الحكومة وعدم اهتمامها لايجاد حل مبكر للمشكلة منذ البداية، الأمر الذي أدى الى تفاقمها لتصبح مع مرور الوقت معضلة يصعب حلها كما هي عليها الآن, وقد يكون هذا التباطؤ هو السبب الأساسي . وتدعي الحكومة أو من يمثل وجهة نظرها، أن هؤلاء (البدون) هم مواطنون من دول عربية والأجنية أخرى قدموا الى الامارات في نهاية الستينات وبداية السبعينات للعمل، ثم قاموا بإخفاء جوازاتهم وهوياتهم، رغبة منهم في الاستفادة مما كان يتمتع به (البدون) من امتيازات. تلك الدعوى لا يمكن ان تكون قابلة للتصديق، ناهيك عن كونها غير قابلة للتعميم أيضا لتكون هي القاعدة، حتى وإن وجدت بعض الحالات التي هي من هذا النوع، ولكنها حالات نادرة لا ترقى لمستوى الظاهرة، وذلك للأسباب التالية: أولا: الأصول الجغرافية لهذه الفئة من شريحة( البدون ) لا تختلف عن الأصول الجغرافية للمواطنين الاماراتيين اليوم، بل لا يختلف اثنان على أن المجتمع الاماراتي خليط من قوميات وعرقيات متجانسة تماما نزحت إلى المنطقة من الدول المحيطة والمجاورة. ثانيا: كان يقدر عدد فئة (البدون) بـألوف قبل عام 1990، فهل يمكن تصديق ان نصف هذا العدد بل حتى ربعه هم مواطنون من دول عربية أخرى دخلوا الامارات وأخفوا جوازاتهم ووثائقهم، دون أن يكون لأجهزة الأمن دور في ضبط تلك الممارسة غير الدستورية؟! ثالثا: لماذا تجاهلت الحكومة هذا التسيب الأمني طوال تلك الفترة؟! ولماذا لم تعلن عن خطورة تلك الظاهرة في العقد السادس أو السابع أو الثامن من القرن الماضي قبل أن يرتفع العدد ؟! رابعا: كيف تقبل الحكومة أن يعمل هذا الكم الكبير من الذين أخفوا جوازاتهم وهوياتهم في القطاع الحكومي والخاص طيلة العقود الماضية ؟ خامساً: لماذا لم تباشر الدولة في فتح سجلاتها الرسمية لمنافذها الحدودية التي تسجل دخول وخروج الأفراد، فتكشف تاريخ قدوم من يدعي اليوم بأنه من فئة (البدون) ؟! سادساً: لو قبلنا جدلا تلك الدعوى، وأن بعض الأفراد أخفوا جوازاتهم وهوياتهم، وأن الحكومة خدعت وقبلتهم، فما ذنب الجيل الثاني والجيل الثالث الذين ظهروا الى هذا الوجود وهم لا يعرفون الا الامارات وطنا، ولم يقبلوا إلا أرضها ملاذا للعيش والاستقرار؟! على ذلك لا يمكن أن تكون تلك الدعوى منطقية، خصوصا وأن هناك تداخلا كبيرا في الأنساب بين عدد كبير من المنتمين لتلك الشريحة وأبناء المجتمع الاماراتي، مما يؤكد أن الأغلبية الساحقة من تلك الفئة قد ظلمت حقا في عدم تمكينها من الحصول على هذا الاستحقاق. كما انه خلال العقود الخمسة الماضية، قامت الحكومة بالإعلان عن فتح لجان للتجنيس أكثر من مرة، وكانت تلك اللجان على ثلاثة انواع هي: اولاً: لجان لمنح الجنسية التي تشكلت في الستينات، حيث منحت تلك اللجان الجنسية لبعض الأفراد. . وثانياً: لجان تسجيل للمطالبة بالجنسية، وهذه لجان فتحت أكثر من مرة منذ منتصف الستينات وحتى مطلع الثمانينات، ولكنها في كل مرة كانت تدعو الناس لتسجيل أسمائهم، ثم تقوم باغلاق باب التسجيل بدون اعطاء اية ايضاحات. وهذه اللجنة ـ الأخيرة ـ هي نفسها فاقدة للقانونية لأنه لا علاقة لمسماها بقضية «البدون», تلك الفئة التي لا يمكن ان ينطبق عليها صفة المقيمين بصورة غير قانونية، فالمقيم بصورة غير قانونية هو ذلك الانسان الذي يدخل بلداً ما ولا يعلن عن وجوده في ذلك البلد، بينما الأكثرية الساحقة من «البدون» مولودون في مستشفيات الامارات ومسجلون رسمياً في سجلاتها. من هنا لا يمكن أن نعفي الحكومة من مسؤولية ما آلت اليه أوضاع تلك الفئة المظلومة، خصوصاً في ظل وجود تلك التخبطات الكثيرة والكبيرة التي بلا شك قد دفع ثمنها عشرات الألوف من العوائل (البدون) في هذا البلد ظلماً وجوراً. من مآسي القدر أن يكون بيننا أناس مسلوبوا الارادة لا حول لهم ولا قوة لأن قيودا فرضت عليهم تحول دون حصولهم على أبسط الحقوق المدنية التي كفلتها لهم شريعة السماء ناهيك عن دساتير البشر. ومن مآسي القدر أن تعيش تلك الفئة الحرمان بكل ما تعني تلك الكلمة من معنى, فئة من المواطنين الذين لم يسعفهم القدر في الحصول على هوية اثبات مواطنة، فصبت عليهم كل أنواع الظلم والمسكنة. فها هم يعانون الحرمان من حق السفر حيث لا يسمح لهم باقتناء وثيقة سفر، إلا في حالات نادرة تقتضيها «المصلحة» فيمنح جواز سفر أو تذكرة مرور فقط وها هم يعانون الحرمان من حق العمل فلا يسمح لهم بالتوظيف في القطاع الخاص ناهيك عن العمل في القطاع الحكومي. وها هم يعانون الحرمان من حق التعليم فلا يسمح لأبنائهم بالدراسة في المدارس الحكومية ما أدى هذا القرار اللاانساني الظالم الى تفشي الامية بين عشرات الآلاف من أبنائهم, وها هم يعانون الحرمان من حق الملكية، فلا تسجل بأسمائهم العقارات ولا الشركات ولا السيارات ولا غيرها من الوسائل التي تتطلب وثائق اثبات الهوية.وها هم يعانون الحرمان من حق توثيق الزواج والطلاق الشرعيين، لاتوثق المحاكم عقود زواجهم، واذا تزوج أحدهم من دون توثيق في المحكمة يحاكم كمرتكب جريمة زنا، كما أن طلاقه لا يوثق. وها هم يعانون الحرمان من حق العلاج، فعلى مريضهم دفع مائة درهم للمستشفى، والولادة تكلف هذه الفئة خمسة الآف درهم , وها هم يعانون من حرمان مواليدهم من حق الحصول على شهادة ميلاد، والطامة الكبرى أن أمواتهم يعانون الحرمان أيضا ، فلا يحق لهم أيضا الحصول على شهادة وفاة لأمواتهم . وها هم يعانون الحرمان من حق الحصول على رخصة قيادة سيارة، ومن كان منهم يحمل رخصة قيادة وانتهت صلاحيتها لا تجدد وكل هذه مخالفة لأبسط مقررات المنظمات الدولية وحقوق الانسان التي وقعت عليها الحكومة الاماراتية , وهنا نتساءل أيعقل أن نجد كل تلك الممارسات اللاانسانية في بلد كالامارات وقد لا تصدقون هذه الحقيقة المرة .. و يعيش الكثير من البشر في العالم على خيرات أهله؟ فقد استشرى الفقر المفروض عليهم ( البدون ) كنتيجة طبيعية للمنع من العمل، رغم أن أكثرهم يملكون الطاقات والكفاءات, هذا المنع من العمل في القطاعين الخاص والعام، جعلهم عرضة للاستغلال، اذ يقوم بعض أصحاب الأعمال باستغلال وضعهم المتردي عبر تشغيلهم في أغلب الأحيان بربع الراتب الطبيعي تقريبا، وليس أمامهم خيار للامتناع .كما أن انتشار الأمية جاء لصعوبة تعليم أبناء هذه الفئة، لأن تعليمهم في المدارس الخاصة - بعد حرمانهم من التعليم في المدارس الحكومية يتطلب مبالغ كبيرة لا تستطيع العائلة توفيرها، وهي الممنوعة من العمل أصلا، فأضطرت أكثر الأسر الى التوقف عن تدريس بناتهم في بداية الأمر، وآثرت تدريس أولادهم فقط، ثم تطور الأمر الى التوقف عن تعليم كل الأبناء وأختصر على دخول بعضهم سنة وبعضهم الآخر في السنة الأخرى، مما أدى الى التأخر العلمي والاحباط وارتفاع نسبة الانحراف, فالانسان الجاهل الممنوع من الدراسة والعمل والمحتاج للعيش في الوقت نفسه، سيضطر الى اللجوء الى مختلف الوسائل لتوفير لقمة العيش. كما أن ارتفاع تكاليف مراجعة الأطباء في المستوصفات والمستشفيات أدى الى احجام أسر هذه الفئة المظلومة في كثير من الأحيان عن مراجعة الأطباء، الأمر الذي يؤدي الى تفاقم الأمراض وانتشارها، والتأخر في علاجها، وبالتالي يهدد بكوارث صحية.ومن الآثار الطبيعية للجهل والفقر والضغوط النفسية، فالانسان الذي يرى نفسه قادرا على العمل، ولكن القانون يحرمه ظلما وجورا بلا سبب ولا ذنب، سيصل الى مرحلة يتمرد فيها على القانون وبالتالي يلجأ الى الجريمة والعنف كأسلوب وحيد لأخذ حقه.ونتيجة لذلك، فانه من الطبيعي أن يفقد المجتمع الأمن، وتزداد جرائم القتل والسطو والسرقات والمخدرات وتتفاقم الأمراض وتتفشى الممارسات اللا أخلاقية, كما أن هذه الآثار السلبية باتت لم تقتصر على تلك الفئة المظلومة فقط، وانما امتدت لتطول المجتمع الاماراتي بأسره, وهنا تكمن الطامة الكبرى التي لن يعفي الله سبحانه أحداً هنا من تحمل تبعات مسؤولياتها.قبل سنتين ، جاءت نية تقديم ملفات (البدون) الذين لم يعدلوا أوضاعهم الى وزارة الداخلية وبعد التحقيق قدم بعضهم الى النيابة العامة بتهم مختلفة منها: التزوير في مستندات رسمية، والادلاء ببيانات غير صحيحة، ودخول البلاد بشكل غير رسمي ولا أعرف كيف يطبق الأمر على من ولد في هذا البلد منهم ولم يعرف حضناً له سوى الامارات ؟ ولولا النيابة العامة التي قضت بضعف الأدلة التي قدمتها الحكومة، مما دفع الحكومة الى لملمة أطراف القضية ومحاولة صرف النظر عنها، لزادت المأساة. هكذا تتعامل حكومة الامارات وبكل بساطة مع أربعة أجيال من «البدون» ولدت وعاشت على أرض الامارات من قبل ظهور النفط والاستقلال والاتحاد بين هذه الامارات السبعة وقانون الجنسية ، لتصبح بين عشية وضحاها توصف بأنها مقيمة بصورة غير قانونية، فهل من حكيم ؟! وهذا فيض من غيض وحتى لا أطيل عليكم أكثر .. أفيدونا يرحمكم الله . وجزاكم الله خيرا عما تفعلوه .. والله يوفقكم ،، وتقبلوا بفائق الاحترام أخوانكم المظلومين ( البدون )اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha