المقالات

وقفة على شاطئ كريم آل محمد "عليه السلام"..


كوثر العزاوي ||

 

الإمام الحسن المجتبى"عليه السلام" هو الامتداد الحقيقي لشخصيّة جدّه المصطفى"صلّى الله عليه وآله" وأبيه المرتضى"عليه السلام"، ومَن يُضيء متأمّلًا خُطَبهِ وحِكَمِهِ ورسائله لأبْصرَ ذلك التميّز الفكريّ النابض الذي يرسم خريطة عمل تتجلى بها عوامل النجاح والفلاح ، وفيما يلي قطرةُ حكمةٍ من غور بَحرِه الزاخر بغرر الحِكَم وقصار الكلمات كما في قوله "عليه السلام": 

{هلاك المرء في ثلاث: "الكِبَر والحرص والحسد"، ففي الكبر هلاك الدين وبه لُعِن إبليس، والحرص عدوّ النفس وبه اُخرِج آدم من الجنة، والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل}

إنه توجيه جامع مانع يحذّر من  خطر الأمراض القلبية وأشدّها علّة، حيث يضع المؤمن أمام حقيقة هذه الأمراض التي تصيب البشر سيما المؤمنين منهم، عسى ذلك المبتلى يضع نصب عينه حقيقة هذه الأسقام ونتائجها في الدنيا والآخرة،

ليجتهد في مجانبتها بالابتعاد!

وكما استوحينا درسًا في النهي عن مضلّات الصفات الذميمة، فقبال ذلك درسًا آخرا جدير بالأستلهام،

ولعله أبرز ماعُِرف به الإمام الحسن المجتبى"عليه السلام"وهو "الكرم"،  

وذلك من محامد الصفات التي ارتبطت باسمه" سلام الله عليه" 

حتى كُنّيَ بكريم أهل البيت ، لانه طالما انبرى يُقاسم الله أمواله ثلاث مرّات كما نُقلَ في كتب السيرة {فنصفٌ يدفعه في سبيل الله و نصفٌ يُبقيه له ، بل وصل إلى أبعد من ذلك، فقد أخرج ماله كلّه مرتين في سبيل الله ولا يُبقي لنفسه شيء! فلاعجب وهو سليل مَن الذي قال الله فيهم :

{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الحشر ۹

وماتلك المزيّة السامية إلّا احدى الدروس القيمة التي أراد الإمام أن يُعلّمهُا الموالين في البذل والعطاء من أجل القضاء على التفاوت الطبقي إضافة الى إعطاء درس في الإيثار والتكافل الاجتماعي، وذلك من خلال خطواته العملية في البذل والسخاء بأن ناصف الله تعالى أمواله ثلاث مرات، وخرج من أمواله كلياً، فقدّم جميع ما يملك في سبيل الله وبدأ حياته جديدة! ومن هنا جاء لقب الإمام "كريم أهل البيت" ترجمة واقعية حيّة يُستفاد منها في  إصلاح المجتمع وإشاعة الفضائل وروح الإيثار في الناس، وبذلك يتضح لنا أن  النهج القيَمي النبويّ العلويّ الرساليّ، إنما هو ذات النهج الحسنيّ الذي سار عليه في الأمة التي تلامس قيم ومفاهيم السماء بكل مشاعرها، ثم تعِيَها وتؤمن بها لتكون ثقافتها ونهجها في الحياة عبر الأجيال حتى بلوغ عصر قائمهم وبه تُختَمُ العصور، لتُضيء به ظلمات الأرض وتمتلئ قسطًا وعدلًا بعد أن مُلأَت ظلمًا وجورا.

 

٧-صفر ١٤٤٥هج

٢٣-٨-٢٠٢٣م

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك