المقالات

العشوائيات والتجاوزات.. وتوزيع الارض للمواطنين


 

العراق كله، او معظمه ملك وزارة المالية، وبقية الوزارات كالدفاع والنفط والداخلية وامانة العاصمة، والزراعة، والصناعة، الخ.. ولقد تجاوز الزمن الفلسفة التي تكمن وراء هذا الحجم من الاراضي والعقارات والمصالح المملوكة من الدولة. التي لا تحقق اية مصلحة لا للاقتصاد ولا لخزينة الدولة، سوى مبالغ زهيدة من ايجارات ورسوم، بينما الجزء الاعظم اراض بائرة، وعقارات خربة ومصالح معطلة. ولا ندري لماذا لا يمتلك المواطنون هذه الاراضي او العقارات والمصالح. فلقد برهن مفهوم "الاراضي الاميرية" الموروث من النظم العثمانية، بانه اكثر انواع الملكيات تخلفاً، ليس في العراق فقط، بل اينما طبق كما هو الحال في سوريا وفلسطين وغيرهما.

كذلك هو حال انتشار مفهوم عقارات الدولة. ففي بغداد فقط هناك 12511 عقاراً للدولة، حسب بعض الخبراء.. وقد يبلغ مجموعها في العراق 250 الف عقار، والله اعلم.. فوجود هذه الاراضي والعقارات بيد الدولة هو اولاً مصدر للفساد، والتجاوز حتى على سندات لملكيات اصولية. فهناك عصابات تعرف جيداً كيف تدخل الى الملفات، وتشطب وتمزق الاوراق وتمنح ملكيات مقابل اموال ورشاوى. وهو ثانياً موضع اشكال وتساؤل قانوني وشرعي، خصوصاً وان الدولة، سواء في الفترة العثمانية او بعد قيام العراق المعاصر، قد وضعت اليد على الكثير من الملكيات بشكل غير شرعي او قانوني.

واخيراً وليس اخراً، فان هذه الاراضي والاصول والموجودات هي ثروة وطنية عظيمة يمكنها ان تكون احد اهم الحلول في اوضاع العراق الصعبة الحالية لاحداث تغيير نوعي في الاقتصاد الوطني، يخدم المواطنين والاقتصاد والدولة على حد سواء، ويساعد في الخروج تدريجياً من الاقتصاد الريعي. فالمواطنون اولى واحق بهذه الملكية من الدولة، وسيكونون اكثر حماية واعماراً لها، وسيوفرون للدولة من خلال الضرائب والرسوم المباشرة وغير المباشرة، اضعاف ما يدخلها اليوم من الايجارات. وسيحرك كامل قطاعات الاقتصاد خصوصاً الزراعية والصناعية والتجارية والعقارية والخدمية، الخ. فالدولة ان لم توزع للمواطنين ما هو حق لهم، فستنتشر العشوائيات والتجاوزات شئنا ام ابينا، وينتشر معها كل ما يرافقها من مظاهر سلبية، كالتربية على التمرد وخرق القانون، والمنشآت الرديئة، والمظاهر السلبية، وظروف العيش السيئة، والبنى التحتية المفقودة، وعيش العوائل في اجواء الخوف والتهديد والابتزاز، وانتشار المحتالين والجريمة، والتي تكلف جميعها المواطنين والمجتمع معنوياً ومادياً الشيء الكثير. وان الاثار السلبية هذه لن تقف بحدود الشرائح المعنية بالعشوائيات والتجاوزات فقط، بل ستنتقل طبيعياً لتشكل ثقافة وسلوك اجتماعي عام. فهناك اليوم، حسب الاحصاءات الرسمية، اكثر من 2.4 مليون عراقي يسكنون العشوائيات، وهذا يشكل 7.7% من سكان العراق.. واكثر من 397 الف مسكن عشوائي. ومثل ذلك يحصل في البساتين والاراضي الزراعية. فهي بين عشوائيات، ومتروك ومهمل، او تتناهبه الايدي، وسط خصومات ومنازعات خطيرة، دون نظام او قانون او سلطة يمكن ان يتحقق منها اي نفع خاص حقيقي، او نفع عام مجدي.

لا حل لهذه القضية سوى بتمليك المواطنين الجزء الاعظم من هذه الاراضي الممتدة من العاصمة والمحافظات الى الحدود مع دول الجوار. والمبدأ ان تحتفظ الدولة ما هو ضرورة حقيقة لعملها، والمستغل فعلاً، والذي يمثل نفعاً عاماً لا جدال فيه.. وكذلك حال العقارات والمصالح وغيرها من ممتلكات فشلت الدولة عن حمايتها وخدمتها بالشكل الصحيح. وان يتم منح ذلك كله اما مجاناً او بسعر رمزي او بسعر استثماري حسب الحالات. وان المفاهيم الاساسية المنظمة لانتقال الملكية من الدولة الى المواطن يمكن تلخيصها:

1- استصلاح هذه الاراضي والعقارات واعمارها واعادة احياءها، حسب مبدأ تأسيس حقوق واضحة للملكية..

و2- ان للارض وظيفة اجتماعية وليس فردية فقط..

و3- ان "الارض لمن احياها". فرقابة المواطنين لاراضيهم وممتلكاتهم ستكون افضل. وسيتسنى اصلاح واعمار هذا الكم الهائل من الاراضي والعقارات وتشغيل ملايين العاملين. وسيبنى التحاسب بين المواطنين والدولة على اسس سليمة ومنفعة متبادلة. فيحصل المواطنون على حقوقهم وعلى مجالات عمل حقيقية، وتحصل الدولة على مصادر مالية تعزز مواردها، وتقلل الاعتماد على النفط.

 

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك