المقالات

الإمام الكاظم "عليه السلام " والحرب الناعمة


علي الخالدي ||

 

    إمامنا الكاظم هو الإمام موسى بن الإمام جعفر الصادق و والد الإمام علي الرضا " عليهم السلام" سابع حلقات السلسلة الذهبية المتكونة من الائمة الاثني عشر.

    أشهر القابه باب الحوائج لأنه لا يرد طالبا في حياته وبعد استشهاده، لذلك يلقبه أهل العراق ( أبو طلبه) ولقب بالكاظم او كاظم الغيظ، لأنه استطاع امتصاص افتعال الفتن والحروب العباسية ضد العلويين، التي يشعلونها بين الحين والآخر لإسقاطهم فيها، وقد حاول التاريخ طمس تراثه على مدار اثني عشر قرنا، عن شيعته ومواليه, وكأن لا تاريخ له عليه السلام سوى أسره في غياهب السجون العباسية.

    نعم ان للإمام كانت مسؤوليات عظيمة,  قد لم يشهدها من سبقه من الائمة, فهو بالإضافة الى انه مطلوب منه الحفاظ على خليفته الامام الرضا, بعيدا عن عيون الاعداء, كانت امامه معركة جديدة لم يراها الا ذو بصيرة, فالدولة الأموية استخدمت الحرب الصلبة مع أهل البيت عليهم السلام، من قتل وتشريد وسبي وحصار ونفي بعيدا عن الامة, لكن الدولة العباسية بقيادة هارون الرشيد ابتكرت طريقة للقتل, الا وهي الحرب الناعمة مع الامام الكاظم عليه السلام، فأسباب اثارة المجتمع مثل الجوع والحرمان والامراض, غير متاحة في زمان العباسيين, وهذا يحتاج جهد كبير من الامام ليعرف الناس بعدوهم, حيث فتح العباسيون باب الثراء للمجتمع, واغدقوا بالعطاء لجماهيرهم، فكانت الوفرة المالية والترف سبباً في توجه الناس نحو الإلحاد والفحش و اللواط والملاهي والرقص والغناء، وهذا ما يسميه التاريخ( العصر الذهبي) وهو طريق جديد لإبعاد الناس عن الدين المتمثل بالإمام الكاظم عليه السلام .

      مدة إمامة الإمام الكاظم عليه السلام التي استمرت ٣٥ عاما، شهد فيها نهاية الدولة الأموية وعاصر قيام الدولة العباسية التي قامت بشعار (الرضا من آل محمد) وعاش ظلم أربع سلاطين عباسيين، حكم السفّاح ثم حكم المنصور الذي اغتال أباه الصادق عليه السلام، و المهدي وهارون, وقد تصدى خلالها لعودة الجاهلية الأولى, على يد الحاكم العباسي هارون الرشيد، والتي تمثلت بحضارة الإلحاد والعري، بيد ان الامام قام بتوسعة المدرسة الفكرية والعقلية, التي اسسها والده الامام الصادق عليه السلام, فانتشر التشُيع في زمن الإمام إلى باقي البلدان بشكل مضاعف، وهو الهدف الرسالي لجميع الأنوار المحمدية، مما اضطر بهارون حبس الإمام لحسر نشاطه، من عام ١٧٩ هجرية إلى ١٨٣ حيث قتله بالسم.

  من مظلومية الإمام الكاظم عليه السلام، عدم تطرق الكتاب والخطباء لحياته, منذ ولادته سنة ١٢٨ هجرية، والاكتفاء بالأربع سنين التي قضاها في السجن, وهذا ما يعتبر اجحاف بحق من فتح المدرسة العقلية لأول مرة في تاريخ الامة الاسلامية, بعد ان فتحت الحضارة العباسية, الطريق امام المدارس والثقافات اليونانية والرومانية والبوذية لاجتياح العالم الاسلامي, تهدف لاكتساح الدين الاسلامي الذي جاء به النبي محمد صلوات الله وسلامه عليهم.

    تأسيساً على ما تقدم ان الامام الكاظم عليه السلام, وعبر جهاد التبيين العقلي والعلمي والفكري, قد وقف امام اشرس هجمات المحتوى الهابط, ثقافيا وفكريا في عصر الاسلام, التي صنعتها الحكومات المناهضة للعلويين، عبر فتح مواقع ومنصات مختلفة  للملحدين والبوذيين والغانيات وشعراء الفحش, وهذا ما جهد عليه سلاطين السالفين بكل ما أوتوا من قوة .

   ختاماً أن من نماذج جهاد التبيين والحرب الناعمة، المضادة لموجات الإحتلال الحضاري الضدي التي صنعها الإمام عليه السلام، هو الشيخ هشام بن الحكم رضوان الله تعالى عليه، فكان لسانه يمثل جبهة لا تصد في رد الشبهات ونفي الحركات الدخيلة على العالم الإسلامي.

 

ـــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك