المقالات

ميزان العلاقات الإنسانية..


كوثر العزاوي ||

 

ورد الكثير من الأحاديث الشريفة المرويّة عن رسول الله صلى الله عليه وآله والعترة المطهرة بشأن العلاقات العامة والاجتماعية ومايرتبط بها من قريب أو بعيد، ولعلّ الزخم من الروايات والأحاديث مما لايخفى على ذوي الاختصاص والمتابعين قد بلغت الآلاف، ونحن نشاهد من خلال مابيَّنتهُ الشريعة السمحاء بأن ثمة ضرورات ملحّة وأكيدة للحياة الإنسانية والمجتمعات البشرية قد اهتم بها الإسلام إذ جعل لها نظام محكَم يهذب فيه السلوك وينظم العلاقات الاجتماعية فيما بينها لتستقيم أمورها وتستقرّ أحوالها وفق قانون إلهي فطروي إذ فطر الله تعالى عليه البشرية الآدمية حتى يكون المعيار الذي يميّز الإنسان عن الحيوان الذي لايتمتع بما يتمتع به الإنسان من عقل وإحساس، خلاف ماعليه  الحيوان من غرائز تسير به وفق ماقدّر الخالق لها من خصائص العيش من قبيل الشعور بالجوع والعطش وقضايا التناسل والتوالد وما شابه ذلك، ومن هذا المنطلق وضع لنا أهل البيت"عليهم السلام" منهاجًا قرآنيًا خاصًا يُعنى بترتيب العلاقات الاجتماعية المادية منها والمعنوية، فيما عُدّ ضبطها جهادًا كبيرًا بعيدًا عن هوى النفس، إذ طالما يدعو إلى كبح جماح النفس وغضّ النظر عن رغبتها في الانتقام لكبريائها وعتوّها عند الإخفاق والترفّع عن المجازاة بالمثل عند الخلاف أو الاختلاف وفي حال السخط والامتعاض، وإن كان هذا ليس بالأمر الهيّن للوهلة الأولى لكنه يحتاج لتدريب النفس وترويضها على الصبر والتعقل في مواطن كثيرة وخطيرة، والتريث في أخذ القرارات عند تزاحم الهوى والهدى، ولذا أعتبر أهل البيت"عليهم السلام" هذا المورد ميدانًا من أشرس الميادين بين الشيطان والنفس الأمارة من جهة، والعقل المؤمن الملتزم من جهة أخرى!

فالماديات والابدان والمظاهر هي موارد حياتية تُعَدّ الأساس الذي بنيت عليه العلاقات الاجتماعية في الإسلام مقابل جبهة المعنويات ومايتعلق بالارواح وكلاهما يكمّل بعضه، وإلا كيف يتميز المؤمن الذي يلتزم تعاليم السماء عن غيره الذي يعيش فوضى المشاعر والتفكير حال التطبيق العملي وهو يُمسك بطرفَي حبلٍ وثيق"عبادات ومعاملات"! نعم ممكن أن نقول ان نجاح العلاقات واستمراريتها مرهون بالتقوى واعتماد ضوابط السماء والنهج الأصيل للعترة المطهرة "سلام الله عليهم" لأجل حيازة الأطمئنان وطهارة النفس في حياة تضج بفوضى الإدّعاء وصخب عالمِ دعاة الإيمان والمعرفة! وانّ مايؤسف عليه، أنّ الأغلبية - ولاأبرئ نفسي- في وادٍ سحيق عن الفهم والتطبيق العملي الصحيح لتعاليم الله وشرعه، وإلّا أين نحن من ميزان العلاقات السليمة وما يوصي به المعصوم "عليه السلام"مثلًا  لهشام قائلا:"يا هشام مكتوب في الإنجيل: {طوبى للمتراحمين أولئك هم المرحومون يوم القيامة، طوبى للمصلحين بين الناس أولئك هم المقربون يوم القيامة} وبلاريب، أن من الرحمة تنشأ مداراة الناس والرفق بهم والتجاوز عند الهفوة وعدم التفريط بمَن ظفر بهم، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: {رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس في غير ترك حقّ} وهذا يجعلنا نفهم انّ العلاقات الاجتماعية في كفتَيّ ميزان ونجاحها عندما تتساوى وليس في طغيان بعضها على بعض!! والتراحم هو الميزان ورسول الإسلام رسول الرحمة ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً للْعَالَمِينَ﴾

 

 

١١-شوال١٤٤٤هج

٢-أيار٢٠٢٣م

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك