المقالات

على شاطئ الأحياء رَسَت الجراح..


كوثر العزاوي ||

 

ما بين الآونة والأخرى وعندما يضيق الخاطر بشجونِه، تشدُّني الحاجة بداعي الشوق للوقوف على ساحل بحر جودهم، وغمار بحرُ الشهداء متاحٌ للمثقَلين، وهناك أخلعُ نعليَّ وأحطّ رَحلي بقدسِ وادِيهم فأبحرُ بجراحي لأطهّرها بسلْسلِ فُراتِهم، ولم تفتأَ الروح تناجيهم، والقلب يحدّثهم عمن رحلَوا عنّا دون موعِدٍ دون اتّفاق دون تلويحةٍ أخيرة، أستَفهِمَهُم ليجيبوني عمَن قُلتُ لهُم وداعًا مضطرًّا، وفِي أمَانِ الله مُرغَمًا، ومَن اسْتَودَعْتَهم الله وفي القلب ألف غصة وغصة ومَضَوا ولم نَسمَع لهم ردًّا ولاهَمسا!!

قصدتُ بحرَهم لأطيل الوقوف على ضفاف أطيافهم، فأبثَّهم وَجدي وأشكو وجعي، فبحرُ الشهداء وحده مَن يفهم عِلَلي ويحتوي يُتْمي، ومِن غزير فيضِهم أستمدُ العون والقوة واستلهمُ الصبر دواءًا برشفةِ طهرٍ تفيض على روحي من صافي عَذبِ زلالهِ، ولأشُمَّ ريح الجنة بعبق الشهادة المتجلّية في حكاياهم ونوادِرَهم، لأنهم الصنف الفريد الذي أجِدهم وجهًا واحدًا كما أجد ضآلتي عندهم، هم صفحات بيضاء متى شِئتُ رسمتُ لهم قلبًا مشروخًا بين جدرانٍ انشقَّت وتصدّعت أركانها، فهم وحدهم من يفقهوا حقيقة الصَّدْع والثلْم، وهم مَن يَملِكوا حق الترميم والجبر بإذن خالقهم، ولأنني وفي غضون العمر لم أجد مَن يُترجم أحاديث آل محمد"عليهم السلام" تطبيقًا عمليًا غيرهم، فهم يتكاملون بصدقِ عطائهم وقد "صَدَقوا مَاعَاهَدوا الله" يعانقون البنادق والموت بدل وسائدهم، يصمتون أكثر مما بتكلمون، يمتطون الليل ليجودوا بالدِّعة على غيرهم، ويعزفون ألحان الجهاد المقدس وثقلُ العَتاد حِمْلهم، وبراق السَّحَر يروي حكايا عروجهم نوادرَ من عِبَرٍ شتى، وقصصُ الإيثار وطرائف الذوبان ملفاتٍ ووثائق كثرى هي في الحقيقة ميراثٌ لِمَن عشِقَ العروج بلا أضواء ولا صخب الألسن والقيل والقال، حتى أتاهُم اليقين فكانت الأرض لهم فراشًا ونزيف دماؤهم غَسول الشهادة، ومسك الختام نعيم ووفادة!

وفي خضم تلاطم أمواج الزيف والباطل والشحناء يأتيني الصوت من جانب طور الشهداء معبّقًا بعطر الأحياء في الجنان، قائلًا لي: عودي إلى سكناكِ، قريبًا سيصبح الماء غورًا فانتظري، سيأتيكمُ الماءَ المعين، فاستبشَرَت روحي وانشرَحَ صدري، ثم مع الأمواج وصرير الريح ألقيتُ محبتي ولوّحتُ بيدي وأرسلتُ سلامي، السلام على الأحياء السعداء الذين استَقَوْا من أريج فاطم عطرَ الشهادة فكانوا لها أهل، السلام على من واسَوا بشذى نجيعِهِم جرح فاطم، السلام على أهل الصدق  القابضين على الجراح بلا نياح، السلام على العازفين أغنية الموت على وَتَر كربلاء، طبتم وماطاب الفضاء، كلا ولا عيش يطيب ببعدِكم.!

 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك