المقالات

عراق الاسلام أم فرنسا المسيح..بين القبول والرفض


عباس الاعرجي ||

 

شكوى في أروقة محكمة العقل والمنطق .

إطلع القضاة في هذه المحكمة على لائحة الشكوى المقدمة من قبل أنصار المنهج العقلي والتي تحتوي على بندين وهما كالاتي .

١- العراق أفضل من حيث المؤهلات .

٢ - فرنسا أفضل في تطبيق هذه المؤهلات  .

في حقيقة الامر أن هنالك تساؤل وأستغراب ، بل وحتى أكثر من علامة إستفهام وتعجب من قبل أتباع البند الاول ، إذ يبدون عدم رضاهم وقناعتهم بين أن الاسلام أفضل المناهج وبين أن العراق أسوأ البلدان ، ولذلك قدموا هذه الشكوى .

أولاً وقبل كل شيئ ، هذين النموذجين إخترناهما على إعتبار أن العراق هو البلد الذي هبط فيه آدم وحواء وهو مولد الانبياء والاوصياء .

حضارات التاريخ التي علمت الانسان معنى الكبرياء هبطت في العراق ، العراق موطن علي وسيد الشهداء ، وهنا في العراق سيعلن التاريخ البشري نهاية الحياة على يد الامام المهدي أحد الأئمة الهداة .

أما النموذج الثاني الذي أخترناه فهو فرنسا التي تمثل الحضارة الاوربية المسيحية ، ومن هذا البلد إنطلقت الثورة الفرنسية وإنطلق البناء والاعمار .

الامر ليس هيناً ، وليس سهلا ، فعلى المحكمة أن تبذل قصارى جهدها في تفكيك هذه الجدلية وإعطائها من الوقت ما تستحقه ، بعيداً عن تجاذبات الاراء وتقاطع الاهواء  من خلال التحقيق ودراسة الموضوع بكل حيادية وتجرد ، وأقولها لكم ومن قلب مفجوع ودام ، أننا لو ناصرنا قرارات هذه المحكمة لانتهت كل الآلام والمعانات التي يعاني منها العراق وغيره من البلدان .

وفي اليوم الثاني وعلى بركة الله نشرت المحكمة نتائج التحقيق وهي ما يلي .

بما أنّ القرآن الكريم يعتبر معجزة الخلود عند المسلمين ، وهو الكتاب السماوي الوحيد ، الذي لو اجتمعت الإنس والجن ، على الاتيان بمثله ، فلن يتمكنوا من ذلك ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا )  .

بيد أن المحكمة وكوادرها أصابهم الأعياء ، من جملة ... بمثل هذا القرآن ... وماذا يوجد في هذا القرآن ؟

وبهذا الدليل أي دليل التحدي ، أذعنت المحكمة وأقرت بحقيقة هذا المدعى ، فلو كان حقاً هذا القران من عند غير الله لاستطاع الانسان قبول التحدي والاتيان بكتاب آخر . وعليه تستنتج المحكمة أن القرآن الكريم هو معجزة الوجود البشري من حين نزوله الى ان يرث الله الارض ومن عليها .

ومما جاء في هذا الكتاب السماوي بعد أن أقرت المحكمة بصحته وفق دليل التحدي كما أسلفنا ، هذه الآيتين المباركتين ( إن الدين عند الله الاسلام )  .

( ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه ، وهو في الاخرة من الخاسرين ) .

ثم ذهبت المحكمة الى أبعد من ذلك في إعترافها بأحقية حاكمية الاسلام  ، بعد عثورها على هذه المسودة التاريخية ، التي تبين وتوضح ما موجود في هذا القرآن من تعاليم وقوانين لم ترى مثلها الانسانية منذ أن خلقت . 

فلنستمع الى ما قاله أحد كبار محققي هذه المحكمة  ؟

لم أجد كلمات ألطف وأشمل وأبلغ عن الاسلام وتعاليمه من كلمات جعفر الطيار أمام ملك الحبشة عند هجرته اليها بأمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

حيث قال وهو يخاطب ملك الحبشة .

أيّها الملك كنا قوم أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، و نأكل الميتة ، و نأتي الفواحش و نقطع الأرحام ، و نسيء الجوار ، و يأكل القويّ منّا الضعيف ، حتى بعث الله إلينا رسولاً منّا نعرف نسبه و صدقه و أمانته و عفافه فدعانا إلى الله لنوحّده و نعبده ، و نخلع ما كنّا نعبد نحن و آباؤنا من دونه من الحجارة و الأوثان ، و أمرنا بصدق الحديث .

و اداء الأمانة .

و صلة الرحم .

و حسن الجوار .

و الكفّ عن المحارم و الدماء .

و نهانا عن الفواحش و قول الزور ، و أكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات .

و أمرنا أن نعبد الله وحده .

لا نشرك به شيئاً .

وأمرنا بالصلاة و الزكاة و الصيام .

٢ -  فرنسا أفضل في الدين العملي .

أرسلت المحكمة محققيها لإستبيان الامر والوقوف على حقيقة هذه الدعوة الثانية ، فرأت أن الامر قد تجاوز حد التواتر المنطقي ، من حيث التقدم والتطور والعمران والاخلاق والتكافل الاجتماعي ووو .. بل كل ماذكره اتباع البند الاول من تعاليم نبيلة وإنسانية أقرها الكتاب والدين الحنيف ، قد عملت على تطبيقها دول الغرب المسيحي .

فهنا وقف القضاة في حيرة من أمرهم ، لانهم يرون صورتين متغايرتين الاولى لا تتوافق مع الثانية ، والثانية كذلك لا تتوافق مع الاولى ، فأين الخلل وأين العلة  ٠

ففي العراق أفضل الكتب السماوية وأفضل الشرائع وأفضل الانبياء والاوصياء مع وجود نهج البلاغة ومراقد الائمة والمؤسسة الدينية وإرشاداتها اليومية ، ولكن في قبال كل هذا تراجع وتخلف وإنحطاط .

أما في فرنسا فإنهم لايملكون ما نملكه من بركات السماء إلا أنهم أفضل منا جميعا .

وبعد أخذٍ ورد وذهاب وإياب وصعود ونزول في أروقة المحكمة توصل القضاة أن العيب كل العيب وأن الخلل كل الخلل ليس في الواصف ( الله) ولا في الوصفة( الاسلام) ، ولكن  في طريقة إستخدام الوصفة .

فما علينا الا أن نحذو حذو فرنسا في تطبيقها لقوانين الاسلام . وأن لا نجعل الدين أن يكون أفيوناً للانسانية وان نرفض بعض مدعوا النيابة الالهية بهتانا وزورا ، وأن يكون القانون الاسلامي بنسخته الاصلية وليست المستنسخة ،  هو الحاكم وهو القائد ، كما هو المعمول به في دول الافرنج ، وبخلاف ذلك سنبقى تقودنا نعاج القوم  .

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك