عادل عبد المهدي
اطلق التيار الصدري عدة مبادرات.. ونزلت جماهير غفيرة منه الى ساحة التحرير في بغداد الجمعة الماضية.. وهناك دعوات للاستمرار في المحافظات وفي بغداد ايضاً، مع مقترحات حول الاصلاحات والتغيير ومستقبل الحكومة ودور التيار فيها. وهذه مبادرات اثارت لدى كثيرين القلق، بينما اعجب كثيرون بها. فكيف يمكن للانسان ان يقييم الامر.
نرى ان المدخل الاساس لفهم ما يجري هو تقييم حركة التيار الصدري التي تجمع بين الثورية من جهة والمشاركة الواسعة في العملية السياسية وفي الدفاع عن البلاد ووحدتها والسعي للخروج من ازماتها من جهة اخرى.. ولاشك ان اية ثورية في ظل العملية الانتخابية والحياة الديمقراطية والدور المحوري للسلطات التشريعية والذي تشارك فيه عشرات الاحزاب والقوى سيثير اسئلة كثيرة ويفتح الباب لترقبات غير قليلة. فالمنهج الثوري وخطابه واساليب تعبئته كان وقد يبقى لفترة طويلة من سمات موقف التيار الصدري.. وهذا حق له، بل هذا سلوك، تتبعه الكثير من القوى في مختلف البلدان.. ولاشك ان هذا سيربك ويقلق كثيرين، لكنه اذا نُظر اليه من زاوية اخرى، فقد يمثل فائدة مهمة لمجمل الوضع السياسي على المسار الطويل وعند النظر للمصالح الكلية. فالمجتمعات فيها تلاوين مختلفة لا يمكن اخفاؤها، والمنهج الثوري هو لون من الوان العمل السياسي المشروع شريطة ان يبقى –في مرحلة الشرعية والديمقراطية والانتخابات والحياة السلمية والمدنية- في اطار القانون والنظام العام.. وهنا اهمية الدور الاخر الذي يلعبه التيار الصدري وهو مشاركته الواسعة مع بقية القوى في الانتخابات وفي السلطات التشريعية والتنفيذية. فهذا الدور كان وسيبقى عاملاً مطمئناً لتطور التيار نفسه، ولمساهمته الايجابية في العملية السياسية والدفاع عن امن البلاد ووحدتها، خصوصاً في الحرب ضد الارهاب ومن وقف او يقف معه. لذلك ليس بدون دلالات ان يأتي التفجير المروع في مدينة الصدر على يد "داعش" والعدد الكبير من الشهداء، بعد فترة وجيزة من المظاهرات الحاشدة التي قام بها التيار.
فاذا صح تشخيصنا اعلاه فان مبادرات التيار الصدري حق له، فهي إن كانت تثير قلق البعض، فهو قلق مشروع لانه سيتذكر اوضاعاً استثمرها البعض لاغراض شخصية ومؤلمة، وكيف حاول التيار لاحقاً معالجتها وطرد تلك العناصر من صفوفه. لكن هذا المبادرات، ما دامت منطلقة من طرف مهم من الاطراف المشاركة في المسؤوليات التشريعية والتنفيذية فانها ستساهم، كما ساهمت مبادرات للتيار في السابق –مع بقية القوى- بحماية الشعب والوطن، ومنع الارهاب او اعداء البلاد من الاعتقاد، ان الازمة التي نمر بها والخلافات التي تعيشها القوى السياسية، تعني انهيار القوى المسؤولة، وفراغاً تستطيع هي ان تملؤه.
نتفق مع الاخوة في التيار في امور عديدة، لكننا نختلف معه في امور اخرى.. ونؤمن ان التيار هو رصيد وطني واسلامي كبير.. وهو شريك في العملية السياسية وفي العملية الامنية وحضور القوى المخلصة في الميدان حتى وان كانت بشعارات او توقيتات او اساليب لا يتفق عليها الجميع. نتمنى على الاخوة في التيار منع العناصر التي تحاول التصيد في المياه العكرة.. كما نتمنى على الجميع فهم هذه الحالات واحتوائها بمنطق، ان لكل قوة منهجاً يمثل خصوصيتها، لكن مجموع المناهج قد يولد التكامل وسد الثغرات.. فالحركة واجواء التعبئة قد تكون مناسبة لتحريك الملفات ومعالجة الازمات بجدية ومتابعة كبيرتين، في اطار القانون والدستور.
https://telegram.me/buratha