المقالات

على هامش استجواب السيد وزير الدفاع.. جلد الذات وجلد الاخرين


مهما كان النقد الايجابي قاسياً، والاستجواب صادقاً وموضوعياً، فانهما يبقيان عنصري بناء وتصحيح.. ولا علاقة للنقد الايجابي والمساءلة بجلد الذات والتسقيط الذي نمارسه من مواقع المسؤولية او الاعلام او الحراك الشعبي.. بل بات لهذا السلوك سوقه اما لاغراض انتخابية او تسقيطية وشخصية او حتى لاغراض تنافسية وتجارية وربحية. فنحن ندمر انفسنا وندمر غيرنا.. فالكل يدمر الكل.. والكل يقف حاجزاً في طريق الكل.. والكل يعرقل الكل.. فنظريات المؤامرة هي السائدة.. واي مشروع او فكرة او خطة هي فاسدة ابتداءاً.. فنحن لا نحسن الظن بغيرنا، بل لا نحسن الظن بانفسنا ولا نثق بقراراتنا ومواقفنا. فكم من رأي حاربناه ووقفنا ضده، وشخص اسقطناه، ثم عندما ضاعت الفرصة او تغيرت الظروف، صرنا نتبناه ونتباهى بالالتزام به. هذا ينطبق في تقويم الشخصيات والقوى والسياسات المطبقة والنقاشات الدستورية او البرلمانية، والاستجوابات او السياسات الاصلاحية او المواقف من القوى الاخرى او من الدول خارجنا.

لا معنى للنقد ان لم تكن وراءه فكرة بناءة ارقى من الفكرة التي يتم انتقادها.. ولا معنى للاستجواب ان لم يكن صادقاً ويستهدف توضيح حقيقة او كشف خلل.. فلا ندمر ما هو ايجابي لوجود بعض السلبيات، او اعتماداً على شبهات او معلومات غير دقيقة. فالنقد والاستجواب يستهدفان ازالة تلك السلبيات لترتقي الاشياء، وهو ما يمنح النقد ايجابيته والاستجواب معناه. اما الجلد الذاتي وجلد الاخرين وتسقيطهم فهو سلوك الضعفاء العاجزين عن تقديم رؤى وبناءات ومشاريع عملية قابلة للتنفيذ، فلا يبقى لديهم سوى اثارة الفوضى وتسفيه وتسقيط كل شيء، بما في ذلك انفسهم.

قد يعتقد البعض ان هذا مجرد سلوك نفسي.. انه في الحقيقة يتجاوز ذلك الى سياسة وسلاح للانتهازيين والضعفاء واصحاب المآرب الانانية الضيقة.. بل الى سياسة وسلاح بيد الاعداء. فكل شيء مشبوه.. وكل شيء فاسد.. ولا توجد مكاسب وايجابيات.. ولا مخلصين واكفاء.. وكل ما نعيشه سلبيات ومظالم.. وكل الشخصيات مرتشية او غير مسؤولة.. ويجب تغيير كل شيء.. وبالتالي يجب اسقاط النظام القائم، لا للاتيان بافضل منه، بل للعودة الى ما هو اسوء واكثر فساداً وظلماً. فاذا لم نعترف بالايجابيات سيكون من المتعذر معالجة السلبيات، وبناء الجديد. لقد حققنا الكثير من المكاسب على الصعد المعنوية والمادية. ومن ينكر ذلك فهو مغالط ليس الا. فها هي الحوزة العلمية والمرجعية تلعب دورها الاساس.. وها نحن نكتب ما نشاء دون خوف او وجل.. وها هو سجل الحكومة بكل ما له وما عليه.. فتُنتقد الحكومة والمسؤولون اشد الانتقادات المبررة وغير المبررة بكل حرية.. وها هي القوى السياسية والاجتماعية بمختلف انتماءاتها وتوجهاتها تمارس فعالياتها، وتتظاهر وتعقد الاجتماعات وتذهب للانتخابات..

وها هي المؤسسات البرلمانية والدستورية الحديثة التجربة، تسعى لتشريع القوانين وتستجوب اعلى المسؤولين، والتي لا يمنع من تطورها سوى قلة الخبرة وعمليات جلد الذات وتضييع وقتها في المهاترات والاتهامات.. وها ان الناس باتوا احراراً في تنقلاتهم وعباداتهم وسفرهم واقامتهم.. وها ان الحرب ضد "داعش" مستمرة في اتجاهاتها الصحيحة عموماً.. وها قد تحسن مستوى معيشة السكان رغم الزيادة العالية للسكان.. فالايجابيات كثيرة ويمكن الاستمرار بالتعداد مطمئنين ان ما نقوله هو عين الحق.. لننطلق لتشخيص مصادر الفوضى والخلل والثغرات الامنية التي ما زالت تحصد ارواح الكثير من ابنائنا.. والسياسات التنموية والاقتصادية المتخبطة التي عجزت لحد الان في تقديم الخدمات الضرورية لشعبنا ووضع البلاد على سكة التطور.. والتخلف الاداري والبيروقراطية والقوانين البالية التي تهدر الاموال والوقت وتنشر الفساد، وتجعل المواطن ذليلاً عاجزاً امام دوائر الدولة ومؤسساتها، وقس على ذلك.

فالمشي على قدمين، والنظر بعينين، والاستماع باذنين، والكلام بلسان صادق لا يعتدي على الاخرين هو ليس سلوك شخصي بل سلوك جمعي لبناء البلاد ومراكمة المكاسب.. بل هو السلوك المضاد لجلد الذات وجلد الاخرين وتسقيطهم، والذي يفتح ثغرة يصعب ردمها امام التهديدات التي تواجهها البلاد.

 

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك