المقالات

يوم الغدير.. أمير النحل..!


عباس الاعرجي .||

 

طُلِبَ مني أن أكتب عن يوم الغدير وعن تنصيب الامام ابو الحسن علي بن أبي طالب أمير النحل أميراً للمؤمنين قاطبة ، فأحزنني الطلب ِلثُقّلِ ما طُلب ، وزادني هماً ، فتذكرت قصيدة الشيخ الغمام :

يالمُحِب لو زاد همّك والحزن ما ينجلي ، إتّجه صوب النّجف وٱصرخ دخيلك ياعلي .

وفعلاً وحهت وجهي ناحية النجف وصرخةُ صرختةً مدوية ، دخيلك ياعلي :

يريدونني أن ألج بحرا عجزت عن ولوجه والوصول الى لئآلئ قاعه كل الاصناف البشرية .

فالامر ليس هيّن يا سيدي يا علي ، ولا أعتقد بوسع المخلوق الارضي أن ينجح في مسعاه في كشف الخيوط والربط واستخلاص النتائج  .

أجل سر تنصيب المولى ومن كنت مولاه فهذا علي مولاه ، سر من اسرار عالم الغيب ، وقد أغلقت نوافذه ما بين الخالق والنبي والوصي فقط ، ثم من أين لنا أن نأتي بهدهد سليمان ليخبرنا بما لم نحط به علما .

فبالله عليكم وهل تحتاج الشمس الى تعريف وهي في رابعة النهار ، وهنا أنا أقف مؤيداً مع ما قالته العرب : من المعضلات توضيح الواضحات ، فتجد اللغة عاجزة تماماً عن التعبير وعن الكتابة والتحليل والتقييم لأنك سيدي زوج البتول وابن عم الرسول ولا أزبد على هذا أكثر من هذا  .

كما أنني أخذت عهداً على نفسي أن لا أتطرق الى إثبات واقعة غدير خم في التاريخ نهائيا ، فالمسألة أصبحت مكررة ، ولا أظن أنّ الشيعة بعد الان وبعد ظهور الشبكة العنكبوتية بحاجة الى تثبيت عقيدة باتت من المسلمات التي لاريب ولا شك فيها ، بل هي ثابتة مثبة بالمساند والاسانيد القرآنية والحديثية ، ومن طبعه الطمع في الاستزادة فهذا كوكل امامه سيغنيه بما فيه الكفاية .

طبعا هذا الكلام موجه لغير المعاند ، وأما المعاند وقصدي بالمعاند الذي لا يحترم عقله ، وجعل فكره تحت قدميه ، وإلا هذه قبة حيدرة في النجف الاشرف ،  تعانق السماء علوا وهيبة وشموخ ، تحطمت على سطحها دول وحضارات وفراعنة وملوك .

ومن اراد ان يجرب حظه بالتحدي كأسلافه فليسألها أين متحديك يا سيدتي وما هي أخبارهم .

ولندع أخبارهم السيئة فهم نكرات ولا شأن لنا بهم ،  ولنعطر أسماعنا ونحن نعيش أفراح عيد الغدير ، بما قاله المنصفون من خارج دائرة التشيع ، فلنستمع منصتين خاشعين لجورج جرداق الكاتب المسيحي الفذ ، وكلمته الخالدة الامام علي صوت العدالة الانسانية ، التي تصدرت موسوعته ذات الخمسة أجزاء يتحدث فيها عن ابو الحسنين  .

واقرأ أيضا قصة روجيه غارودي مع الطالبة قبل أن تنام .

في حديث للمفكر الاسلامي الفرنسي روجيه غارودي لاحدى الاذاعات العالمية حول تاثره العظيم بشخصية الامام علي (ع) قال : في اثناء احدى محاضراتي التي كنت القيها في الجامعة الفرنسية سألتني احدى الطالبات مستفهمة :

- استاذ من هو الامام علي (ع) الذي طالما لاتخفي اعجابك الشديد به ولايفوتك موضوعا في الفلسفة او التاريخ دون ان تستشهد باقواله وحكمته .. حقيقة انا لم اسمع به مطلقا من قبل .

غارودي:

هذا ليس ذنب عظمة الامام التي ملأت الافاق ولكن ذنب هؤلاء الذين يلونون التاريخ حسبما تشتهي رغباتهم ودوافعهم فيبرزون مايريدون ويحذفون متعمدين كل الصفحات المضيئة التي كانت في يوم من الايام مرجعا مهما لحضاراتنا .. والامام علي (ع) هو من اروع تلك الصفحات واكثرها اشراقاً .

- الطالبة : وكيف ذلك يااستاذ وانت درست وبحثت في كل الاتجاهات الفكرية في العالم القديم والجديد وتأثرت عن عظماء التاريخ هلا حدثتني عن تلك العوامل التي جعلتك تتأثر بهذا الامام العظيم .

غارودي:

سأحدثك عن هذا الامام ببساطة عزيزتي ماذا يحصل لك لو سقطت على رصيف الشارع فجأة ؟

- الطالبة : سيغمى عليّ حتما واشعر بالم السقوط .

غارودي : ماذا لو صدمتك سيارة بسرعتها القصوى؟

- الطالبة : قد افارق الحياة او اغيب عن الوعي تماما اذا كتب لي النجاة .

غارودي :

فأعلمي ايتها الطالبة ان هذا الامام ضُرب بسيف مسموم على هامة رأسه ووصلت الضربة الى اعماق اعماق المخ هناك حيث تقبع الحكمة والمعرفة دون ان يفقد وعيه او يحصل له مايحصل للبشر في مثل هذه الحالات وبعد يوم واحد فقط راح يملي وهو على فراش الموت والضربة القاتلة نافذة في اعماق المخ وصية الى ابنه البكر الحسن (ع) هي اروع ماعرفه التراث الانساني عبر تاريخه على الاطلاق تتضمن الحكمة والموعظة والتوادد بابلغ وانصح ماعرفه لسان العربية وهنا لم تتمالك الطالبة نفسها من الانفعال (والحديث هنا مازال لغارودي) ولم تستطع الا ان تبكي وقالت لغارودي وهي تغالب دموعها :

- الطالبة : هلا ذكرت لي شيئا من هذه الوصية العظيمة .

غارودي :

(اوصيك ياولدي بتقوى الله وحده لاتبغي الدنيا وان بغتك ولاتأسف على شئ منها . قل الحق وارحم اليتيم وأعن الضعيف وكن للظالم خصماً وللمظلوم عوناً وتأخذك في الله لومة لائم (الى ان يقول) : كنت بالامس صاحبكم واليوم عظة لكم وغدا افارقكم إن أوفق فأنا ولي دمي ، وإن مُت فالقيامة ميعادي والعفو اقرب للتقوى الا تحبون ان يغفر الله لكم والله غفور رحيم .

تحياتنا  .

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك