حليمة الساعدي ||
ليس عيبا ان يذكر المرء نفسه بخير او ان يتحدث عن مواقفه الجميلة ويبدأ كلامه ب(انا) فكثير من الناس لا يفرق بين ضمير المتكلم (انا) والانانية كصفة مذمومة ولعل من بين المثقفين والقراء ورجال الدين من يتعوذ من كلمة انا بعد لفظها فيقول ( انا والعياذ بالله من كلمة انا) وطبعا هذه التعوذ لم يأتي من فراغ بل هي من موروثات معاوية اللعين الذي زور في الاحاديث والاحداث التاريخية فنسب مناقب امير المؤمنين عليه السلام للاول والثاني والثالث ممن سرق خلافة الرسول التي هي حق لوصيه وابن عمه الامام علي بنص القرآن.
ومعاوية هو من اسس لهذا القول واقصد التعوذ بالله من قول (انا) بغضاً بعلي عليه السلام الذي كان دائما ما يذكّر الناس بنفسه ومناقبه ليعودوا لجادة الصواب فمثلاً كان يقول على المنبر
أنا النون والقلم ،
وأنا النور ومصباح الظلم ،
أنا الطريق الأقوم ،
أنا الفاروق الأعظم ،
أنا عيبة العلم ،
أنا أوبة الحلم ،
أنا النبأ العظيم ،
أنا الصراط المستقيم ،
أنا وارث العلوم ،
أنا هيولى النجوم ،
أنا عمود الإسلام ،
أنا مكسر الأصنام ،
أنا ليث الزحام ،
أنا أنيس الهوام ،
أنا الفخار الأفخر ،
أنا الصديق الأكبر ،
أنا المحشر ، أنا ساقي الكوثر ،
أنا صاحب الرايات ،
أنا سريرة الخفيات ،) شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي ج: 22 ص: 351-352 / نفحات الأزهار للسيد علي الميلاني ج: 10 ص: 212-213 / توضيح الدلائل للعلامة السيد شهاب الدين أحمد بن عبد الله الحسيني الشيرازي.
ومن هنا نجد ان معاوية اللعين ومن تبعه من خلفاء بني اميه اوهموا الناس بأن كلمة انا ذميمة وهي صفة من صفات الشيطان فالشيطان اول من مدح نفسه وهذا كلام غير دقيق اذ ان الشيطان عندما عصى ربه ولم يسجد لآدم كما امره الله
وقال( انا خيرٌ منه خلقتني من نار وخلقته من طين) هنا الشيطان في موطن المعصية لربه ولم يمتثل لأمره فلوا انه امتثل لأمر ربه وحمده واثنى عليه ثم ذكر نفسه من باب الامتنان لله ان من الله عليه بأن خلقه من نار لما كان قوله مستقبح. القبح في موقف الشيطان الانانية وعصيانه لخالقه.
ولذا فأن خدمة بني امية من الكتاب ووعاظ السلاطين اوهموا الناس بأن من قال انا تشبه بالشيطان وعليه ان يتعوذ من هذه الكلمة وطبعا المقصود من كل هذا الدس هو ضرب امير المؤمنين وتشويهه سلام الله عليه لان عليه السلام كان يكرر كلمة انا مذكراً المسلمين بنفسه وبمناقبه ومواقفه وانه رحمة للعالمين ولا يريد بالناس شرّ.
فكثير من المسلمين اما مغرر به او حديثُ عهدٍ بالاسلام ولا يعرفون مقام الامام عليّ. وهنا قوله عليه السلام (انا) انما هي مجرد ضمير متكلم.
اما الانانية فهي صفة مذمومة صاحبها لا يحب الانفسه ولا يريد الخير الا لها ولو كان عنده ما يستطيع ان يساعد به غيره لامتنع عن المساعده لأنه لا يعبأ ولا يأبه بغيره فقط نفسه ولا شيء غيرها.
ولذا فالانانية هي صفة من صفات الشيطان اذ انه حين عصا ربه استكبر على آدم وغاضه انْ أمرَ الله الملائكة وأمره معهم ان يسجدوا لآدم، أنانيته منعته لانه كان يريد ان يستحوذ على الاهتمام والتميز والخير كله لنفسه. وحقد على ادم الذي نافسه في اهتمام الرب. هذه الانانية هي من اخرجت ابليس من رحمة الله، وهي لا تختلف كثيرا عن الحسد، فالأناني دائما ما يكون حسوداً.
لذا علينا ان نفهم ان لا اشكال ولا ضير من قول (أنا) مادامت ليست للتفاخر ولتحقير الناس والتعالي عليهم بل للتذكير وللاستشهاد كقولنا( لا تحزن فانا بلامس خسرت مالا مثلك تماماً فحمدت الله وشكرته) . هنا لا داعي لقول انا والعياذ من كلمة انا خسرت.... الخ.
فكلمة انا ضمير متكلم لا اشكال فيها والانانية صفة وهي مذمومة، جعلنا الله واياكم ممن يسمعون القول ويبعون احسنه.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
