المقالات

متى تحلو الحياة ؟!..


كوثر العزاوي ||

 

ليس للحياة قيمة إذا لم نجد فيها شيئاً نجاهدُ من أجله، أمرًا ننتظره، ولن تحلو من دون هدفٍ نحيا لأجله، كما لاتطاق من غير غالٍ ونفيسٍ نضحّي ونبذل له الأغلى! وماعدا ذلك فلانبالي كم مضى من العمر وكيف مضى، في عافية أم شقاء!! فقد تقصُر الحياة وقد تطول، وكل شيء مرهون بالطريقة التي نحياها بها والنهج الذي نسير عليه خلال مسيرة الحياة، ولعل أفضل محطات العمر: أن تُشرقَ حياةُ الانسان بالعِبر البالغة والدروس النافعة، وتسطع حركته بالبصيرة النافذة والأثر الجميل والموقف المؤثر، وكم اقتربَ من الربّ الكريم ليحضى بِمنحةِ رضاه!

{اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} الحج ٧٥.

ولايتأتّى ذلك إلّا حينما يعيش المرء كلّه لله والاسلام، رساليًا معطاءًا  ناكِرًا للذات، لايفكّر بالغنائم والمكاسب الدنيوية والأرباح المادية وكم ينال من اللذائذ والرغبات، بل يعيش تمامًا كما عاش أئمتنا المعصومين"عليهم السلام" ومَن هم أسوة لنا!

{اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}الأنعام ١٢٤.

ومن هنا، يصبِح لزامًا علينا الاقتداء بهم لو كنا صادقين بولائنا لهم! فلو تتبّعنا حياة آل محمد "عليهم السلام" وأتباعهم وأسفار علماء الشيعة المقتدون بهم، لرأينا كيف دأبوا على أن يعيشوا أحرارًا، فكانوا والى يومنا هذا للناس مُلهِمين، وكرّسوا عِلمهم وحياتهم في خدمة الدين ونشر الفضيلة، فأصبحوا للمجتمعات آباءٌ وأُباة، وللدين قادة وهداة، وثبَتوا في الدفاع عن الحق وحقوق الشعوب المظلومة، فاختارتهم الشعوب لها قادة، ورضِيَت بهم حُماةً وسادة! وعندما نستذكر ثلة كبيرة من أولئك الرجال الأحرار الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه، سواءَ مَن رَحَلوا ومَن لايزالوا ينتظرون، ثم نستعيد حركتهم في الواقع الإسلامي، فإننا نستوحي منهم ضرورة الحضور في ساحة الصراع على جميع الصعد، علاوة على الإستفادة من حياتهم دروسًا تنمّي لدينا الشعور بالولاء عبر تحمّل المسؤولية والقيام بوظيفة التبليغ والدفاع والتبيين من غير فرقٍ بين النساء والرجال بدافعِ قوله عزوجل:

{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ  بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ..} آل عمران١٩٥

فيُصبح واجب علينا الحضور في ساحة المواجهة طالما رضينا بالقرآن  والعترة "عليهم السلام" نهجًا ومنهجًا، واستوعبنا تعاليمهم، فما علينا سوى امتثال حركتهم ومتابعة سيرتهم قولًا وفعلًا وتقريرًا، لأنهم يمثّلون الشرعية في كلّ ما انطلقوا به من عملٍ في مسارح الحياة

سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا وعلى مستوى الأسرة والتغيير والبناء، وكيف نفهم المعارضة وشجب الظلم والتصدّي للانحرافات ومقاومة الباطل، وهذا عين مانؤمن به وهو من صميم عقائدنا، كما نعتقد بأنّ الإنسان الرِّساليّ هو الذي لايعيش

لكي يأكل وينام فقط ويُنجِب! وإنما يأكل ويأخذ من الدنيا بمقدارٍ لكي يعيش، فهو يَحيا لأجلِ قضيّة مقدسة على أمل أن يموت من أجلِ ذات الهدف السامي، فعليه الخروج عن حياة البهيمية ولتتجلّى مطالبَه في هذه الدنيا على هذا الأساس، منصهرًا في الحق بكل أبعاده وموارده، حتى يراه الله وكل مَن يعرفهُ كما هو، معدنه الجواهر المتلألئة المتجسّدة في قوله وفعله وحركته في المجتمع ومع الله، قويّ الشكيمة زكيّ النفس نقيّ الضمير حَسَن الأثَر والمسير، وماهذا النتاج المثمِر إلّا نتيجة طبيعية لمقدمات ناصعة على غرار هذا الغرس العلويّ المبين:-

{إصبر على مرارة الحقّ، وإياك أن تنخدِع لحلاوة الباطل}..غرر الحكم 

 

٢٥جماد الآخر١٤٤٤هج

١٨-١-٢٠٢٣م

 

 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك