المقالات

العبرة من أزمة أفغانستان

1335 2021-08-17

 

د. علي الطويل ||

 

أغلب التحليلات السياسية التي تناولت الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ،  اسمته الهزيمة الأمريكية من أفغانستان، او هروب الجيش الأمريكي من أفغانستان، وغيرها من المصطلاحات التي تشير في معناها إلى الهزيمة ، ورغم ان ذلك فيه كثير من الصحة، ولكن نحن لانميل إلى ذلك وحده ،بل ان انسحاب أمريكا من أفغانستان هو مخطط مدروس وتهيئة لمرحلة جديدة من الصراعات الدولية ، فدولة أفغانية  مفككة وتسودها الفوضى والخراب ، وتسيطر عليها العصابات التي تبيع خدماتها لمن يدفع أكثر،  وعلى حدود إيران روسيا والصين في ظل هذا الصراع الذي يشتد يوما على يوم هو المطلوب الان .

ولكن التساؤل  ماهي الدروس التي  يمكن أن نستقيها  من أزمة أفغانستان ؟

1. إن أمريكا المحتلة لايمكن الاعتماد عليها في بناء جيش وطني قوي ، إذ أن ذلك خلاف مصالحها تماما ، وتجارب العالم مع أمريكا كثيرة في هذا المجال ، والعراق مثال حي لذلك ، فبناء جيش وطني ذو عقيدة عسكرية وقتالية تكون من قيمه الموت قبل الاستسلام ، وشعاره الاقدام وعدم التراجع وهذا بخلاف مانراه اليوم في أفغانستان .

2.امريكا التي بنيت دولتها  باستخدام القوة في قهر الشعوب  الأصلية، وامريكا التي تغزوا جيوشها بلدان الأرض وتحتلها بالقوة ، لاينفع معها في تحرير البلدان الا القوة والمقاومة ،اما الدبلوماسية والحوار فانها لغة لاتفهمها أمريكا ولاتستجيب لنتائجها بل تخادع فيها كثيرا.

3.كثير من المخدوعين بسحر القوة والاقتصاد الأمريكي ويتعاملون معها على أنها الحامي والغطاء والسور الحصين والجبل الذي يؤى اليه ، فهؤلاء عليهم ان يقراوا مافعلته أمريكا في أفغانستان بشكل جيد  ليكون ذلك عبرة لهم .

4.المبهورون  بشعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي ترفعها أمريكا وبريطانيا والغرب عموما ، وتستخدمها احيانا كسوط تجلد  به اعدائها فقط ، هؤلاء أيضا عليهم ان يشاهدوا مافعله الجيش الأمريكي والبريطاني اليوم مع المتعاقدين والمتعاونين معهم ،ومن عملوا في خدمة مصالح الأجنبي بخلاف مصالح شعوبهم، كيف منعتهم وأطلقت الرصاص عليهم لكي لايقتربوا من الطائرات التي تخلي جنودهم ، وتركوهم حيارى أمام تهديدات القتل والخوف من المستقبل ، دون أن يلتفتوا لما ينادون به من الشعارات البراقة، ولم يوقف طائراتها  تجمهر هؤلاء أمامها وتعلقهم باجنحتها أملا بالهرب مما قد يتعرضون له ، فداستهم الطائرات واسقطتهم دون أن يرف لاحد جفن ، وهذا المشهد قد تكرر في أكثر من مكان في العالم إذ لازالت صورة عملائها الفيتناميين في سنة 1975 عالقة في الاذهان ،

5.ان خديعة 21 عاما في  تدريب القوات الأفغانية والتي استنسختها في  العراق كذلك ، هي عبارة عن اكذوبة كبرى استخدمتها في ادامة وجودها وإبقاء قواتها ، دون أن تبني قوة وطنية فعلا  ، بل جل جهدها هو زرع الاحباط والهزيمة في صفوف الجيش الافغاني  ،وماحدث

هناك منذ انسحاب القوات الأمريكية ، وعمليات الاستسلام المهينة قادة  الجيش الافغاني واسلحته ، ماهو إلا الصورة الحقيقية لنتائج هذا التدريب ( الخدعة) ،

6.امريكا لايهمها أمر الشعوب وإنما  مصالحها في مقدمة كل شيء ، فاليوم عندما تطلبت المصالح الأمريكية أن تترك دولة أفغانستان نهبا لعصابات طالبان ، فانها فعلت ذلك دون تردد،  رغم مزاعمها السابقة كانت  تحرير هذا البلد وتخليصه من طالبان والقاعدة ،والعمل على استقلاله ووحدته ، ورغم خطورة ذلك على السلم والامن في منطقة وسط وغرب اسيا خاصة وعلى كثير من بلدان العالم عموما .

7.ان الحل الوحيد والأكثر نجاعة في حماية البلدان من التدخلات الخارجية والاذناب ، والافضل من بين  كل الحلول هو بناء قوة وطنية مستقلة  بعيدة عن تدخلات المحتلين وسياساتهم المعادية للشعوب، وبذلك وحده يمكن الحفاظ على البلد وحمايته وحماية أمنه واستقراره، فلو كانت تجربة الحشد الشعبي العراقية قد استنسخت في أفغانستان ، لما استطاعت طالبان ان تجتاح هذا البلد ذو الطبيعة الوعرة والمترامي الأطراف بهذه السرعة وبهذه الطريقة ،رغم تسليحها البسيط وتجهيزاتها القليلة.

16/8/2021

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك