المقالات

نهائي غرب آسيا وهتافات "الزعاطيط"


عباس البخاتي

معاجم اللغة العربية غنية بالمعاني اللغوية، التي تدل عليها مفردة "زعطوط" والتي جاءت كلمة "زعاطيط" جمعا لها.. لكن ما يهمنا هو الاستخدام الإصطلاحي الدارج محليا، والذي يشير للسلوكيات الصبيانية التي يقوم بها الفرد البالغ.

تعًدْ الرياضة من أهم المجالات التي حظيت باهتمام النخب والجماهير، بغية إلحاق العراق ضمن قافلة التقدم التي تشهده دول العالم، وكان هنالك سعي حثيث لرفع الغبن عنه، جراء الحضر الدولي على ملاعبه، رافق ذلك مفاوضات معمقة مع المؤسسات الرياضية الدولية للحصول على الإعتراف الكامل بسيادة العراق، وجاءت الحملة العمرانية الكبرى لانشاء واعادة تأهيل المرافق الرياضية، كواحدة من آليات اثبات جدارة البلد، واهليته لاستضافة منتخبات العالم على أرض الرافدين.

تم ذلك لتنتهي عقود من العزلة الدولية، وحرمان الجماهير من مؤازرة المنتخبات الوطنية، التي فقدت العديد من الاستحقاقات، جراء غياب عامل الجمهور، المتفق على تأثيره المباشر، في تحقيق المنجز الرياضي في مجالاته المتعددة.

تتفق الأعراف الرسمية والشعبية، وجميع اللوائح والبروتكولات المعنية بالشأن الرياضيي، على عدم تدخل المواقف السياسية والعلاقات الدولية في الشأن الرياضي، ووجوب إحترام الوفود الرياضية، كون اعضاءها ضيوفا على دولة ما قدموا من دولة أخرى، فكيف والحال هذه اذا كانت الدولة المضيفة، هي العراق وشعبه المضياف؟ الذي عرف بكرمه وحفاوته بضيوفته، وهو ما تسالم عليه الجميع، ويؤكده أرثه العشائري والعربي، باعتبار أن كرم الضيافة من أهم الموروثات القيمية، التي تعاهد أبناء الرافدين على الحفاظ عليها جيلا بعد جيل، ناهيك عن تعاليم الدين الحنيف، التي تؤكد هذا المعنى، وتعطيه اهتماما خاصا، خصوصا وإن الواقع العراقي على طول التأريخ، يعتبر ارضا خصبة لرعاية تلك المفاهيم، والتأكيد عليها كخطوط حمراء، لا يمكن تجاوزها حتى مع الأعداء، والشواهد على ذلك كثيرة، لا حاجة لذكرها.

على ما يبدو ان التراكمات الذهنية الخاطئة، التي تعمدت بعض المسميات، التي تيقنت من افلاسها على الصعيد السياسي والاجتماعي _ بزرعها في ذاكرة الجيل المعاصر، قد اثرت على إدراك فاقدي الوعي والبصيرة، فما كان منهم إلا أن يصدروا تصرفات، مغايرة للموروث القيمي والديني، الذي اشرنا اليه.

بالمقابل فإن أهل الفطنة والبصيرة، ولنقل اهل الحرص على رعاية هذا الموروث، قد وجدوا انفسهم بحرج شديد أمام ضيوفهم من تصرفات "الزعاطيط" وهتافاتهم الهابطة، التي لا تعبر عن ثقافة وخلق العراقيين!

ان الحديث عن العلاقات الدولية، لا يعني تبعية المتحدث او عمالته لها، بقدر ما هو التركيز على مصالح العراق، وتنظيم علاقاته مع تلك الدول، وعليه فأن الهتاف الذي وجه لامريكا وإيران، من داخل الملعب الذي أقيمت عليه المباراة النهائية، يعكس مدى الانحدار في التفكير، وضحالة الوعي الذي وصل اليه البعض، ممن غابت عنهم حقيقة مفادها، أن أمريكا المستهدفة يهذا الهتاف، هي من اسقطت نظام البعث، الذي تسبب بحرمان العراق من اللعب على أرضه لمدى ثلاثة عقود، ناهيك عن إيران كدولة جارة، تجمعها بالشعب العراقي كثير من المشتركات، أهمها البعد الإسلامي والمذهبي، وموقفها الإيجابي من الحالة العراقية، التي تشكلت عقب إسقاط صدام، ودورها المساند للجهود العراقية في محاربة الإرهاب، إضافة لموقعها الجغرافي الذي يشكل متنفسا مهما لمختلف الشرائح العراقية، التي تقصدها سنويا عشرات الآلاف لغرض السياحة والعلاج، وزيارة العتبات المقدسة هناك، فهل عجز الناقمون على هاتين الدولتين، عن جمع العدد الكافي من الأشخاص، للتظاهر أمام سفارتيهما، بدلا عن تعكير صفو الأجواء المثالية، التي نجح العراق في توفيرها لإنجاح البطولة؟ أم أن المياه الآسنة التي تغدى عليها هؤلاء، هي من الصنف الذي يصعب تنقيته؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك