الفيدرالية اليوم لا تعني فرض الأمر الواقع، أو استخدام لغة التهديد للقبول بهذا النظام الإداري وإنما تعني المزيد من التوافقات السياسية وخلق أجواء من الثقة المتبادلة ........... ( بقلم عراقية )
استقرار العراق وخروجه من وضعه الحالي وأزماته المزمنة، مرهون إلى درجة كبيرة على قدرة السياسيين على بناء نظام سياسي وإداري جديد، يعطي لكل مكونات العراق المذهبية والقومية والدينية والعرقية دورها وحقوقها.. والفيدرالية هي أحد المشروعات السياسية والإدارية المطروحة اليوم، والدعوة إلى هذا النظام، لتجاوز كل تجارب الاستبداد الذي هدد وحدة الشعب العراقي وعروبته, التي عانى منها لعقود طويلة والتي هي السبب الرئيسي في تدهور الاوضاع الحالية في العراق . فالفيدرالية الإدارية هي أقرب الصيغ لتحقيق مفهوم العدالة السياسية والتنموية في العراق اليوم، وان شعب العراق ليس شعبا واحدا فنحن شعوب مختلفة في وطن واحد ولكل شعب تاريخه وثقافته وعاداته وتقاليده التي يجب ان تحترم ,لا تهميش فيها لأحد، ولا إقصاء لأي طائفة أو قومية. فالعراق لكل أبنائه ومكوناته، ولن يزدهر إلا بمشاركة الجميع في بنائه وتعميره.
إن السياسيين العراقيين معنيين بشكل مباشر وخاصة الاطراف التي شاركت مؤخرافي العملية السياسية باستقرار الاوضاع في العراق ونبذ وانهاء العنف والاختلافات والصراعات السياسية بوسائل الاغتيال والتفخيخ والتفجير. فالقوة الحقيقية اليوم في العراق لا تحمى بهذه الطريقة، بل بالتوافقات السياسية لحماية وحدة وسيادة العراق التي يتباكون عليها . وهم بحاجة الى رفع الحصانة السياسية عن كل العمليات الارهابية التي تجري اليوم باسم مقاومة المحتل كخطوة اولى لوقف نزيف الدم العراقي .
الفيدرالية اليوم لا تعني فرض الأمر الواقع، أو استخدام لغة التهديد للقبول بهذا النظام الإداري وإنما تعني المزيد من التوافقات السياسية وخلق أجواء من الثقة المتبادلة بين ابناء المجتمع والمشاركة في السلطة والمسؤوليات واحترام الخصوصيات العرقية والمذهبية لكل اقليم , وتوزيع عادل للثروات بما يتناسب واحتياجات الاقليم ومدى الضرر الذي لحق بهم او المناطق المحرومة وخاصة المحافظات الجنوبية التي عاشت في ظلم واستبداد واهمال متعمد وحرمانهم من التمتع بثرواتهم ومن المشاركة بالسلطة . وكل ذلك وفقا للدستور الذي صوت علية الشعب في تشرين الاول الماضي..
والنظام الفيدرالي اثبت نجاحه تطبيقيا في مختلف دول العالم, كالولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا وماليزيا وغيرها واقرب مثال لنا هو فيدرالية كردستان التي تنعم بالامن والاستقرار والرفاه , ولذلك يجب تثقيف الشعب وخاصة المناطق المدمرة والمحرومة في الجنوب على تقبل مبدا الفيدرالية التي هي من ارقى النظم الديمقراطية وهي حق من حقوقهم وهي الضمان لهم بان التسلط والاستبداد انتهى بالحكم الذاتي لاقاليمهم والتخلص من سلطة المركز التي جرًت بالويلات لهم . فبعد ويلات ثلاث عقود بقيادة حزب واحد وقائد واحد انهار كل شئ مبدئي بالعراق وتعطلت وتجمدت الحياة الانمائية والاقتصادية وفرض ارادة فئة صغيرة على اغلبية ساحقة واستعبادها بالحديد والنار.
هناك مفهوم شعبي خاطئ للفيدرالية واعتبارها تقسيم للبلد لذلك واجه هذا المبدا رفضا من قبل بعض الجماعات البعثية وايضا من التيار الصدري ,فمعارضة البعثية المتمثلة بالاعضاء الذين وصلوا مجلس النواب امثال المطلك والعاني والعليان والدليمي والهاشمي وغيرهم هي مرتبطة باحلام العودة لحكم العراق من جديد , وايصال رسالة الى الشيعة والى قوات متعددة الجنسيات بانها غير قادرة على ضبط الامن دون الرضوخ لمطالبهم . ومع ذلك وافقوا على فيدرالية كردستان واقليم ثاني يمثل بقية العراق املا منها بالعودة للتسلط علية مرة ثانية .
اما بالنسبة لترويج عن الفيدرالية ونشرها بين ابناء الشعب العراقي .فمن واجب الجهات الاعلامية وخاصة قنواتنا الفضائية كـ( الفرات ) ان تعمل بانتاج برامج تثقيفية قصيرة تبين اهمية هذا المبدا وجعل الناس تتعايش مع مصطلح الفيدرالية وتبيين اهميتها لهم باعتبارها الضمان الوحيد لهم وللاجيال القادمة. وان الدولة تستمد قوتها من قوة اقاليمها . كما يجب على مجالس المحافظات ان تقوم بدورات تدريبية وعمل ندوات لمختلف قطاعات الشعب للتعريف بالفيدرالية واهميتها وانتاج البوسترات واي طريقة ممكن ان توصل هذا المبدا لعامة الشعب وخاصة بالجنوب يجب ان لا نفرط به . كما يجب تحفيز الناس على حملات الاعمار في الاقاليم والتنافس فيما بينها وخلق روح الانتماء وحب الاقليم والوفاء والاخلاص له من خلال العمل الجاد والمثمر ومحاسبة والاقتصاص كل من يحاول العبث ونشر الفساد فيه او الاسائة له ...
عراقيــــه
https://telegram.me/buratha