المقالات

قلم مالح..ان مع الصبر نصراً


حسن الربيعي ||

 

عندما قررت الولايات المتحدة الأمريكية التصدي لقيادة العالم بعد الحرب العالمية الثانية، كانت منطقة غرب آسيا في مقدمة اهتماماتها، وأولوياتها، وتبنت عدة سيناريوهات لبسط الهيمنة الكاملة عليها، عبر استراتيجية متعددة المراحل أخطرها المرحلة التي تلت هجمات ١١أيلول 2001، وما نتج عنها من تداعيات على النظام العالمي عموما، وعلى النُّظم الإقليمية بوجه خاص. ففي أعقاب هذه الأحداث أعلنت الإدارة الأمريكية بوضوح عزمها إقامة (شرق أوسط جديد، ثم كبير، ثم أكبر، وموسع). وأعلنت وزيرة خارجيتها كوندليزا رايس عن "استخدام الفوضى الخلاقة لتحقيق الأهداف الأمريكية المتعلقة بنشر الديمقراطية، والحرية، وحقوق الإنسان" في هذا الجزء من العالم، وكذلك الرئيس الأمريكي جورج بوش أعلن أنه ذاهب إلى العراق ليجعل منه نموذجاً ستحتذي به بقية الدول، والأنظمة العربية. فكان سبيله في ذلك هو الهدم والدمار أولا لـ"إعادة البناء" لاحقا وفق النموذج الموعود. وبعد مضي ثلاثون عاماً على الغزو الأمريكي لم نرى من نموذجهم سوى القتل والتهجير، والتدمير المادي، والمعنوي، والأخلاقي، وأصبح (شرقهم الأوسط) مليء بالفتن، والصراعات، وتفجير المفخخات، ونهب الثروات، وانتشار الانحرافات، ونشر فوبيا مصطنعة ضد الإسلام على مستوى العالم.

وبلاد العرب لم يكن حالها أفضل خصوصا في ليبيا، وسوريا، واليمن، ولبنان، أما ايران فكانت عدوهم الأكبر لأنها مرتكز أساس لمقاومة التخريب الأمريكي، وأهم مصدّات مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني المغتصِب. وإزاء ذلك اصطنعت أمريكا عداء مذهبياً بين ايران، والسعودية، لتوسيع دائرة الفوضى والدمار، وتعميق آثارها، ليتسنى لها تنفيذ مشاريع الهيمنة، ونشر الفساد، وتحطيم الأوطان، ونهب الثروات.

في هذه الأثناء ثمة متغيرات دولية تجري في الخفاء، والعلن تعمل على تشكيل محور شرقي لإيقاف عجلة الفوضى الأمريكية، ومواجهة مشاريع التفرد، والتخريب، والهيمنة، وبرز هذا المحور بزعامة (صينية – روسية)، ومساندة ايران، وكوريا الشمالية، كانت أبرز مظاهره الحضور الروسي في سوريا، والحرب الروسية – الأوكرانية، والنشاط الصيني البارز في منطقة غرب آسيا، متمثلاً بمشروع طريق الحرير ، والقمة الصينية – العربية، والمبادرة الصينية للتقارب الإيراني – السعودي بعد مساعٍ طيبة من العراق وعُمان.

لكن هل ستقوم الصين بإخماد الفوضى الأمريكية؟ وهل يصلح العطار الصيني ما أفسده القرن الأمريكي؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة، ويعتمد على قدرة دول المنطقة، وصلابة موقفها، ووعيها بمصالحها، بإستثمار الحضور الصيني لمصلحة التنمية، والتقدم لدول غرب آسيا. والوقوف بوجه المارد الأمريكي الجشع المتهالك، و تبديد الحلم الأمريكي، والاطاحة بالوهم الصهيوني، وهو الهدف الذي عملت عليه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومحور المقاومة، وواجهت بسببه الحروب التركيبية، والحصار، وقوة الارغام، والضغوطات الاقتصادية، والسياسية، والثقافية، وغيرها. لكنها في كل منازلة كانت تردد بثقة وثبات (ان مع الصبر نصرا)، وها هي شجرة الصبر  تثمر نصرا بإذن الله.

 

 

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك