المقالات

العفّة، طريقنا نحو الكمال..


كوثر العزاوي ||

 

مازال الإنسان بحاجة الى معرفة نفسه ولو بلغ مبلغًا من العلم والحصانة، وإنه لن يرتفع أحد من مُستنقع هذه الدُنيا إلا بالتمسُك بالأئمة الأطهار"عليهم السلام" واتّباع منهجهم الاخلاقي القويم في التعامل والحركة في الحياة وعلى كلّ الصعد وفق منهج القرآن،

وفي زماننا هذا، أفضل يَدٍ تُجيد الرفع وتتقِن الإغاثة هي، يدُ صاحب الزمان المُباركة، الراعي لشؤون العباد سيما الضعفاء منهم الذين لايجدون حيلة ولايهتدون سببلا،

نعم! هو مدرِكًا لهم كلما تعثرت خطواتهم ومغيثهم رغم جراحاته، ولابد له من الظهور والتجلي بتمامهِ ليستبدل كل ذلك بالحق والعدل والطهر والأمان والسلامة والصلاح!!

فما على الإنسان الصالح الذي يعاهد مولاه منتظِرًا كل صباح، ومجدّدًا له البيعة والعقد والعهد أن يتدارك نفسه بالتهذيب والتسلّح بالمعرفة والبصيرة ليبقى قريبًا منه بحسب اختياره الوسائل التي تُشعِره بالمعيّة في كل حين! ولعلّ أقصر الطرق إليه "ارواحنا فداه" هو  {طريق العفة} عبر معرفتنا ووعينا بحقيقةِ أنّ الله "عزوجل" قد أودع في الإنسان جملة من القوى، ومن خلالها يصل إلى كماله وينال منافعه التي أباحها الله له، وكل هذه القوى تتحرك بواسطة تلك الهِبة الثمينة -قوّة العقل- التي يميّز فيها النّافع من الضارّ لكي لا تتّجه قوى الانسان المختلفة وطاقاته المتنوعة نحو الفساد والهلاك، ومن بين القوى "القوة الشهوية" التي تعتَبر نعمة  كالسيف ذو حدّين، وقد جاءت  لحفظ النسل عبر النظام العائلي على أساس أحكام وتشريعات لضمان السعادة والاستقامة للفرد، ولو تُركت متخبّطة بلا تهذيب لانحدَرت نحو الهاوية!! ومما لاشك فيه أنّ طبيعة بني البشر ينشد السعادة والاستقرار النفسي وسكينة الروح،

إذن: ماعلى الإنسان إلا الالتزام بالنظام التشريعي والقوانين السماوية من خلال الحكمة والاعتدال التي تجعل القوّة الشهويّة منضبطة بإرادة صاحبها بدافع قوة العقل، فلا تميل إلى جانب الإنطفاء ولا إلى جانب الهوس والشره! فلا تفريط ولا إفراط! فياأيها الإنسان، أنّ الهدف أسمى من أن تفرّط بما أنعم الله عليك من وسائل الارتياح النقيّة والطمأنينة المقنّنة، وفق قانون السماء الناصع، وبذلك يتحقق الهدف السامي من إخضاع العفة لحكم العقل والشرع من أجل الوصول إلى الكمال، ولعلّ مااوضحه الإمام الخمينيّ"قدس سره" في كتابه جنود العقل والجهل خير شاهد على ذلك حيث يقول:

{لقد قسّم الحكماء أجناس الفضائل إلى أربع فضائل هي:

"الحكمة والشجاعة والعفّة والعدالة"

ومركز انطلاقها من قوتين للنفس هما: قوّة الإدراك وقوّة التّحريك،  والاعتدال في كل واحدة من هذه القوى الأربع وإخراجها من حدَّي الإفراط والتّفريط تعَدُّ فضيلة من الفضائل، ومن هذا المنطلق ندرك

أنّ أي مؤمن يهتم بتهذيب نفسه وتزكيتها لا بدّ له أن يتعرّف على أمراضها أوّلًا ليتخلّص منها، ومن ثمّ يتعرف على أحوالها وفضائلها ليتحلّى بها ثانيًا، وذلك عبر الغوص في بحر آل محمد"عليهم السلام" والانتفاع بغزير عِلمهم ووفرة دُرَرِهم!! بعدئذ سيبصرُ المريد للسعادة طريقه الذي من شأنه الوصول إليه بوعي وإدراك دون الوقوع في مستنقع الرذائل، فضلًا عن التمتع والتزود بما أباح الله له من فيض فضله "عزوجل"، وقد أوضح ذلك في صريح قوله سبحانه:

 

{وَٱبْتَغِ فِيمَآ ءَاتَاكَ ٱللهُ ٱلدَّارَ ٱلْآخِرَةَ  وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِى ٱلْأَرْضِ  إِنَّ ٱللهَ لَا يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ}القصص ٧٧

 

 

٢٤ربيع الأول١٤٤٤هج

٢١-١٠-٢٠٢٢م

 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك