علي عنبر السعدي ||
- السوق السوداء لبيع التاريخ
- لنلعب البوكر في أوراق التاريخ
السندباد الكويتي – وسرجون العثملي – ونبوخذ نصر ((السامي)) ونوح السعودي ، وعشتار السورية ، ونارام سين المصري ، وابراهيم التركي - وحمورابي الكوردي - ولم يبق سوى جلجامش ،فمن يشتري ؟؟؟
ليس هناك من شعب في الأرض ، الا ويدافع عن تاريخه مهما تكن أهميته ، أو يختلق له تاريخاً يزج فيه بأحداث لم تقع ،أو يبالغ في وقوعها ، فالتاريخ يكون بمثابة رافعة معنوية لأجيال هذا الشعب أو ذاك .
لكن حين يصل الأمر الى تاريخ العراق الموغل في القدم ، تروج مقولة ان التاريخ ليس ملكاً لأحد ، وبالتالي يصبح بضاعة يمكن شراء اي مقدار منها ،من خلال شراء ((مؤرخين)) يمكنهم سرد حوادث أو بيع انتساب للجهة الدافعة .
((مؤرخو)) الكورد ، لم يكتفوا بالانتساب الى سومر ،بل جعلوا سومر تنتسب اليهم ، فذهبوا الى ان السومريين من أصول كوردية ، وان اور نمو وحمورابي هم كورد ، وهكذا تم السطو على أول حضارة مؤسِسة في التاريخ .
عرب الجزيرة ،سطوعلى ماجعلوه حصتهم ، فاذا بأكد وبابل واشور، جاءوا من الجزيرة على شكل قبائل مهاجرة ، وان طوفان نوح وقع عندهم ، ولم يقصرّ اليمنيون في هذا الجانب ،واذا الحضارة بأكملها بدأت من هناك .
الفرس بدورهم ،جعلوا من أنفسهم أول الحضارات ومصدر الالهام ، فأخذوا قصص الحيوانات والحكم والامثال ،ونسبوها لهم على لسان ابن المقفع .
أما التوراتيون ،فقد كان لهم النصيب الأكبر ، حيث أخذوا من ملوك الرافدين مايشاؤون ، ومن قصصه وأساطيره مايروق لهم ،وجعلوا بعض ملوك الرافدين أنبياء ،وبعضهم ملعونين ،ونقلوا اماكنهم من العراق الى مصر كما فعلوا بسرجون الأكدى (موسى).
ثم جاء مؤرخ الماني قبل حوالي قرنين من الزمن ،فأطلق على الأقوام الرافدينية (ساميون) لتصبح الركن الأساس والتسمية المعتمدة للتاريخ ، ويرددها عراقيون بصفة (باحثين ومؤلفين) .
في كل ذلك ،وكما توزعت الولاءات السياسية بين العراقيين ،فقد توزعت الولاءات العلمية كذلك ،فنقلوا ماقيل لهم حرفياً :
- ((عالم)) عراقي ، يقول ان اصل الأكديين (سوبراتو) اي من الشمال ،وجعل سلة سرجون الرضيع – تسير 3900 كم ، دون ان تميل او تنحرف ،كي يثبت مقولته .
- (عالم )آخر يردد ان السومرية لغة معابد وليس تسمية اقوام
- اساتذة التاريخ (الدكاترة ) في الجامعات العراقية ،يرددون حكاية السامية لاطلاقها على الشعوب الرافدينية ، دون اي تفكير بحقيقة الكلمة .
- فيما ينافح المصريون ،انهم أول من اخترع كل منجزات الحضارة ، ويعددون حتى حضارة المايا، لكنهم يقفزون عن الحضارة الرافدينية ،بل وذهب بعضهم الى انكار وجودها . فيما يذهب السوريون ، الى ان حلب أقدم مدينة في التاريخ ،منذ 12500عام وان عشتار سورية .
أمام ذلك فلا غرابة ان يدعي الكويتيون ، ان السندباد وقصصه هي كويتية ،رغم ان اسم السندباد بذاته ،هو لفظ سومري (*)
(*)الارث التاريخي العراقي ،أشبه بكنز يحوي كل ماهو نادر وثمين ، لذا يغري الجميع بالسطو عليه ،أو انتحاله – ولأنه بقي دون حراسة ،ولايجد من يدافع عنه ، لذا كثر السطو من كل الجهات ، وكان آخرها ،ادعاء امارة خليجية ،بأن السندباد هو منها. ولكي يبرروا هذا الادعاء ،ويحرفوا الاسم عن جذوره ،فقد ادعى البعض ان سندباد من الانكليزية تعني أمير ،ومشتق من الالمانية التي تعني كذلك أمير ،فيما ذهب البعض الآخر انه من الفارسية وتعني أمير النهر ،أو الهندية بالمعنى ذاته ، لكن أياً من هؤلاء ،لم يبحث عن أصل الاسم في الارث التاريخي القديم للعراق .
ولكي نحفر في الجذر ،تتبعنا اولاً حقيقة تلك الادعاءات ومقدار ماتحمله، فماذا وجدنا ؟؟
النهر بالانكليزية – ريفير River– وفي الالمانية Fluss – وبالفارسية رودخانه – وفي الهندية كانغا
أما كلمة امير – ففي الانكليزية برنس Prince- وفي الالمانية Prinz – وفي الهندية راجا- raajakumaar– وفي الفارسية شاهزاده –
وبالتالي ففي كل هذه اللغات ، لم تأت على معنى اسم سندباد ،ولم يورد في قواميسها ، الا نقلاً عن قصصه .
جذر الأسم يعود الى اللغات الرافدينية القديمة
سين دي اباد – سين قمر – دي للعائدية – اباد – المدن العامرة أو المزدهرة أو البعيدة .
سين – اله القمر في الحضارة السومرية وما تبعها ، وفي موحياتها – المبتسم ،المضيء والمتألق - وكلها من صفات القمر ، أما - دي – فللعائدية كما في أكادي أو كوردي ، وبالتالي سين دي – تعني القمري ،أو شبيه القمر ، وهي صفة مازالت تطلق على الجميل من الشباب فلان " مثل القَمر" ،أما اباد ،فماتزال مستخدمة في الفارسية والكوردية والباكستانية ،بمعنى المدن المأهولة والمزدهرة والبعيدة / العجيبة (اسلام اباد – عشق اباد – حيدر اباد – الخ ) .
وعلى ذلك ،فاسم سندباد ،أريد به الايحاء بأن ذلك الشاب كثير الاسفار ، الذي رأى من المدن والبلدان الكثير ، واضاء بقصصه وحكاياته الغريبة والمدهشة ،ما اضفى جمالاً ومتعة ، هو اشبه بقمر البلدان . سين – دي – اباد .
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
