خالد غانم الطائي ||
يقرر السياق القرآني ان التاريخ البشري لم يشهد في سابق عهده نظيرا للطاغية فرعون على صعيد حكم الدول وقيادة الأمم ويفهم من الاهتمام القرآني بسيرة هذا الطاغية الذي عاصر رسول الله موسى(على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام) انه كان طاغية لايضاهيه احد في مساويء الشر والعدوان ...بل وأصبح مثالا لايبارى لاحقا على مدار التاريخ المقبل الى يوم القيامة .
وقد ندد به كتاب الله تكرارا وشنع(النون مشددة)بنهجه الضال والمضل وحذر الناس ولاسيما الحكام وقادة الأمم من ان يخالط سلوكهم اي قدر ولو كان يسيرا كي لا يؤول امرهم الى بئس المصير،قال- تعالى- (وان فرعون لعال في الارض وانه لمن المسرفين)سورة يونس الاية٨٤.
..نعم كان فرعون عال في الارض ومسرف ومضل لقومه وقد اتهم النبي موسى( عليه السلام ) بالجنون والسحر، ومفرق لقومه ومفسد ومدع للربوبية.
والايات القرآنية كثيرة بخصوص هذا الطاغية وعندما نقارن مساويء فرعون بمساويء الطغاة الاخرين الجدد نلاحظ اشتراك مساويء الطغاة اللاحقين من حيث المضمون بنظيرتها الفرعونية.
فرعون مسرف وهذا الطاغية الجديد متكبر، و لايبالي
بمسئولياته الجسام.
فرعون مضل لقومه وهذا كذلك يحيد بمواضيع عن نهج الله باتباع السبل الأخرى.
فرعون يتهم النبي موسى (عليه السلام)بالجنون ويعيب الحق بأنه سحر...وهذا يعد الدين اساطير او خرافات او مرحلة تخطاها الزمن او اي مسمى اخر ينتقص شأن هدى الله -سبحانه - ويطعن بصلاحه منهاجا لحياة الناس كما اراد خالقهم-جل ثناؤه-.
فرعون مفرق لقومه وهذا كذلك يعد الفرقه التي تواليه انها على الحق وسواها في الضلال او تراه ينهج العصبية مثلا ليفرق ما جمعه دين الله الى أوصال كل منها يتعصب لنفسه ويتهم غيره بالضلال..
فرعون مفسد وهذا كذلك اهدر قيم المعروف وعظم رذائل المنكر بغض النظر عن مسميات وتفاصيل المعروف والمنكر.
فرعون مدع للربوبية وهذا كذلك يدعي انه يرزق من يشاء ويغني من يشاء ويفقر من يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء .. او ان ممارساته تتبجح هكذا بلسان الحال ان لم يكن بلسان المقال .
فرعون ساخر من بينات الرسول موسى (عليه السلام) وهذا كذلك يستهزيء بالانبياء وبيناتهم ويسخر من المؤمنين(اناس يتمسكون بمبادئ وافكار اكل عليها الدهر
وشر ب).
فرعون يتهم الر سول بالفساد ..وهذا كذلك يتهم متبعي القرآن الكريم بالرجعية او العمل لحساب الاجنبي او المتاجرة بالدين .
فرعون استخف قومه فأطاعوه ..وهذا كذلك سلط على قومه كل ما بيده من وسائل القسر والقمع والاستعباد.
فرعون مدع للالوهية وهذا كذلك يجعل من نفسه الآها يعبد من خلال القوانين التي يسنها والسلطات التي يمتلكها وليس بالضرورة ان تكون لعباده طقوس وإنما يكفي انه يفرض على الناس طاعته دون سواه حتى لوكان رب العالمين.
وقد شهد تاريخنا المعاصر لا سيما النصف الثاني من القرن العشرين شهد حكاما من الطغاة في الامةالعربية والاسلامية وفي بلدان العالم المختلفة فكان الواحد من هولاء الطغاة يبدو قزما بالقياس الى فرعون الا ان صفات السوء بقيت ثابتة وان اختلفت مقاديرها.
مساويء الشر والعدوان عند الطغاة اللاحقين لم تتغير في حقيقتها ولكنها ارتدت البسة وأساليب فيها الحداثة او ظهرت في حدها الادنى...
وكذلك نهاية كل طاغية من هولاء لم تتغير ويكفي من خزي هذه النهايات ان قوم كل واحد من هولاء كانوا اول من يبدأ بلعنه بعد قبره بأيام متذكرين عمله السيء وانه لايسمح لاحد بإبداء رأي مخالف بل يعد الرأي المخالف خيانة تستوجب القتل!
وعقاب الله لهؤلاء لم يتغير فكما للسابقين منهم كذلك للاحقين خزي وخسران في الدنيا وعذاب اشد وأبقى في الآخرة كمااخبرنا الله-عز و جل-
فهل يعتبر الانسان؟!!
وهذا هوهدف القصص القرآني.
.......... ......... ........... .
ــــــ
https://telegram.me/buratha
