المقالات

اعرف الحق تعرف اهله هل يمكن ان نعرف الدين بالرجال؟


الشيخ الدكتور محمد علي الدليمي ||

 

اختلطت المفاهيم وحتى المصطلحات التي يراد منها تعريف الاشخاص والاشارة اليهم..

مصطلحُ رجال الدين يحتاجُ إلى مزيدٍ من التحقيق والتأمل، فهو مصطلحٌ يوناني قديم سابق حتى لبعثة النبيّ محمد (صلى الله عليه وآله)، ولم يروِ لنا التاريخ أنّ رسول الله أو الائمة أو الرعيلَ الأول من المسلمين استخدموا هذا المصطلح، فالمضمونُ الدلاليّ لهذه التسمية يقوم في الأساس على وجود طبقة لها نفوذ دون سواها تسمى (برجال الدين)، حيث تنصبُ هذه الطبقة نفسها كوسيط بين الله تعالى وبين عباده، فيكون لطبقة رجالِ الدين الحكم في شئون الناس باسم السّماء أو باسم الرّبّ، حتى يبلغوا مرحلة النيابة عن الله سبحانه ويعطون حقّ التحريم والتحليل، وهذا ما نهى عنه الإسلام وحرمه، يقول تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).

وعلى ذلك لا يعدّ مصطلح رجال الدين مصطلحاً إسلامياً، وإنما هو مصطلحٌ غربي تمّ إدخالهُ في الإسلام من دون وعي أو بصيرة.

أمّا المصطلح الإسلامي الذي يقابلُ ذلك فهو مصطلح العلماء (العالمين بأحكامه)، وهذا أمرٌ متاح للجميع وليس حكراً على جماعة بعينها، بل الواجبُ على كلّ مسلم طلب العلم والتفقهُ في الدين، والنصوصُ في هذا الشأن أكثر من أن تحصى.

والمفارقةُ الأخرى أنّ رجل الدين في الملل الأخرى له هالةٌ من القدسية تمنعُ من مخالفتهِ والاعتراضِ عليه، بينما علماء الإسلام مع أنّ لهم قدراً من الهيبة والاحترام إلا أنّ الخطأ أمرٌ متوقع منهم، ولذا يجوز الاعتراض عليهم وتصحيحهم بالدليل والبرهان.

عودا على بداء ، الحقّ لا يعرف بالرجال، بل معرفة الحقّ هي التي تقودُ إلى معرفة رجاله، فمعيار الحقّ في الإسلام هو الدليل والبرهان، فما يوافقُ الدليل هو الحقّ من غير الالتفات إلى القائل أو الاعتناءِ بكثرة المقبلين عليه، فالحق لا يوزنُ بالرجال، وإنما يوزنُ الرجال بالحق، ومجردُ نفور النافرين، أو محبة الموافقين لا يدلّ على صحّةِ قولٍ أو فساده، فكلّ قول يحتجُّ له ما خلا قول المعصومين. فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "إنّ دِينَ اللّه ِ لا يُعرَفُ بالرِّجالِ بَلْ بآيَةِ الحقِّ، فاعْرِفِ الحقَّ تَعْرِفْ أهلَهُ". وقال عليه السلام: "لَمّا أتاهُ الحارِثُ بنُ حَوطٍ فقالَ: أ تَراني: يا حارِثُ، إنّكَ نَظَرْتَ تَحْتَكَ ولَم تَنْظُرْ فَوقَكَ فَحِرْتَ، إنّكَ لَم تَعْرِفِ الحقَّ فتَعْرفَ مَن أتاهُ، ولَم تَعْرِفِ الباطِلَ فتَعْرِفَ مَن أتاهُ"

ما انجزهُ علماء الإسلام منذ بزوغ فجر الإسلام وإلى اليوم أكثر من أن يحصى أو يُعد، فالتاريخ الإسلامي ذاخرٌ بعلماء الإسلام الذين كان لهم قصبُ السّبق في الكثير من العلوم والمعارف التي خدمت البشرية، وقد كان لجهودهم وإسهاماتهم الدورُ الكبير في نهضة العلوم والثقافة في الكثير من الحواضر التاريخية، فمضافاً إلى الفقه والتفسير وعلوم الحديث كان لهم إسهاماتٌ في مجالاتٍ مختلفة مثل الرياضيات والفلسفة والطب والكيمياء وغيرها، وعليه لا يمكن إهمالُ دورهم في تاريخ العلم والثقافة البشرية.

يقوم علماء الدين بأدوار عديدة منها الوعظ والإرشاد وبيان الاحكام الشرعية وتوجيه المجتمع دينياً واخلاقياً، ومن بين وظائفهم المهمة هي ربط شيعة أهل البيت بتاريخ الائمة عليهم السلام، وعليه فلا يعابُ عليهم دعوة الناس إلى زيارة مقاماتهم وإقامة مجالس العزاء في تاريخ استشهادهم، وهذا ما أكد عليه أئمة اهل البيت عليهم السلام في كثير من النصوص والاخبار، أمّا القول إنّ ذلك يتم من غير تطبيق للأحكام فهو مجرّدُ ادعاء لا دليل عليه، وإن صحّ ذلك فلن تجد من يدافع عمن يدعو للعلم ولا يعمل به.

لا يمكن فكُّ الارتباط بين شيعة أهل البيت عليهم السلام وبين العلماء والفقهاء، وهذا ما تعارفَ عليه الشيعة منذ غيبة الإمام الحجة (عج)، حيث ارتبط الشيعةُ بالفقهاء كضمانٍ لاستمرار مسيرة الإسلام بعد غيبة الإمام، ولذا كان الفقهاء ومراجع التقليد يتمتعون بمنزلة عالية ودرجة رفيعة وسط المجتمعاتِ الشيعية، وسيادة الفقيه عند الشيعة إنما هي تابعة لسيادة الدين، فلا يتقدمُ لهذا المنصب إلا أكثرهم علماً وورعاً وزهداً، فقد جاء في وصية الإمام الحجة (عجل الله فرجه) لشيعته في عصر الغيبة: (من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه).

وصفه

هنا يجب ان تقف عند هذا الادعاء وكيف نردّ على من يشكك برجال الدين ويعتبرهم مجرد دعاة للطم والزيارات والبكاء بدون تطبيق للأحكام الدين.؟

الا يعتبر ذلك تشكيك بالدين حيث يعرف الحق برجاله!.

اذن يعرف الدين برجاله وعند تسقيطهم من اين نأخذ تعاليم الفقه والعقائد؟

اسأله تقصدت ان اضعها بذيل المقال كي يبقى الذهن وقادا لرد الشبهات التي تهدف للاساءة للدين ومن يمثله ويحمل ويحفظ تعاليمه ولواءه..

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك