المقالات

العمال آلام وآمال


الكاتب المحلل السياسي سعد الزبيدي ||

 

 يحتفل عمال العالم بعيدهم الذي يصادف في الأول من آيار من كل عام  وانتعشت الحالة المعيشية للعمال مع بداية الثورة الصناعية مع تزايد عدد المصانع وكان اعتماد الطبقة الرأسمالية على الطبقة العاملة اعتمادا كبيرا لزيادة واردتها وثرواتها. وكان لعمال العزاق الأثر الكبير في النظام السابق الذي كانت هويته  الاقتصادية معروفة وهي  الهوية الاشتراكية حيث المصانع الحكومية مملوكة للدولة كما أن العاملين في القطاع المختلط والخاص لديهم حقوقا كفلها القانون. ولأن العراق منذ ٢٠٠٣ افتقد الهوية الاقتصاديةنتيجة الفوضى ونتيجة التخريب الممنهج الذي بدأ مع الاحتلال حيث صفحة الحواسم التي نهبت وخربت جميع المصانع المملوكة للدولة ونهبت المكائن وسرقت جميع المواد الأولية ونتيجة فوضى  الاستيراد واغراق السوق العراقية بمنتوجات رديئة من الصين ودول الجوار ونتيجة الاهمال المتعمد في عدم الاهتمام بالصناعة المحلية وعدم تشجيع الاستثمار في هذا القطاع وعدم تشريع قوانين تدعم المنتج المحلي وعدم صيانة وتأهيل كثير من المعامل والمصانع التي كانت تحافظ على العملة الصعبة وتنافس المنتج الاجنبي اصبحت كثير من المصانع أثرا بعد عين وصارت المعامل خاوية إلا بعض المعامل التي تعمل بمكائن قديمة بالية أكل الدهر عليها وشرب وهكذا اصبح كثير من العمال بلا انتاج واصبحوا عبئا على ميزانية الدولة فمعطم المصانع والشركات خاسرة لعدم وجود تخطيط حقيقي لانتشال هذه المعامل والمصانع من الوضع المأساوي وعدم بناء تلك المعامل وعدم تأهيلها واستيراد مكائن حديثة وعدم تأهيل العمال لمواكبة متطلبات العصر علما ان الاعتماد على استخراج النفط من دون تطوير الصناعة النفطية كصناعة البتروكيمياويات اي الصناعة التحويلية ونتيجة تراجع قطاع الزراعة فقد اندثرت الصناعات التكميلية كمصانع التعليب ومصانع الحليب والالبان والصناعات القطنية الصوفية والجلدية ونتيجة الفساد المستشري في هيكل الدولة العراقية وحتى يبقى العراق يستورد ويصبح سلة نفايات لبضائع رديئة فقد تم بيع كثير من المصانع عن طريق الخصخصة وخسر العراق مليارات من الدولارات ثمنا لأراضي ومكائن موجودة في تلك المصانع اضف إلى ذلك الفساد الواضح في هيئة الاستثمار التي منحت المصانع إلى رجال اعمال تربطهم علاقات مشبوهة مع المصدرين الذين لايريدون ان تقوم قائمة للمصانع العراقية فاصبح العمال الذين لا ينتجون اصلا يتقاضون نصف راتبهم من المستثمر الذي ضمن عدم وجود منافسة من قبل السوق المحلية وقد كانت جولات التراخيص والعقود الممنوحة لشركات النفط وباقي العقود الاستثمارية في مجال انشاء الوحدات السكنية  تلزم تلك الشركات بنسبة مئوية من العمال العراقيين على الورق فقط  ولذلك نجد ان كبريات الشركات النفطية العاملة ( شل وبترو اوف جاينا وغيرها من الشركات النفطية) في العراق وهي شركات عالمية تحصل على العقد ومن بعد ذلك تبيعه لشركات شرق اوسطية كشركات هندية وباكستانية وبنغلاديشية وفلبينية وتمنحهم اجورا لا تمنحها للعامل العراقي اذا ما حالفه الحظ وتم تعيينه في هذه الشركات وبالرغم من اتساع وزيادة عدد الشركات العاملة في القطاع النفطي غير ان الدولة لم تعر اهتماما للصناعة النفطية التي لو تم الاهتمام بها ولو تم تطويرها لوفرنا عشرات الآلاف من الدرجات الوظيفية للعمل في هذه الصناعة والتي ستعود بالربح والفائدة لميزانية الدولة ولحافظنا على العملة الصعبة ووصلنا للاكتفاء الذاتي في تصنيع الوقود المحسن (البنزين) والزيوت كزيوت السيارات والفرامل وباقي الزيوت ووقود الطائرات التي تكلف ميزانية الدولة مليارات من الدولارات سنويا. وكذا الحال لو تم الاهتمام بقطاع الزراعة والصناعة التكميلية التي تعتمد على الزراعة كمادة اساسية والثروة الحيوانية فمعامل كمعمل ابو غريب او مصانع تعليب كربلاء او مصانع القطن والصوف ومصانع الملابس وصناعات الحلود اذا ما تم الاهتمام بها ستكون رافدا لتنويع مصادر الدخل القومي وتقلل من حجم الاستيراد وتزيد من حجم الصادرات وكذا الحال اذا ما تم التعاقد مع كبريات الشركات مثل شركات تصنيع السيارات بدل فوضى الاستيراد من شركات لا تتناسب مع الاجواء العراقية وغير مطابقة للمواصفات العالمية او الصناعات الخفيفة والصناعات الكهربائية وتأهيل الكوادر العاملة وتشريع قوانين حماية المنتج سيوفر آلاف الدرجات الوظيفية التي اختزلت بمعلمين ومدرسين وقوات أمنية.

إن التخطيط العلمي الرصين والارادة الشجاعة والادارة الناجحة التي تعتمد على اسس علمية تستطيع ان تنهض بواقع العمل وترفع من مستوى العمال في الاداء وفي المستوى المعيشي وهناك حلولا في متناول اليد ربما لست اول من يدعو لها ولكني أرى ان تكون المصانع والمعامل شركات مساهمة يتم توفير قروض لهذه المعامل بشرط ان يكون انتاحها لسلع يحتاجها المواطن وبذلك سوف يعمل الجميع بجد واجتهاد من اجل جودة وزيادة الانتاج فهو اولا واخيرا مساهم في الربح والخسارة كما أن ايجاد معامل المواطن في امس الحاجة إليها كمعامل الهواتف النقالة والحاسبات واجهزة التكييف وصناعة السيارات والصناعة الحربية كالطائرات المسيرة وصناعة الأسلحة الخفيفة والذخائر والصناعات الخفيفة والصناعات الكهربائية ومواد البناء مشاريع ناجحة لوفرة المواد الأولية واليد العاملة ناهيك عن الاهتمام بالثروة الحيوانية كمزارع تربية الابقار والاغنام والدجاج والاعلاف وبحيرات الاسماك لو تم رعايتها والاهتمام بها لتحركت عجلة الانتاج ولأصبح العامل العراقي منتجا ولساهم في نهضة العراق. إن التهميش وعدم رعاية العامل كان سببا مباشرا في توجه كثير من الشباب للبحث عن وظيفة حكومية فالقطاع الخاص والمشترك ومعظم الصناعات كانت شركات خاسرة ولا توجد دولة ناجحة ويشار لها انها قوة اقتصادية إلا اهتمت بالعامل لأنه من اهم مرتكزات الدولة القوية فالمجتمع يحتاج العمال ولا يستغني عنه ويوفر له كل سبل النجاح وواجب الحكومات العراقية ان تلتفت لتلك الشريحة المهمة وتوكل مهمة تطويرها إلى خبراء لديهم باع في هذا المجال فرب العمل يتحكم بالعامل ولايدفع عنه الضمان لدائرة الضمان وليست هناك جهات رقابية تحاسب رب العمل الذي يستنزف طاقات العمال دون رعاية حقوقهم وكذلك اهمال من قبل الدولة  فعدم الاهتمام باعداديات الزراعة والصناعة والتجارة اكبر دليل على ذلك ولإنجاح دور الطبقة العاملة لابد من ثورة ادارية حقيقية وثورة اقتصادية بعدم الاعتماد على الاقتصاد الريعي من بيع النفط ولابد من دعم قطاعات الصناعة والزراعة وكل القطاعات التي تديرها اليد العاملة وتحسين ظروفها المعيشية وتوفير حياة حرة كريمة لها وتوفير الضمان الصحي والاجتماعي لهذه الطبقة وباقي الطبقات كي نقضي على البطالة المقنعة ويتحول العامل العراقي إلى منتج حقيقي ومساهم في عملية البناء.

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك