المقالات

الشَّعائِر.. رُؤيَةٌ فِي الجَدَليَّةِ  (١)


  نـــــــــــزار حيدر

 

   {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}.

   كلُّنا نعرف، فإِنَّ الشَّعائر جمع شعيرة، ومعنى الشَّعيرة هو العلامة أَو علمُ الدَّلالة، وهو ما يُستَدلُّ بهِ على شَيْءٍ ما.

   وتارةً تَكُونُ الدَّلالة مكان كما في قولهِ تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ} وتارةً تكون شيئاً ما كما في قولهِ تعالى {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ} وتارةً تَكُونُ للتَّنبيهِ أَو لإِلفات النَّظر كما في قولِ رسول الله (ص) {أَمَرَنِي جِبْرِيلُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْإِهْلَالِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ}. 

   والشَّعائر هي أُسلوبٌ سماويُّ للإِمتحان والإِختبار، كما في قولِ الله تعالى {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ} وقولهُ {قَالَ هَٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ* وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ} وقولهُ {قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۚ}.

   وبالمُجمل فإِنَّ الشَّرع، وهو مبنى العُقلاء كذلكَ، أَمر بحفظِ وصيانة الشَّعائر بمُختلفِ عناوينِها وأَسمائِها ومُسمَّياتها ومعانيها ودلالاتها، كما في قولهِ تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} وكذلك ما وردَ في الحديثِ الشَّريف عن رَسُولِ الله (ص) {يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ، حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ، وَلَا صَلَاةٌ، وَلَا نُسُكٌ، وَلَا صَدَقَةٌ}.

   وتزدادُ أَهميَّة الشَّعائر وتتَّسع دائرة مسؤُوليَّة حمايتِها من العبثِ كلَّما كانَ الشَّيءُ المُرتبط بها مُهدَّدٌ بالإِنقراضِ مثلاً أَو يتعرَّض للتَّهديدِ بالإِندراس، وكذلك كلَّما كانَ الأَمرُ مُهمّاً وخطيراً يخصُّ الأُمَّة والمُجتمع ورُبما البشريَّة جمعاء.

   ولذلك نُلاحظ أَنَّ المُشرِّع، مثلاً، إِعتبرَ بعض الشَّعائر واجبة لا يجوزُ التَّهاون بها أَو الإِستغناءِ عنها كونها تحمي بشَكلٍ مُباشرٍ الدِّين وتعاليمهِ وواجباتهِ.

   كما اعتبرَ بعضها مُستحبَّةً مؤَكَّدة لإِرتباطها ودورها في حمايةِ السُّلوكيَّات الفرديَّة والمُجتمعيَّة، وهكذا.

   ولكَون عاشوراء يتلازم معها الأَمران، الأَهميَّة القُصوى وتعرُّضها للحربِ المُستمرَّة وبمُختلفِ الطُّرُق والوسائل في محاولةٍ من قِبَلِ أَعدائها لمحوِها وطمسِها ودرسِها من ذاكرةِ الأُمَّة كخُطوةٍ باتِّجاه إِلغائها نهائيّاً من واقعها، لذلك عدَّ الشَّرعُ الشَّعائر الحُسينيَّة من المُستحبَّات المُؤكَّدة فيما إِعتبرها بعضُ العُلماء والفُقهاء والمراجع الدينيَّة واجبةً في ظرُوفٍ ما.   

   وقبلَ أَن نغوصَ في موضوعِ الشَّعائر الحُسينيَّة تحديداً، والتي يكثُرُ الجدل حولها كلَّ عامٍ مع بزوغِ هلالِ شهر المُحرَّم الحرام، أَودُّ أَن أُشيرَ إِلى الثَّوابت التَّالية، وهي قواسم مُشتركة بين كلِّ ما خلقَ الله تعالى وما أَنتجهُ العقلُ البشري الذي إِهتدى بقوانين وسُنن الخلق ليُبدِع فيُنتج كلَّ ما من شأنهِ المُساهمةِ في تنظيمِ حياةِ النَّاس والرُّقيِّ بها لتحقيقِ السَّعادةِ للإِنسان، والذي أَطلقَ لَهُ المُشرِّع المجال بِلا حدودٍ لتحقيق ذلك شرط الإِلتزام وعدم التهتُّك، كما في قولهِ تعالى {وَأَلَّوِ ٱسْتَقَٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَٰهُم مَّآءً غَدَقًا} إِذ لا يمنع من ذلك إِلَّا الظُّلم والعُدوان.

   أَمَّا الثَّوابت، فهي؛

   *يتبع..   

   ١ تشرِينُ الأَوَّل ٢٠١٩

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك