المقالات

أضواء على قاعدة التزاحم الإسلامي في الفكر النبوي…


الدكتور علي زناد كلش البيضاني ||

 

التبصر المعرفي للمصطلحات يُسهم في وضع المُتلقي على حقيقة الموضوعات المطروحة لا سيما ذات الأبعاد غير الطافحة والواضحة للعيان أو قل هو المعنى الباطن الذي يحتاج من القارئ الغوص في دهاليز النص والتواءاته في قبال ظاهرية النص التي لا تحتاج إلى ذلك ، وإذا أمكننا أن نضع حداً ومفهوماً للتزاحم الإسلامي فيمكن أن نقول أنه إذا توقف واجب أهم على مقدمة محرمة فلا بد من الحفاظ على ذلك الواجب الأهم وفي سبيل حرمة المقدمة لا يجوز تبرير ترك الواجب الأهم لمدخليتهِ تحت الإطار التحريمي غير المشروع لذلك الأمر ، بمعنى آخر هو تقديم الأهم على المهم ، والمتتبع لنصوص السيرة النبوية يجد مصاديق دالة تُحقّل ضمن هذه الدائرة المُباحة في الفقه الإسلامي التي سيرتها الضرورات المُلحّة في أمكانية عدم التفريط بالمهمة الأسمى والأرفع من أجل عائق يمكن معالجته فيما بعد إذا ما قورن بين الأثنين كإيضاح تعادلي لترجيح الأفضل ، لكن الأغلب ممن لم يتبحر في هذا المفهوم طرح إشكالات وأشار بالسلب للسلوكيات النبوية عند إقدامهِ على التطبيق العملي لهذا الأمر وفق البناءات المرسومة من السماء التي تُتيح له ذلك ، وهذه الإشكالات طُرحت في الأغلب من غير المنتمين للمدرسة الإسلامية والعذر لهم في ذلك كونهم لم يطلعوا على أدبيات هذه المدرسة ومقرراتها مما تولد لديهم تصور خاطئ ومنقوص ، أما من انتقد السلوك النبوي وهو ممن يحسبون على الإسلام فلا يمكن إخراجه من دائرة أما قصور في الرؤية التحليلية وانخفاض الوعي الفقهي والتاريخي لديه أو المعرفة الحقّة لصوابية الفعل النبوي لكن الجحود والأنانية شكلتا الموجه الأساس للمنظومة الاعتقادية له ، لكن القراءة الواعية للنصوص ومعرفة الآثار الإيجابية المترتبة للفعل النبوي في قبال خطورة ترك ذلك تمكّن المخالف من الانصياع والارعواء لما كان يبغيه النبي ( ص وآله ) ، وسنقتصر على نموذجين من مصاديق التزاحم الإسلامي عند النبي ( ص وآله ) إذ كان الجيش الإسلامي في غزوة من غزواته مضطراً إلى الخروج من المدينة عن طريق معين لأنه أفضل الطرق المُوصلة للعدو لاعتبارات عديدة لا مجال لذكرها ، وهذا الطريق كان فيه مزرعة لأحد الصحابة ، وكان لا بد للجيش حينما يمر بهذه المزرعة قطعا سيؤدي إلى إتلاف المحاصيل الزراعية وتُصاب الأرض بالأضرار بحكم طبيعة حركة الجيش ، عند ذلك احتج صاحب هذه المزرعة وجاء إلى الرسول الأكرم ( ص وآله ) وقال له مزرعتي ومالي ، فلم يجبه الرسول ( ص وآله ) واصدر أوامره للجيش فمشى في هذه المزرعة حتى لم يبق في هذه المزرعة شيء ، كل ذلك لان النتيجة كانت أهم من المقدمة لأن التحرك العسكري هذا كان يسير لأجل هدف سامي يؤمن فيه حدود الدولة الإسلامية ويرد العدو فلا ضير في إتلاف أرضاً زراعية في قبال الحفاظ على الخط الرسالي وحفظ دماء المسلمين ، والحال كذلك ينطبق على غزوة النبي ( ص وآله ) لبني النضير بعد تحصنهم وعدم مقدرة الجيش الإسلامي على مواجهتهم نتيجة عائق وجود الشجر ، إذ ذكر ابن هشام في السيرة ما نصه "  فتحصنوا منه في الحصون فأمر رسول الله  صلى الله عليه وسلم  بقطع النخيل والتحريق " ، إذن تكون الاعتبارات المنطقية هي الحاكمة والمقررة في السلوكيات النبوية ولا يمكن الإشكال على الأفعال النبوية عند دراستها دراسة واعية واستخراج القيم والآثار الإيجابية التي ستتولد منها.

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك