المقالات

لا غربة كغربةِ المبادئ..!


كوثر العزاوي ||

 

الحياة لاتخلو من أقدارٍ كُتِبَت على بني آدم منذ بدء الخليقة وهذا محض عقيدتنا وقد رَضينا بالله "سبحانه وتعالى" ربًّا رحيمًا بجميع صفاته الجلالية والجمالية، ولعلّ أفضل وأقصر طريق يكفل لنا وافر الكرامة والعزة، هو أن يكون مانعتقده ونؤمن به كالذي يظهر منّا في الواقع حركة وموقفًا وخُلُقًا أساسه التقوى والحكمة، وعلى ضوء ما ذكرنا، ثمة أقدار تُداهِمُ بعض الذين توسّدوا الصبر والصمت سنين عجاف لم يسألوا الناس أجرا، وهذه الاقدار تحاول أن تصعقَ قلوبًا أمسكت نبضها عن الخفقان خشية الإخفاق!، معذورة هي الاقدار، إذ أنها مأمورة فلا تفقه معنى أنّ بعض القلوب طالما تجاهلتْ نبضها وتجاوَزتْ أولوياتها، ولاتريد سوى أن تستريح من طقوس الاحاسيس وفصول عذاباتها! ورغم ذلك ترى حُصَيّات الدهر ترميها بقسوة بأيدي ذوي الودّ، ماتجعل هذا الصنف يتخلى عن بعض حقوقه كرامة ليبدو كما يتمنى اولئك رفقاء الدرب في معزلٍ عما يطمح صاحبهم من مباحات ومتطلبات الفطرة، فتراهم يستغربون إن لم يستهجنوا، فكأنهم لايفقهون غير ذواتهم!! حيندئذ تترجّل الروح عن صهوة وَحدَتِها لتخوض غمار الغربة، باسطة روحها قبل يدها سخية حتى قالوا لها: نعم.. هي ذي أنتِ لستِ إلّا محض جهاد وفداء، وفي كفّكِ المعطاء حنان أُمٍّ لا تعرف الكلل! كيف تُريدين أن تقنعينا بأنكِ تستسلمين؟! اقتربَ منها بروح الشغوف الأمين قائلًا: هلمّي فما زلتُ ألمحُ في عينيكِ تلك النظرة العنود، وفي صوتكِ تلك النبرة الحنون، وخلجات روحك جذوة في حروفٍ كنبضِ أمّ موسى وقد ربط الله على قلبها لتكون من المؤمنين!!

سكتت هنيهة مذهولة متأملة! ترى كيف تجيب وبمَ تجيب بعد أن أينعت سنابل صبرها وفي كل سُنبلةِ حُبٍّ مئة حكمة!!

ثمّ لماذا تجيب أصلًا وقد أزدانت أغصان السنين بثمار الصبر القويم!!

وضعت كفّيها وصرَّت وجهها وأخذت تبتسم لأفكارها وذكرياتها  التي تحاوِرُ مثل ماردٍ حزين انتفض فجأة منشرِحًا في غابر السنين! بيد أنها تدنو وترنوا وفي غور روحها صدى وَجَلٍ من غِيَرِ الزمان، وفَرَقٍ من خيبة الحَدَثان! ما يُعطيها الحق بالتوجّس منَ اللا أمان.!

لكنها نفضت عن غربتها تراب الحَيْرة ومدّت يدها وحدّثَت نفسها حديث التفاؤل والثقة، وماهي سوى أيام حتى تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الصدق، وكان ماكان في ردحٍ من الزمان في  محطة الخذلان، لتُثبت التجربة بالبرهان، أن ليس كلّ مَن يندفع باتجاهك قادر على الوصول معك كما ينبغي، فثمة أناس ممن بدأوا معك لن يُكملوا المشوار، فلا تبتأس ومراحل العمر عزيزة عند بارئها، فربّ سويعاتٍ حانية تأتي بغتة عوضًا، لتشحذ الهمة مرة أخرى استعدادًا لمشوار آخر يأخذك حيث ضفة الأمل التي منها تطلّ على الضفة الأخرى لصلاح الدارين،

{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم). التغابن، آية: ١١.

١٨جمادالآخر١٤٤٤هج

١١-١-٢٠٢٣م

من جانب حرم ابي عبدالله وأخيه ابي الفضل عليهما السلام

 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك