المقالات

لسنا  قبيلة " ووراني".. !


عباس سرحان ||

 

توارثَ الاخوة الفلسطينيون مَثَلا رائعا يستخدمونه في المواقف الأشد تناقضا، فيقولون" مجنون يحكي .. عاقل يسمع".

 ووجدتُهُ أكثر ما ينطبق من أمثال على ما ادلى بيه وزير خارجية امريكا على هامش زيارته للعاصمة الفنلندية هلسنكي في اطار الاستعدادات الغربية  لقمة حلف شمال الأطلسي في تموز/ يوليو المقبل في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا.

قال " أنتوني بلينكن" إن بلاده لن تسمح للرئيس الروسي بوتين بفرض إرادته على الدول الأخرى" واستهجن قيام بوتين بغزو الاراضي الاوكرانية وتهديد السلم والامن الدوليين وتشريد الاف الاوكرانيين من منازلهم" على حد قوله".

لو تحدث بلينكن بهذا المنطق أمام قبيلة "وورانى" البدائية في غابات الأمازون التي ما زال أفرادها يعيشون منقطعين عن العالم لحظي بفرصة أكبر في التصديق.

لكن أن يتحدث أمام شعوب تختزن كمّا هائلا من ذكريات التدخل الامريكي المرير في شؤون الدول والشعوب، وترى وقائع هذا التدخل ماثلة في العديد من بلدان العالم اليوم، فهو أمر أقل ما يوصف بأنه "نفاق صلف".

فإذا كان اجتياح روسيا لأوكرانيا تدخلا وجريمة في العرف الأمريكي، إذن بماذا يوصف اجتياح العراق في 2003 والبقاء فيه والاصرار على بناء قواعد عسكرية امريكية على أراضيه دون رغبة العراقيين؟.

وبماذا يوصف تسليح امريكا لسفارتها في بغداد بمضادات صواريخ، والقانون الدولي يعتبر السفارات محمية بالأعراف والالتزامات وليس بالأسلحة والدبابات؟.

ثم ماذا يوصف الفعل الامريكي بأسقاط الرئيس الليبي معمّر القذافي وتمزيق ليبيا ودعم مليشيات مسلحة على حساب اطراف ليبية اخرى؟.

لا يمكن أن نحصي  كل التدخلات الأمريكية في هذه العجالة بدءً من فيتنام وبنما وكوبا ومصر ولبنان وأفغانستان والعراق والسودان وسورية واليمن وإيران، والقائمة تطول.

لكن يمكن وصف الدور الامريكي في العالم بإيجاز فنقول إن" وكالة المخابرات المركزية الامريكية تتحكم بنصف العالم وتعبث بأمن النصف الآخر" !.

فمعلوم أن معظم حروب منطقة الشرق الأوسط على الأقل كانت حروب تحريك، برعت في اثارتها وكالة المخابرات الامريكية بالتعاون مع مخابرات بريطانية.

 خدم الغرب فيها عملاء أوصلتهم المخابرات الامريكية الى سدة الحكم في بلدان مهمة بانقلابات عسكرية فأدوا أدوارا كانت بالنسبة للغرب مثالية، وبعضهم مازال في السلطة.

وإلا ماذا جنت منطقة الخليج والشرق الاوسط من حروب عبثية وقعت خلال القرن الماضي ومطلع القرن الحالي سوى الكوارث والدمار، بينما عززت امريكا حضورها العسكري والاقتصادي وفرضت اتاوات على دول المنطقة متذرعة بتلك الحروب المفتعلة.

من المقنع أن تتبنى الادارة الامريكية خطابا واضحا يقوم على مبدأ "الانتصار للمصالح" بعيدا عن شعارات الانسانية وحقوق الانسان، وستُسهّل على خصومها آنذاك وصفها بالدولة العنصرية.

لأن مسطرة حقوق الانسان والانسانية واحدة لا تقبل التجزئة، فحين تقتل الشرطة الامريكية مواطنا أسود وتمارس العنصرية ضد السود، فلا يمكن لأمريكا ان تقنع الشعوب بأنها بلد المساواة.

وحين تناصر امريكا اسرائيل وهي تغتصب اراض مملوكة لغيرها، على حساب الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين، فلا يمكنها أن تتاجر بحقوق الانسان.

 فكما من حق الاوكراني العيش بسلام يحق للفلسطيني والسوري والعراقي وكل الشعوب ان تتمتع به.

هذه بعض من معايير العدالة والمساواة، التي تتجاهلها العين الأمريكية فتبكي حرقة على حقوق الاوكراني، فيما تبتهج برؤية آلام غيره من الشعوب العربية والاسلامية.

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك