المقالات

أحلام الإمبراطورية الضائعة


د. ظفر التميمي ||

/ باحثة مختصة بالشأن السياسي

تتحرك الاحداث السياسية سريعا فيما حولنا لترسم نظاما عالميا جديدا ، اضطرت معه الكثير من الدول والمؤسسات الى بذل الجهود المضاعفة لكي تحجز لها موقعا يضمن لها مصالحها العليا  ،  وبما أننا على أعتاب خلق نظام عالمي جديد لم تتضح معالمه بعد ، فإن إحتمالية حدوث الحروب وارد لا محالة ، فكل نظام عالمي تسبقه ازمات اقتصادية تقوده الى حروب تضع معها خرائط النفوذ والهيمنة للدول المنتصرة ، وكما هو معروف ، فالامبراطوريات منذ فجر التاريخ تتأسس على ضوء حروب ضرورية ، وتموت في ضوء حروب هامشية ، تقتات على اراضيها ، وبعد ان تكون قد استوعبت حقيقة التأريخ .

انها يا سادتي الكرام من سنن الأولين الذين مضوا ولم نعتبر من دروسهم ، وربما كان في عدم اعتبارنا حكمة لا يعلمها الا الله ، وفي خضم هذه المقدمة ، فإن حالة تركيا ، مشابهة لحلم الامبراطورية الضائعة ، والتي تحاول قدر الامكان الاستفادة من التقلبات الجارية ، لعلها تنطلق نحو امجادها القديمة في ضوء الدفع الامريكي نحو احياء النظم الاقليمية البديلة عن التواجد الفعلي الامريكي في المنطقة ، ولكن الحقيقة ان الولايات المتحدة الامريكية لن تبتعد كثيرا عن منطقة الشرق الاوسط الموسع ولن تكون اعمدتها الاقليمية مثل تركيا وغيرها خارجة عن نطاق السيطرة المتعارف عليها ، ولكن ثمة خطأً يتكرر دائما في الفكر السياسي التركي وهو يتمثل في عقدة الاسلام والقومية العربية ، فتركيا الجديدة تتارجح بين الماضي والحاضر ، بين هيمنة قامت على الحقد العنصري تجاه الشعوب التي انضوت تحت لوائها ،  وبين حاضر يسير بشكل اعرج تجاه  اوربا الرافضة لهم جملة وتفصيلا ، ومن يلاحظ سياستها تجاه روسيا الاتحادية يدرك ذلك ، كما ان معاداتها للعرب والمسلمين ومحاولة الاستفادة من زخم المهاجرين اليها ، من العراق وسوريا ، يجعلها في خانة الاعداء المحتملين . ان إعادة النهوض التركي من جديد يتطلب منها رسم حدود جديدة مع دول الجوار ، وخلق دور لها في قضايا اقليمية وعالمية ، والتفاعل مع القضايا الملحة في عالم اليوم ، وباعتقادي ان ذلك لا يعني ان تكون تركيا الانموذج الديمقراطي الثاني في المنطقة بعد اسرائيل ، فالمعارضة التركية تترقب ابسط هفوات اردوغان ، والوضع الاقتصادي لا يبشر بخير ، كما ان ميلها لاحد القطبين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الامريكية ليس واضحا ، وبالتالي لن يكون أمام الاتراك الا احدى خيارين ، وهو اما اللجوء الى اسلوب العنف المنظم والقوي تجاه الداخل والخارج او الركون الى موقع المتفرج ، والاكتفاء بعضوية المنظمات الدولية والاقليمية ولعب دور الوساطة ، ولا اراها تقتنع بالحل الثاني ، وربما سيسرع ذلك من إبعاد اردوغان الضعيف والحالم بالأمجاد الإمبراطورية  .

الحقيقة اني اتصور ان تركيا لن تستطيع البدء بالدور الاقليمي المطلوب منها الا بعد يتصدر وجه سياسي جديد للنظام التركي الحاكم  .

دمتم بخير

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك