المقالات

عندما نخرب بيوتنا بأنفسنا


 

تتغير أحوال الأمم, وتتقلب أوضاعها, بين صعود ونزول, فتفقد دورا مهما وحضاريا, فتعمل لإستعادة مجدها الغابر, لكن الأمم العريقة, التي تملك حضارة أصيلة, لا تركع إلا إن فقدت رغبتها بالنهوض. 

تراجعُ الأمم, وفقدانها لدورها الحضاري, حال تمر به جميعا, نتيجة لظروف ومحن تصيبها, أو لفقدانها بوصلة طريقها, أو لغياب القيادات الرشيدة.. ويحصل بسهولة وسرعة مخيفتين, لكن النهوض يتطلب زمنا طويلا, مع توفر ظروف مساعدة, وإرادة حقيقية. 

الهدم والتراجع, قد يكون بفعل خارجي, ومتعمدا ومخططا له, نتيجة لصراع الحضارات وأسباب سياسية وإقتصادية, أو لأسباب تتعلق بالإستعمار والنفوذ, وكانت تحصل عسكريا وبالقوة. 

لم تعد القوة الأن, أداة لهدم الأمم, وظهرت طرق أسهل وأيسر, وأكثر خبثا, من خلال إستخدام الأمة في هدم نفسها.. فيكون الهدم مجانا دون جهد كبير, ومدمرا أكثر, فأهل مكة أدرى بشعابها. 

يقال أنك لكي تهدم أمة, يجب ان تحقق أمورا ثلاث, أولها ان تجعل نسائها, تخجل من جزئية, دورنها كأم وصانعة أسرة ومجتمع وأمة, وثانيهما ان تُفقد المعلم إحترامه, وثالثها أن تسقٌط قدوات الأمة وقادتها, في عيون الناس. 

رغم أن تلك الأمراض موجودة, عند غيرنا لكن الجزئية الثالثة, صارت مرضا خطيرا عندنا.. فلم نعد نحترم أي شخص, مهما كان دوره, ولا نقيم وزنا لأي من قادتنا , مهما كانت تضحيته ومسؤولياته, ولا نعرف كيف نقوم بشكل موضوعي ومعتدل, بل وفقدنا بوصلة الأدب العام, في إنتقادنا فصرنا نسقط قدواتنا, دون تمييز, بين حدود النقد والأدب والأخلاق. 

تمر هذه الأيام ذكرى وفاة السيد عبد العزيز الحكيم.. وهو من القيادات الشيعية البارزة, أمضى زمنا طويلا معارضا, ولا حاجة لذكر التضحيات التي قدمتها أسرته.. ولكن ما يلفت النظر, هو حجم التهجم والتسقيط الذي تعرضه له في حياته, لمواقف إتخذها أو أفكار ومشاريع قدمها, هوجمت بكل قسوة, وشتم وسب لأجلها.. ثم عاد من هاجمه وشتمه, لتبنيها لاحقا؟! 

هو حال لم ينفرد به السيد الحكيم, لكنه تميز عن الأخرين, ببشاعة ما تعرض له من هجوم ظالم, بإزدواجية غريبة, في المواقف مما كان يهاجم لأجله.. لكن ما يميزنا أننا, بعد ما يرحل هؤلاء, نعود ونندبهم ونبكيهم, ونذكر محاسنهم, بل ونضيف لهم أمورا ربما لم تكن موجودة فيهم! 

يقول قرآننا الكريم ((يخربون بيوتهم بأيديهم)), في وصف حال اليهود.. فهل نحن نتبع سيرتهم, ونخرب بيوتنا بأيدنا.. ونهدم أمتنا بما نفعله من تلك القبائح الثلاث؟ 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك