المقالات

"آمنة" قبس من "فاطمة" وجذوة من"زينب"


كوثر العزاوي ||

 

كانت فاطمية في دفاعها عن عقيدتها والمذهب، زينبية في شموخها ووقوفها بوجه الطغاة، مخلصة في نصرتها لإمام زمانها بمساندة نائبه المرجع في زمانه حدّ الفناء والذوبان!

إنها آمنة..الأمينة في احتضانها روح نهج آل محمد! فلقد نَسجَت من الرضا ثوب صبرها في مجتمعٍ يتأرجح بين الهدى والضلال على الصعيد الفردي والاجتماعي، في ظلّ الترويج لشعارات المساواة وتحرير المرأة، فعاشت "بنت الهدى" الهمّ الرساليّ الذي انطوت عليه ملامحها لتبدو ابتسامتها ودمعتها مزيجًا من نور ينبعث في جبينها، لتجعلَ منه سراجًا تستضيء به في ظلمة ليل الزمن الحالك، ومالها من صباحها سوى زهرة الذكر تسبيحةً تخالط سجدتها لتستوحي منها عبيرَ ماينتظرها من بوح ذلك العبير، بهمس الملكوت، تنثره كلماتٍ عابقة تناغم عِبرهُ عقولًا لأجيالٍ واعدة، فكان عطاءًا ثرًّا يداعبُ لها حُلمًا راودها منذ الصبا، يوم بدا مُحالًا عُرفًا شمّ رحيق الشهادة لغير الرجال! لكنها خرقت العادة لتغذي مشاعرها بالامل والدعاء لخمسين خلَت، حتى استقر الحلم في غياهب المجهول الأجمل، فما لبث أن تحوّل إلى حقيقة مذ أخذت تَعدُّ الأنفاس لعمرٍ سخّرته مختارة، شريكة المسير والمصير مع أخيها في خدمة الدين والمجتمع، فتحقق الحلم الذي عرج بها إلى مصافّ الصدّيقات، ولم تدع خلفها من حطام الدنيا ولا نَزْرٍ  من حطام الدنيا أو متاع! فكان الخَلَفُ لها ذلك الدور الرياديّ المتميز الذي تقمّصته في الدفاع عن القضية لتصل بحكمتها وعلمها وبصيرتها، طبيبة للأرواح، وحكيمة تعِظُ التائهات في صحراء الدنيا، مداويَةٌ لمن أصابتها حمى التحرّر وهوس التقدّم والتحلل الآتي عبر رياح الغرب باسم الحرية والديمقراطية آنذاك!! فكانت نِعمَ المتصدّي والرادّ والمدافع، ماأحال حياتها وقْفًا لله في سبيل إصلاح المجتمع وتوجيهه، عندما مضت تفكّر وتبحث وتنظِّر وتكتب في كيفية الوصول بالمجتمع والأمة إلى أعلى مراقي السمو الإنساني، تُعرّف الناس معنى أن تكون المرأة إنسانة كما يريدها الله كريمة فاضلة، لا كما يريدها الناس انثى هابطة تتحرك بمفاصل جسدها كمن يعرِض سلعة للبيع بعد تزويقها ثم سرعان ماتبور!!

لقد حققت"بنت الهدى"ومن خلال الرسالة الإلهية العظيمة، نشر معالم الإسلام المحمديّ الأصيل بفكر وقّاد وأفكار سلسة كأنها السلسبيل، عندما كرّست ذائقتها الادبية التي عكستها السطور التي تحاكي واقع المرأة بمختلف فئآتها العمرية في تبيين المفاهيم الإسلامية والتعاليم الإلهية بطريقة السرد السهل الممتنع، لأحداث وقضايا من واقع صلب الحياة، فكان لها الأثر العميق في نفوس الفتيات، مما أحدثت ثورة تغييرية على مستوى انتشار الحجاب في المدارس والجامعات، والاقبال الملحوظ على قراءة الكتب الدينية بمضامينها العلمية والتربوية والتعبوية، إذ إمتازت بالعمق والأصالة والدعوة إلى الإسلام، بأسلوب قصصيّ هادف، مثارًا للتشويق عبر عناوينه الجاذبة، كالفضيلة تنتصر، والدعوة إلى الله، والخالة الضائعة وغير ذلك من القصص ذات الأثر العملي، مما أثار انتباه ورعب وغضب السلطة البعثية الحاكمة فكان ماكان من قمع وارهاب!! 

"فسلام لروحها الطاهرة وهي تُزهَقُ عنوة تحت وطأة التعذيب الوحشي في دهاليز هارون زمانها لتمضي إلى ربها شهيدة، مفقودة الأثر أسوة بجدتها الزهراء "عليها السلام"

 

١٦رمضان١٤٤٤هج

٧ نيسان ٢٠٢٣م

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك