الدكتور محسن القزويني
استعرضنا في الحلقة الاولى آراء الفلاسفة والمفكرين الذين دعوا الى فكرة الوجودية والذين حددوا المشكلة الانسانية بقدرة الانسان على ممارسة حياته الشخصية كما يريد. ووضعت علاجاً لهذه المشكلة وهو ممارسة وجوده بحرية كاملة ونستطيع أن نلخص ما ذهب اليه الفكر الوجودي الى ما يأتي:
1- الانسان اقدم شيء في الوجود.
2- مشكلة الانسان هو وجود القيود على حريته.
3- الاديان لم تستطيع حل هذه المشكلة.
4- حل المشكلة يكمن في تحقيق الانسان لوجوده كما يريد بحرية مطلقة وذلك بالتخلي عن القيود الدينية والاجتماعية.
5- ليس هناك قيم ثابتة في الوجود.
وقد تبنى هذه الرأي جمع من المفكرين وعدد من الحركات والمنظمات النسوية التي مارست ضغوط كبيرة على الأمم المتحدة لتبني مواقفهم فعقد من أجل ذلك عدد من المؤتمرات أهمها:
1- المؤتمر العالمي الاول للمرأة في عام 1975 والذي انعقد في مكسيكوستي، وجاء انعقاده ترامناً مع السنة الدولية للمرأة، وأصدر اعلان المكسيك دعى الى المساواة بين الرجل والمرأة وطالبهن بالمساهمة في التنمية والسلام الدوليين.
2- المؤتمر العالمي الثاني والذي انعقد في كوبنهاكن عام 1980، وفيه ناقش المؤتمرون الفجوة بين المبادئ والتطبيق والنتقد الجهات الناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة بأنها تحمل المبادئ دون تطبيق ودعى المرتمؤ الى ممارسة تلك الحقوق اتر أُقرت في المؤتمر الاول المنعقد في المكسيك وتم الاتفاق على العمل على ثلاث محاور هي المساواة في فرص التعليم وفرص العمل وفرص الخدمات العلمية.
3- المؤتمر الثالث في ناميروبي سنة 1985، أكد المؤتمر على مقدار قياس التطور في المساواة بين الرجل والمرأة على الصعيد الدستوري والقضائي وفي المشاركة الاجتماعية والسياسية في عملية صنع القرار وقدم المؤتمر دراسة استقصائية عن تطور المرأة.
4- المؤتمر الرابع في بكين سنة 1995 وهو من أهم المؤتمرات المرأة التي عقد خلال العقدين من 1975- 1995 لانه تخضى عن الاتفاقيات السياسية التي تم التوصل اليها في المؤتمرات العلمية الثلاثة المعنية بالمرأة، حضر الؤتمر أكثر من 17 الف مشارك و6 الاف مندوب حكومي واكثر من 4 الاف ممثل عن المنظمات المجتمع المدني وجرى المؤتمر ظاهرة اعلامية حضره 4 الالف صحفي وصحفية.
ركز المؤتمر حول مبدأ المساواة بين الجنسين ونتج عنه اعلان ومنهاج بيجين الذي وقعت 189 دولة تدور حول تمكين المرأة ؟؟؟ ومساواتها بالرجل وتمحورت بنود الاتفاق الدولي على 12 محور هي (المرأة والفقري، تعليم المرأة وتدريسها، المرأة والصحة، العنف ضد المرأة، المرأة والنزاع المسلح، المرأة والاقتصاد، المرأة في السلطة وصنع القرار، الالية المؤسسية للنهوض بالمرأة ، حقوق الانسان للمرأة، المرأة ووسائل الأعلام، المرأة والبيئة، الطفولة).
واستطاع المؤتمر أن يوحد جهود دول العالم نحو تمكين المرأة والتركيز على مبدأ النوع الاجتماعي لتحقيق كامل حقوقه من خلال تقسيم الحقوق والوضائف بينها وبين الرجل، فدعى المؤتمر الى اعادة الهيكلة الأساسية للمجتمع ومؤسساته وتقسيم الادوار والوضائف بين أعضاء المجتمع استنادناً للنوع الاجتماعي.
وقد توسع المؤتمر في اعلانه ومنهاج العمل الذي أقره في حق الافراد في التحكم بشؤونهم الجنسية واتخاذ القرارات بشأنها بما فيها الصحة الجنسية والانجابية بلا أكراه ولا تمييز ولا عنف.
وهي عبارات تتصمن التزام الدول بالحقوق الجنسية وان لم يتم استخدام هذا المصطلح.
فاصبحت الدول الموقعة على هذا الاعلان ملزمة بأقدام الحقوق الانسانية لجميع النساء وحمايتها والايفاء بها بغض النظر عما اذا كن مثليات أو ثنائيات أو متحولات الى الجنس الأخر او مخنثات او ميالات الى الجنس الاخر. وتشمل الحقوق الجنسية للمرأة؛ السلامة الجنسية والاستقلال والخصوصية والاختيار وهي دعوة للدول الى توفير خدمات الأجهاض للنسائ الى المدى الكامل الذي تشير قوانينها الوطنية. كما دعت أيضاً الى اجراء مراجعة للقوانين التي تجرّم النساء بسبب اجراء عمليات اجهاض غير قانونية.
وحول تمكين المرأة أو سيطرتها على نفسها طلب الاعلان بإتاحة وادامة الظروف الضرورية لضمان تمكين جميع النساء من تقرير حياتهن الجنسية الخاصة وتقرير صديقهن الجنسية بغض النظر عن الجنس الذي حُدّد لها عند الولادة والعيش في أشكال متنوعة من الأسر وممارسة استقلالهن في صنع القرار باختيار حياة جنسية مُرضية وآمنة و؟؟؟ والعمل مع الحركات الاجتماعية التي تُدافع عن حقوق الاشخاص الذين لا يتسق تعبيرهم الجنسي والخاص بالنوع الاجتماعي مع ؟؟؟ الحنسية المعهودة والتمتع بالمساواة في النوع الاجتماعي وعدم التعرض للتمييز بسبب أي جانب من جوانب الهوية كالعنصر والأصل العرقي والنوع الاجتماعي والعمر وغير ذلك.
وفي اعقاب المؤتمر أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً في اذار من عم 2010 ورد فيه؛ ان منظمة العفو الدولية تدعو جميع الحكومات الى اعادة التأكيد على التزامها التام باحترام الحقوق الاساسية للمرأة التي عبّر عنها اعلان ومنهاج عمل بيجين والوثيقة الختامية لعام 2000 وأعيد التأكيد عليها في الاعلان السياسي لعام 2005، وتحث منظمة العفو الدولية جميع الحكومات وغيرها من الفاعلين المعنيين على تنفيذ القرارات بصورة عاجلة وملحة وجاء البيان على ذكر التوصيات الثمانية المتصلة بحقوق المرأة.
وفي التوصية الثامنة دعت المنظمة الى انها كيان بالمرأة تابع للأمم المتحدة يعمل على تحقيق تلك التوصيات مع الحكومات المستضيفة في مؤتمر مبين يموّل من قبل الدول نفسها ووحددت المنظمة مليار دولار كرقم أولي في تمويل نشاطات هذا الكيان.
والى جانب تلك المؤتمرات نشطت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عقد لقاءات عديدة الغاية منها الوصول الى مساواة الرجل مع المرأة في كل شيء حتى فسخ عقد الزواج وتحديد النسل تحت لافطة حقوق المرأة، ومن هذه الأنشطة التي قامت بها اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ذد المرأة والذي اطلق عليه اتفاقية سيداو اتفاقية sedaw.
تم التوقع عليها في 18 كانون الاول من عام 1997 وهي تشتمل على ثلاثين مادة وضعت حيز التنفيذ عام 1981 وقعت عليها 190 دولة في العالم، 20 دولة عربية بما فيها العراق ولم يوقع عليها خمس دول منها الجمهورية الاسلامية في ايران، اما الولايات المتحدة فلم يصادق عليها الكونغرس الامريكي فبقت مجمدة في الولايات المتحدة.
جاءت بنود الاتفاقية بلغة مبطنة بحيث يمكن استنباط بعض التغييرات التي تخالف الشرائع السماوية أما بقية الدول 190 التي وقعت على الاتفاقية كان لازاماً عليها تطبيق بنود الاتفاقية، بل عليها أيضاً اجراء التعديلات في قوانينها بما يتناسب مع بنود هذه الاتفاقية.
وفيما يلي استعراض لأهم ما ورد في بنود الاتفاقية، المادة(1) تضمنت اعتراف الدول الموقعة بالحقوق الاساسية للمرأة بصرف النظر عن حالتها الزوجية وهنا تصع علامة استفهام حول هذه العبارة التي تعني الحالات المتنوعة من الزواج التي تختارها المرأة وهو حق من حقوقها كما ورد في المادة رقم (1).
المادة الثانية تدعوا الدول الى ابطال القوانين والتشريعات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة كالارث مثلاً.
على المادة العاشرة: تشجيع الدول اتخاذ برامج تعليمية مختلطة بين الذكور والاناث.
المادة (15): تمنح المرأة اهلية قانونية مماثلة لاهلية الرجل وتساوي بينهما في فرصة ممارسة تلك الاهلية.
المادة(16) في دائرة الزواج تلزم المادة على الدول ؟؟ من اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الامور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية. وفي البند (ج) في هذه المادة تمنح المرأة حق فسخ العقد وورد فيها عبارة بغض النظر عن حالتها الزوجية وهي تعني جميع انواع طرق الزواج التي تنعقد بين الطرفين منها مسؤوليتها اتجاه الاطفال.
كما اكدت هذه المادة على تمكين المرأة داخل العائلة ومنها حقها مساوي لحق الرجل.
وجاء في المادة (28) في البند (2) لايجوز ابداء اي تحفظ يكون منافياً بموضوع هذه الاتفاقية وغرضها.
وخلاصة القول في اتفاقية سيداو تعمل على تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقول يعني الغاء الكثير من شؤون المرأة التي فرضتها طبيعتها الانسانية كالغاء ولاية الزوج على زوجته ومنها الحق في الطلاق كما هو حق للرجل والغاء عدة الطلاق او عدة الزوج الميت واعطاء الحق للزوجة بتعدد الأزواج كما للزوج هذا الحق والى غير ذلك من الخروقات التي بسببها ؟؟؟ الفتاوى والمنظمات والجمعيات الاسلامية بتحريم هذه الاتفاقية ومطالبة الدول الاسلامية بالانسحاب منها.
المؤتمر الدولي للسكان والتنمية:
انعقد المؤتمر في القاهرة في الخامس من سبتمبر 1994 بحضور عشرين الف ممثل يمثلون الحكومات المختلفة والهيئات الأممية والأعلاميين وجرى نقاش حول المواضيع التي تناولها المؤتمر ومنها الصحة الانجابية التي تعني حماية المرأة أثناء الاجهاض وهو ما يشير الى اباحة الاجهاض ومنح المرأة حقها في تنظيم الاسرة. وقد عارض ذلك المتحدث باسم الكرسي الرسولي وهو رئيس الاساقفة رينتو مارتينو، بينما راحت الاوساط السياسية والصحفية في امريكا تنتقد الرئيس الامريكي بيل كلينتون لحضوره المؤتمر.وأهم ما في المؤتمر انه طالب الدول المشاركة ادخال الجندر والصحة الانجابية في التعليم ووسائل الارشاد والاعلام.
كذلك اقر المؤتمر انشاء صندوق الامم المتحدة للسكان والذي اصبح له دور كبير في حماية النوع الاجتماعي واصبح لهذا الصندوق ممثلين في اكثر دول العالم وفي عام 2013 انعقد في القاهرة مؤتمر اخر للسكان واستمرت هذه المؤتمرات في تحديد معالم المجتمع البشري على هذه افكار الحرية الجنسية التي استمدتها من افكار الفلاسفة السابقين الذين تم ذكرهم في الحلقة الاولة.
مؤتمرات الشباب و ضمن سياق تشكيل مجتمع بشري خالي من الامراض و العقد أهتمت منظمة الامم المتحدة بالشباب فعقد اول مؤتمر للشباب في البرتغال سنة 1998 و فيه أثيرت المخاوف من الممارسة الجنسية غير المشروعة ثم بعد عام تم عقد مؤتمر لاهاي للتنمية و السكان في 1999 وفيه ازيلت هذه المخاوف و أصبح الشذوذ أمر طبيعي و ليس مرضا نفسيا و طالب الاعلان الذي صدر عن المؤتمر الحكومات ان تحدد قسم من ميزانياتها لتصرفه على موانع الحمل و الاجهاض غير الآمن وقد ورد في الاعلان ايضا عبارات تشير الى الحرية الجنسية و عدم التفرقة على اساس السلوك و التوجه الجنسي . كما و ان المؤتمر اصدر عدة توصيات منها : يجب ان يكون التعليم الجنسي الشامل إلزاميا على جميع المراحل و يجب ان يغطي المتعة ؟ الجنسية و الثقة و الحرية عن التعبير الجنسي و السلوك الجنسي غير النمطي ؟
و طالب الاعلان بإنشاء جهاز خاص في كل مدرسة لتحطيم الصور التقليدية و السلبية للهوية الجندرية و العمل على تعليم الطلبة حقوقهم الجنسية و الانجابية بحيث يمكن الشباب من صنع قرارتهم و اختياراتهم .
المجلس الاقتصادي والاجتماعي:
ومن أجل تحويل قرارات (المؤتمرات والاتفاقيات التي رعتها الامم المتحدة) الى حيز التنفيذ ربطت الأمم المتحدة جميع الانشطة في هذا المجلس بالمجلس الاتقصادي والاجتماعي الذي تولى شؤون تطبيق قرارات وتوصيات المؤتمرات المنعقدة بهذا الشأن منه المؤتمر الاول في مكسيكوستي وحتى مؤتمر بكين مروراً بمؤتمر نايروبي والقاهرة واسطنبول و قام المجلس بإستهداف لكيانات تنفيذية لتطبيق تلك القرارات منها :
1 لجنة مركز المرأة و هي لجنة تقدم المشورة للمجلس الاقتصادي و الاجتماعي حول المرأة
2 اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة
3 شعبة النهوض بالمرأة و هي تقدم الخدمات ال؟ الى لجنة مركز المرأة و الى بقية لجان الامم المتحدة المعنية بالمرأة
4 المعهد الدولي للبحث و التدريب من أجل النهوض بالمرأة
5 صندوق الامم المتحدة الانمائي للمرأة وهو يقدم الدعم المالي لجميع انشطة الامم المتحدة في الدول النامية وقد تم انشاء ممثليات لهذا الصندوق في اغلب دول العالم وهو يقوم بتحويل الانشطة الخاصة بالمرأة و دعم منظمات المجتمع المدني الفالعة ضمن سياسة الامم المتحدة و انشاء مناطق ايواء للنساء المعنفات كما هو في العراق حيث تم انشاء خمس أماكن ايواء تحت اشراف صندوق الامم المتحدة .
وفي الخلاصة بذلت الامم المتحدة و من خلال مؤتمراتها و أجهزتها الاممية و خلال عمل دؤوب لأكثر من عقدين في تحقيق ما يلي :
1 اباحة الاجهاض و دعوة الدول لسن قانون يجيز ذلك تحت عبارات تخفي هذه الاباحة وردت في الاتفاقيات و برامج الامم المتحدة مثل : الحمل غير المرغوب به انهاء الحمل و تخفيف عواقب الاجهاض و الاجهاض غير ال؟
2 نشر الثقافة الجنسية بين المراهقين
3 التشجيع على الممارسات الجنسية خارج نطاق الزواج الشرعي بإستخدام عبارات توحي الى ذلك كما ذكرت
4 الغاء القوانين التي تمنع الافراد من ممارسة حريتهم الجنسية و اعتبار الجنس و الانجاب حرية شخصية و ليس مسؤولية جماعية و الفرد هو المسؤول عن ذلك .
https://telegram.me/buratha
