المقالات

إحياء أمر القضية المهدوية من أهم التكاليف الشرعية


احلام الخفاجي ||

 

ابتداءً يجب معرفة ما المقصود بالتكليف الشرعي، ليتسنى لنا بعدها الإبحار في سبر  القضية المهدوية، فهو إلزام المكلف بما اقتضى الشرع فعله، أو تركه أو استواء تركه وفعله وفق شروط التكليف، وعليه فإن القضية المهدوية ليس تكليف عادي يستوي فيه الفعل وتركه، بل هي من أهم التكاليف الشرعية لما لها من قدسية اكتسبتها من خلال ورودها في الكتب السماوية لمختلف الأديان ولاسيما القرآن الكريم وروايات أهل البيت(ع)

إن القضية المهدوية عقيدة إلهية متجذرة في الشرائع السماوية، بل هي من أهم قضايا الإسلام، فلقد آمن أبناء الديانة المسيحية وحتى اليهودية بظهور المخلص والمنقذ الذي يعمل على اجتثاث الظلم ويحقق دولة العدل الإلهي، فلقد ورد في الإنجيل وفي التوراة الكثير من الإشارات حول المهدي المخلص والتي تنسجم مع روايات أهل البيت(عليهم السلام) حيث اشار الكاتب سعيد ايوب في كتابه (المسيح الدجال ) الى الآيات التي وردت في سفر الرؤيا والتي تبشر بالمنقذ (فدلت أخبار سفر الرؤيا  الى امراة  يخرج من صلبها اثنا عشر رجلا، ثم اشار الى امراة أخرى: اي التي تلد الرجل الاخير الذي هو من صلب جدته، وقال السفر: ان هذه المراة ستحيط بها المخاطر، ورمز للمخاطر باسم التنين، وقال: والتنين وقف امام المرأة العتيدة  حتى تلد، يبتلع ولدها متى ولدت)"1"حيث عقب الكاتب على أن هذه الأوصاف تنطبق على المهدي الامام الثاني عشر عند الشيعة الامامية الاثني عشرية.

روايات اهل البيت التي بشرت بالموعود كثيرة فمنها على سبيل المثال لا الحصر ما ورد عن امير المؤمنين(ع) في قوله تعالى (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)"2" هم ال محمد (ع)

يبعث الله مهديهم بعد جهدهم فيعزهم ويذل اعدائهم، لم تنحصر الروايات التي تبشر بالمنقذ الموعود على الشيعة فحسب، بل شاركتهم سائر الفرق الإسلامية استنادًا إلى الروايات المتواترة التي وردت عن أهل العامة، وكما جاء عن أحمد بن حنبل: قال رسول الله (ص): لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي اسمه يواطئ اسمي)"3"

ورد عن أهل بيت الرحمة الكثير من الأحاديث والروايات التي تحث المؤمنين على احياء أمرهم (عليهم السلام)، ومنها ما روي عن الإمام جعفر الصادق (ع) إنه قال للفضيل بن يسار-وهو عالم من العلماء الثقاة من مدرسة أهل البيت(ع)- يا فضيل "أتجلسون وتتحدثون؟" قال: نعم جعلت فداك، قال الإمام الصادق: إن تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا)"4"

كذلك يقول الهروي: سمعت الإمام الرضا (ع) يقول: أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا، قلت يا بن رسول الله وكيف يحيا أمركم؟ قال: أن يتعلم علومنا ويعلمها الناس، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا)"5"

يتضح من أحاديث الأئمة الأطهار (ع) أن أمر أهل البيت (ع) هو الإسلام، حيث كانت غايتهم إيصال الرسالة الإسلامية للناس، وبما أن القضية المهدوية هي الركن الأساسي لهذه الرسالة كان لزامًا على جميع المؤمنين إحياء أمر هذه القضية.

يكون إحياء أمر القضية المهدوية على عدة محاور:

1-الاهتمام بالثقافة المهدوية عن طريق الحرص على المطالعة حول شخصية الإمام (عج) على المستوى الشخصي والمجتمعي، فمصداق هذا العمل ما ورد عن أهل البيت (ع): من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية"6"

، فيجب على المرء أن يحث اسرته على الاجتهاد في البحث والتنقيب عن  شخصية الإمام الموعود بتكثيف المطالعة ، وتعلم الروايات والأحاديث التي تتعلق بسيد الأرض روحي وأرواح العالمين له الفداء.

2-إحياء الشعائر المهدوية، ومصداقها الاهتمام بقراءة الأدعية المرتبطة بالإمام (عج) مثل دعاء الندبة والعهد الذي يجدد فيه الإنسان المؤمن العهد لإمام زمانه في كل صباح، وليبدأ الإنسان بأسرته، وليرغب الآخرين بذلك حتى تتوسع دائرة هذه الحلقة لتشمل الأهل والأقارب والجيران، بل وتتعدى حدود المناطق القريبة لتصبح أشمل وأوسع على مستوى المحافظات إن تكلمنا في حدود البلد الواحد.

3-نشر الثقافة المهدوية على المستويين الشخصي والمجتمعي بل وعلى المستوى العالمي، وذلك عن طريق استغلال وسائل التكنلوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي بكافة مسمياتها.

4-تثقيف الناس بعلامات الظهور(الحتمية وغير الحتمية) وكذلك شخصيات الظهور الواردة في روايات أهل البيت (ع) وفك شفراتها وطرحها بصورة مبسطة، كما يجب على المتصدي لهذا الأمر اسقاط هذه العلامات على أرض الواقع قدر المستطاع لتحصين المؤمنين من شر الفتن التي تسبق الظهور الشريف والتي وصفت بأنها صماء عمياء سوداء مظلمة، لغفلة عامة الناس عن إدراك مدى خطورتها "حيث يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لانفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه" بل ويتعدى الأمر إلى ما بعد الظهور الشريف،

فيجب الاستعداد والتعبئة لهذه المرحلة التي لا تقل أهمية عن سابقتها.

مولاي يا صاحب الزمان إن جاء أمر الله وفار تنور الفتن، مد يدك لي وانقذني واجعلني ممن ركب سفينتك لأردد خلفك "بسم الله مجراها ومرساها" وتقبل مني هذا القربان لعله يقربني منك زلفى، أو أكون من سدرة عشقك قاب قوسين او أدنى.

1_المسيح الدجال، سعيد أيوب: 379 ـ 380 / نقلاً عن المهدي المنتظر في الفكر الاسلامي، اصدار مركز الرسالة: 13 ـ 14.

2-سورة القصص آية 5

3-صحيح أبي داوود

4-بحار الأنوار ج44

5-بحار الأنوار ج2

6-كشف الغمة

 

ــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك