المقالات

ايامكم كلها ظلم ... بعثية


 

رياض سعد ||

 

بعد حرب الخليج الثانية , وهزيمة الجيش الصدامي عام 1991 , ورجوع العراق الى ظروف العصور الوسطى , اذ انقطعت الكهرباء وعم الظلام ارجاء العراق , وانتشرت جثث الضحايا من العسكريين والمدنيين العراقيين جراء القصف العشوائي والمعارك الضارية , واختفى الوقود , وحدثت ازمة ( البنزين ) , وارتفعت اسعار المواد الغذائية , واختفت السلع الضرورية , وانتشرت الشائعات والدعايات ... الخ ؛ عم الاستياء والغضب الشعبي والاستنكار الجماهيري العراق جله , من جنوبه الى شماله , وتحررت المحافظات واحدة تلو الاخرى من سيطرة ضباع الفئة الهجينة وذئاب الطغمة التكريتية ومجرمي الاجهزة الامنية والحزبية والعسكرية ... ؛ اذ لاذ المجرمون والجلادون بالفرار .

و وصلت انباء الانتصارات الى العاصمة ؛ فهبت مدينة الثورة وخرجت عن صمتها , وجاءت جحافل المواطنين وجموع المتظاهرين من اخر شارع الداخل وكذلك شارع ( الجوادر ) وهي تقطع الشارع بالطول , وكنا نحن بانتظارها عند تقاطع مستشفى القادسية بالقرب من تسجيلات علي صالح مقابل فرقة الفرسان البعثية او نادي الفرسان  الرياضي , و قد وصلت اصوات الجماهير الينا وهي تهتف بصوت حقيقي وعالي كاد ان يصل الى عنان السماء من فرط قوته وصدقه ومبدئيته ؛ ومن تلك الشعارات التي لا زالت عالقة في الذاكرة : (( يا بغداد دوري دوري خل صدام يلحك نوري )) و (( لا اله الا الله صدام عدو الله )) و (( ايامكم كلها ظلم كواويد بعثية )) ولعل هذا الشعار الاخير والذي صدحت به حناجر الشباب والاحرار ؛ هو شبيه بالشعار الذي اطلقه اباءهم واجدادهم في حادثة اغتيال عبد الكريم قاسم , فقد خرجت الجماهير وقتذاك تهتف ب : (( ماكو زعيم الا كريم كواويد بعثية )) .

ولعل هذه الشعارات المختلفة كانت تمثل رؤى واراء الناس وقتذاك , اذ خرج السكير ( العركجي) مع مربي الحمام ( المطيرجي ) مع العامل والطالب والكاسب والمعلم والجندي والمتدين ... الخ ؛ في ملحمة جماهيرية خالدة وفسيفساء اجتماعي قل نظيره في تاريخ العراق المعاصر .

وعندما اقتربت الجماهير الثائرة من التقاطع المروري وبلغت القلوب الحناجر , وهرب البعثيون من الشارع وصعدوا الى اعلى السطح في بناية فرقة الفرسان وسط الصيحات والشتائم ورمي الحجارة ( بالمصايد ) عليهم , وكان عددهم لا يتجاوز العشرين شخص فقط  الا انهم كانوا مدججين بالأسلحة الخفيفة  , واثناء هذه الاحداث ؛ جاءت سيارات دفع رباعي حديثة  مسرعة – قيل انها من ضمن السيارات التي استولى عليها صدام في الكويت -  من جهة منطقة الحبيبية  ؛ وعليها مدافع رشاشة – احاديات - , وعندما وصلت التقاطع استدبرتنا واتجهت نحو الجماهير القادمة من اخر شارع الداخل وفتحت النيران الكثيفة على الثوار , وتم تعزيز هذه القوات ب سيارات اخرى مدنية – من نوع اولدز موبيل وسلبرتي – يقودها عناصر مسلحة من جهاز المخابرات والامن الخاص ... ؛ وتفرق الناس في ازقة و ( درابين ) وقطاعات المدينة , وسقط العديد من الشهداء الاحرار , واستبشر البعثيون خيرا , ونزلوا من اعلى بناية فرقة الفرسان , ليشاركوا في قمع الانتفاضة الشعبية الخالدة , ولم يستغرق الامر سوى ساعات , حيث تم القضاء على هذه الشعلة التحررية الصادقة , وعاد الوجوم واليأس والقنوط والاكتئاب الى حياة الناس  مرة اخرى ... ؛ واستمرت المطاردات والملاحقات الامنية اشهر عديدة وراح ضحيتها الالاف من خيرة احرار وشرفاء وابطال المدينة الثائرة .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك