المقالات

العارٌ الذي غسلته الفتوى


عباس البخاتي

شكلت فتوى الجهاد التي أصدرها المرجع الأعلى للشيعة في العالم الإسلامي السيد السيستاني، نقطة تحول في المسار الفكري الذي هيمن على تفكير, من يتبنى البعد القومي والمذهبي كمنطلقا لتعامله مع الآخر.

على مدى أكثر من قرن والعالم العربي أسير لشعارات, لا تتناسب وإمكانات مطلقيها,فكيف بإمتلاكهم الجدية والإرادة الحقيقية للسعي نحو تحقيق ولو جزء منها!

يعتبر البعد القومي والطائفي, من أهم المرتكزات التي إعتمدتها الأنظمة الحاكمة, كبضاعة سهلة التسويق للهيمنة على عواطف الجماهير وسلب إرادتها، دون تحقيق تطلعاتها، وسحقت كرامة المواطن العربي عموما والعراقي خصوصا, تحت تلك العناوين التي قيل عنها تقدمية!

بنفس الوقت سعت الماكنة الإعلامية لتلك الانظمة, الى وصف أي حراك مضادٍ لتوجهاتها بالرجعية, وعملت على تشويه انشطتها ومحاربة رموزها, وعزلها عن واقع الحياة والتضييق عليها إعلامياً, وجعلها تحت المراقبة المستمرة.

من تلك العناوين التي تعرضت للإبادة والتشويه, والإقصاء والإبعاد عن واجهة المعترك السياسي، كانت المؤسسة الدينية في العراق, ممثلة بالحوزة العلمية وعلماءها, وتأثيرهم الملحوظ في الواقع الشيعي المنتشر في بقاع العالم.

بالرغم من إمتلاك الأنظمة القومية والطائفية التي حكمت العراق والمنطقة العربية، لجميع مسببات النجاح والتفوق, إلا ان الإخفاق كان حليفها في كل جولة، حتى بات المواطن العراقي والعربي يشعر أن تلك الصراعات والحروب, ماهي إلا لدفع الخطر عن كرسي الحكم من خطر خارجي تارة, او لإبعاد وهم داخلي يظن بخطورته تارةٍ أخرى، ولم تكن الحقيقة يوماً هي الدافع خلف أيٍ من الصراعات التي شهدها القرن الماضي, بدءاً من الإنقلابات التي شهدتها اغلب البلدان العربية ومنها العراق, مروراً بحروب النكسة التي تسببت بها القيادات الثملة, وإنتهاءً بحربي الخليج الاولى والثانية وما عانته تلك الشعوب من قسوة الانظمة, التي تدعي المثالية في تطبيقها لمباديء العرف القومي والنهج الطائفي.

بعد صدور فتوى الجهاد التأريخية من النجف الاشرف, وجدت تلك الأنظمة إنها في وضع محرج امام موقف, لمؤسسة لا تتبنى ما يؤمن به الآخرون, وشعارها في تعاملها مع الآخر أن الناس صنفان, إما أخ لك في الدين او نظير لك في الخلق, وقبل ذلك تغاضت عن كلمتهم في وصفها بالرجعية, فدفع اتباعها باهض الثمن جراء إنتماؤهم المذهبي, يضاف إليه ان الهجمة التي تعرض لها العراق من قبل عصابات داعش, كانت تحت عناوين وشعارات هي جزء أساس من أدبيات تلك الأنظمة وجماهيرها, من قبيل تبني الفكر العروبي ومناهضة التدخل الخارجي (غير العربي) والعمل بمنهجية "السلف الصالح" فيما يخص الرؤية الشرعية ومعالجتها لقضايا الدين والحياة.

اللافت للنظر ان الفتوى قد ألقت بظلالها على نمطية التفكير, ليس في الأوساط المتدينة فحسب، بل تعدى ذلك الى الأوساط التي لا تؤمن بالبعد الروحي للأشياء ولا تتعامل به, والحديث هنا في المساحات التي كانت لوقت قريب, ترى في المرجعية وإمتداداتها الجماهيرية ما تراه الأنظمة الحاكمة, التي تصنفها ضمن خانة العدو التقليدي لها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك