المقالات

الاطار التنسيقي أمام الاختبار الاصعب


ابراهيم العبادي ||

 

تتسرب المعلومات عن تفاصيل المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة ،وهي معلومات محبطة  وتدل على فداحة مايفكر به بعض الزعامات والشخصيات !!!!؟؟؟؟  ،اسوأ مايميز الحياة السياسية العراقية الراهنة انها بوجهين ولسانين  ،فهناك الخطاب السياسي المعلن الموجه للجمهور يوازيه  خطاب  ضمني غير معلن هو المعبر الحقيقي عن المواقف والشروط والمطالبات والدفاع الشرس عن الحصص دونما حساب جدي للكياسة المطلوبة في تكرار حرفي للنموذج السياسي اللبناني العاجز   .

المدهش في مايجري الان ان هذا الكيان الفضفاض المسمى الاطار التنسيقي يعيش صراعا مضنيا بين كتله بشأن توزيع الحقائب الوزارية ،والصورة الراهنة الان للاطار تختلف عن صورة الاشهر التي سبقت انسحاب التيار الصدري ،ففيما سبق كان الاطار يقدم نفسه حريصا على حقوق المكون الاكبر ولايريد التفريط بالعرف السياسي الذي يلزم اطراف هذا المكون بالتوافق لتشكيل الكتلة الاكبر ،كان الاعتراض الكبير الذي تشبث به الاطار ان مشروع الاغلبية الذي عمل عليه السيد مقتدى الصدر يصادر حقوق القوى السياسية الشيعية الاخرى ويهمشها ويخرجها من دائرة التأثير والمشاركة وان المعارضة البرلمانية ليست الخيار المناسب للحفاظ على هذه الحقوق بل لابد من مشاركة الجميع في الاختيار والحصول على المواقع في هيكل السلطة التنفيذية ،عندما بلغت الامور مرحلة الشوط الاخير وصار الاطار التنسيقي هو الذي ينفرد بتمثيل المكون الاكبر ،اندلعت حمى الصراع على تقاسم الوزرات وذهبت تلك (الوحدة والتناسق )السابق ، وصار كل شيء عرضة للمزايدة والتنافس في سوق شديدة الاضطراب .

تدرك قوى الاطار مجتمعة ومنفردة ان البلاد على شفير الهاوية وان كل يوم يمر دون حكومة فعالة وقدرة كبيرة على الانجاز وعقل اقتصادي كبير ،سيقود حتما الى توسيع دائرة الاضطراب والاحتجاج والرفض ،ليس هناك نظام سياسي في الكون يعاني من فقدان الثقة كما هو النظام السياسي في العراق ،وليس بوسع بلاد ان تنهض من وهدة مشكلات خطيرة وشعبها لايثق بسياسييها ولا بمؤسساتها .

كان متوقعا ان تدرك بعض قيادات الاطار الحاجة الى قراءات معمقة وفكر نظري حديث لتعيد النظر في مواقفها وسياساتها وتسعى الى مد جسور الثقة مع الجمهور بخطاب جديد وسلوك سياسي صادق ،لكن المثير والمدهش ان بعض هذه الزعامات تدمن تسويق خطاب اعلامي مثالي وتتصرف في الكواليس المغلقة بواقعية مفرطة وهي تصر على اقتسام الوزارات وتتخاصم على توزيع المناصب وتستقل في الاستحواذ على المواقع والذريعة هذه المرة ،  مثل كل مرة ،  الاستحقاق الانتخابي .

اين ذهبت شعارات ماقبل الانتخابات المبكرة ؟وماذا افاد السياسيون من نتائج الاضطراب والاحتجاج التشريني  الكبير ؟ ليتذكر السياسيون ان هذا الاحتجاج  الذي عزوه الى العامل الخارجي وتعاملوا معه امنيا ،تسبب باسقاط  حكومة وشل حكومة ثانية ،  وفتح الباب على مصراعيه امام فوضى لم يعد ممكنا السيطرة عليها الا بحنكة سياسية وجهد سياسي كبير ومنجز حكومي واضح ، لتهدئة النفوس واعادة جزء من الثقة المعدومة ؟

هناك امال معقودة وبصيص امل ضئيل في ان تنجح حكومة محمد شياع السوداني في اعادة شيء من الفاعلية  للمؤسسات لتعود الدولة تعمل بقدرات معقولة وتكون قادرة  على التصدي الناجح لالاف المشكلات والتحديات التي تزداد تعقيدا وتشابكا .

كيف يمكن لحكومة ان تنجح ورئيسها يعمل مع وزراء تفرضهم عليه كتل حزبية بناء على اتفاقات لتمرير مصالح ومحسوبيات ومكاتب اقتصادية ؟ الم يشتك رؤوساء وزارات  سابقون انهم لايسيطرون على وزرائهم الذين  ياتمرون باوامر الكتل التي رشحتهم ؟كيف يكون الفساد وضعف الاداء والبلادة وسوء الادارة اذن اذا كان بعض المترشحين للمناصب الوزارية مستعدا لدفع مبالغ طائلة للفوز بالترشيح ؟ماينتشر من معلومات عن استقتال مستفز للهيمنة على بعض الوزارات ، يعيد التذكير بان الطبقة السياسية العراقية لم تتعلم من تجاربها ولم تستفد من مسارات الاحداث في البلاد وخارجها ، وها هي تصر على تقاسم الغنيمة السياسية غير مكترثة لحراجة اوضاع العراق وليست خائفة من مغبة سلوكها البدائي الاستحواذي ،وهذه مؤشرات مخيفة  لاتبشر بخير لهذه البلاد التي تفشل في كل يوم وتغرق في بحر فساد مشرعن ومحمي من السياسيين وجيوشهم المسلحة .

لقد كان كافيا للسياسيين اخذ العبرة من ماحدث في العام الاخير حيث نجحت  مافيات الفساد في  الاستحواذ على الاموال بوضح النهار وبعملية ادارية بيروقراطية دون ان ينتبه احد  ،كما حصل مع امانات هيئة الضرائب ،ليتأكدوا ان الاتيان بوزراء ضعفاء او جباة ماليين لكتل واشخاص نافذين ، سيدمر مابقي من فرص ضئيلة لانتشال البلاد من مصير قاتم  ،وسيطلق حريقا لن يسلم منه احد هذه المرة ....

 

 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك