المقالات

الاعلام أحد اركان حرب غزة


طاهر باقر

من لايقدّر الاعلام يخسر الحرب، لان الاعلام هو عامل الحسم وله الدور الابرز في خواتيم الحروب، وفي غزة يلعب الاعلام الدور الاول في الحرب هناك، ولذا تحاول الاطراف المعنية ان تدير الحرب الاعلامية بما ينفع اهدافها الاستراتيجية.

ولكي يبرر رئيس الوزراء الاسرائيلي قتل آلاف الاطفال والنساء في غزة قام بصياغة تفاصيل قصة خرافية حول قطع رؤوس اطفال يهود في المستوطنات التي هاجمتها حماس، ولكي يدعم قصته الخرافية قام بنشر مقاطع فيديو تظهر مقتل مدنيين في العملية.

نتيجة القصة الاعلامية التي فبركها رئيس الوزراء الاسرائيلي حصل نتنياهو على تعاطف دولي كبير من قبل الساسة والشعوب الغربية وهذه التصريحات كانت بمثابة الضوء الاخضر الذي كان نتنياهو بحاجة اليه في سبيل تسوية بعض مناطق غزة مع الارض.

الرئيس بايدن اكل الطعم ومن دون روية بث القصة التي لفقها نتنياهو بخصوص قطع رؤوس الاطفال ونشرها على وسائل الاعلام العالمية وكأنها قصة حقيقية، ولم يطل الوقت حتى تراجع بايدن عن اقواله وفهم انه اكل مقلب نتياهو وعليه ان يتراجع عن تلك القصة الملفقة.

عندما نسال لماذا يكون رئيس الوزراء الاسرائيلي بحاجة الى تلفيق مثل هذه القصة لتبرير هجومه الوحشي على غزة ندرك اهمية الاعلام ودوره في حسم المعارك العسكرية، وعلى عكس مايظن الناس فان الحروب الاعلامية هي التي تحسم الحروب العسكرية وليس العكس.

نتنياهو الذي كان يظن بانه الاول في معركة الاعلام بمايملكه اليهود من امبراطورية اعلامية على مستوى العالم، ارتكب خطأ حربيا فضيعا حول انتصار "اسرائيل" الاعلامي الى هزيمة موجعة عندما قرر بمهاجمة مشفى المعمداني.

حصل تحول كبير في ميزان القوى السياسي والاعلامي بين طرفي الصراع بعد مهاجمة المشفى والصورة المأساوية التي نقلتها وسائل الاعلام العالمية عن الحادثة، جعلت "اسرائيل" تخسر كافة المكاسب الاعلامية والسياسية التي حصلت عليها في الغرب بعد "عملية طوفان الاقصى" ووضعت جريمة "مشفى المعمداني" "اسرائيل" في موضع المتهم في انظار الراي العام العالمي.

وحصلت غزة بعد الهجوم على التعاطف من المجتمع الدولي وحصل الفلسطينيون على موقع الصدارة في الاعلام العالمي ، ولم يعد داعموا "اسرائيل" يتجرؤون في الدفاع عنها او اقتباس قصتها في توضيح وقائع الحرب.

وحتى جميع القادة والسياسيين الذين دافعو عن "اسرائيل" ومنحوها الحق في مهاجمة غزة تراجعوا قليلا عن تصريحاتهم وبداوا يتحدثون عن اطفال غزة وحقهم في الحياة ووجوب التزام "اسرائيل" بالقوانين والمعايير الدولية اثناء الحرب.

وفهم الرئيس بايدن بان المقلب الذي اخذه من نتنياهو ، وضع اميركا وسياستها الخارجية في موضع حرج وجعلها في عيون كثيرين في موقع الداعم الى "اسرائيل" التي تقتل الاطفال وتشرد الآلاف وتسوي بالارض عشرات المساكن الآمنة واصبحت قواعدها من ضمن الاهداف التي تستهدفها صواريخ المقاومة.

وكان يتوجب على بايدن تصحيح هذا المسار الذي بلا شك سيضر السياسة الخارجية للولايات المتحدة وخاصة في منطقة الشرق الاوسط، وانه سيقوض كافة التحركات التي كانت جارية لتطبيع العلاقات الاسرائيلية مع بعض البلدان العربية.

من هنا بدأ الحديث من قبل الرئيس بايدن ورؤساء البلدان الغربية عن ضرورة فتح المعابر لايصال المساعدات الى قطاع غزة، وقال الرئيس الاميركي بانه تدخل شخصيا في الضغط على "اسرائيل" من اجل السماح الى فرق المساعدة والاغاثة الدولية في العبور الى غزة.

الضغط الاكبر الذي اتى هو من جانب الرأي العام العالمي والشوارع الغربية التي شهدت تظاهرات كبرى نصرة لغزة لم تشهدها منذ عشرين عاما مثل تظاهرات لندن، وحتى اميركا نفسها شهدت تظاهرات واحتجاجات كبيرة.

"اسرائيل" التي تحصل على الدعم المالي والسياسي من الولايات المتحدة تشعر بالخطر في حالة حصول تحول في اتجاهات الراي العام الاميركي لصالح الفلسطينيين لانه عند ذلك يمكن ان يشكل ضغطا على المشرعين لرفع الدعم الاميركي عن "اسرائيل" ووسيلة لتحريض الامريكيين على رفض تمويل "اسرائيل" من جيوبهم واموالهم الضريبية.

من هنا نكتشف اهمية وخطورة الحرب الاعلامية في الصراعات الدولية، فالاعلام بامكانه ان يغير مسار الصراع لصالح جهة دون اخرى، ومن هذا الباب يعمل القادة على التخطيط بشكل دقيق للحرب الاعلامية حتى يكسبوا المعركة ففي "اسرائيل" يجري الحديث عن حرب طويلة الامد تمتد لشهور وهي كذبة اعلامية هدفها ترهيب الفلسطينيين وتشجيع الاسرائيليين، في حين يعرف الجميع ان "اسرائيل" لاتمتلك القدرة على الدخول في حرب طويلة.

صحيح لايمكن مقارنة مستوى التكنلوجيا الحربية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الاسرائيلي ، لكن يمكن للمقاومة ان تستفيد من الحرب الاعلامية كأداة لتغيير مسار المعركة او حتى وقفها وتقوم بمبادرات اعلامية تحقق انتصارات سياسية!!

 

بقلم : طاهر باقر

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك